13 سبتمبر 2025

تسجيل

أهلاً بمن حضر.. في دوحة المعتصم

16 يناير 2008

أهلا بكل من لبى دعوة الضمير والاستغاثة لحضور قمة الشرف العربي والوفاء العربي (سواء اكتمل النصاب أم لم يكتمل).. أهلا بكم في دوحة العرب.. رؤساء وقادة.. أهلا بكل من استدرك مسؤوليته التاريخية أمام الله والتاريخ والشعب المسحوق المظلوم الذي يتعرض لأبشع جرائم الحرب في هذا العصر.. أهلا بكل من انضم إلى لائحة الشرف في دوحة المعتصم.. دوحة قلب العروبة التي تجمع ولا تفرق، وتنتصر للحق ولا تنحاز لهذا المحور أو ذاك, فدار حمد تستوعب الجميع، ولا تعادي أحدا, مهما تباينت الآراء في الواجب والمسؤولية والأداء. تجمعكم الدوحة اليوم في لحظة تاريخية حاسمة في مصير أمتنا ومستقبل منطقتنا, مما يرفع سقف المسؤولية لموقفكم الواضح والصريح برفض العدوان وإغاثة الشعب الأعزل الذي بح صوته من الاستغاثة, خصوصا أن القمة تأخرت حتى فاضت أنهار الدماء وتناثرت أكوام الأشلاء والجثث والضحايا الأحياء، ورغم حجم المأساة مازالت فرصتكم متاحة لتبني مقررات بحجم الطموح وفقا لما أعلنه حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى من بنود أثلجت صدر الشعوب العربية، وعبرت خير تعبير عن تطلعات كل العرب. أما أؤلئك الزعماء الذين تغيبوا وقاطعوا وهم الذين تحتاجهم أمتهم ويحتاج موقفهم الشعب المذبوح فإننا لا نعذرهم ولا نعفيهم من تحمل المسؤولية, فإذا كانت القضية الفلسطينية وهي قضية العرب المركزية لا تجمعكم فما الذي يجمعكم؟. إن صاروخا بدائي الصنع قد يجرح مستوطنا إسرائيليا أو يصيب عجوزا يهودية بالهلع يكفي ليجمع الغرب والشرق تضامنا مع إسرائيل، لا بل إن بين القادة العرب من كان يسبق الغرب في الإدانة للمقاومين الذين أطلقوا صاروخاً، وبعضهم تفوق على إسرائيل في وصف هكذا عمل بـ "الحقير" ووصف صواريخ المقاومة بـ "العبثية"... لكن قتل مئات الأطفال والنساء والشيوخ بأبشع وأقسى أنواع القتل المحرم دوليا ليس عملا حقيرا ولا إرهابيا ولا يستدعي تحريك أي ساكن.. ترى ما الذي يحرك نخوتكم أيها القادة!!! إذا كانت شلالات الدم المسفوك من شعب أعزل لم يتحملها اليهودي والأوروبي وكل شعوب الأرض لا تستدعي تلبية النداء لقمة طارئة؛ فهل نجد تفسيراً لعقد اجتماعات ثنائية طارئة لإعلان مقاطعة قمة وحدة الموقف والمصير!!! أترى بات إعلان الاختلاف مع الأشقاء أولى من الاجتماع لوقف إراقة الدماء!!! أيها القادة: لنحتكم إلى أي معيار تشاؤون ولنقس الموقف على أساسه، علنا نجد تفسيرا يقنعنا ويقنع الجماهير العربية الغاضبة بمواقفكم المترددة والمنحازة إلى مبدأ تسجيل نقاط ضد هذا الشقيق أو ذاك، وكأن "محرقة غزة" فرصة لتصفية الحسابات وليس لتلبية نداء الواجب وتحمل المسؤوليات. لنبدأ بالمعيار الإنساني الذي يحتكم إليه جميع البشر أو ليست الحرب على غزة جريمة بكل المقاييس الإنسانية؟ ألا تشاهدون الفضائيات؟ ألا تصلكم تقارير المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة عن فظاعة الجرائم الإسرائيلية بحق الأطفال والأبرياء التي تقشعر لها الابدان ويندى لها الجبين فاهتزت لها ضمائر شعوب العالم في أقاصيه البعيدة، وهبت إلى الشوارع رفضاً واستنكاراً لما يحصل، ولم يقتصر الأمر على الشعوب، بل إن زعماء دول وحكومات أمثال الزعيم الفنزويلي والحزب الحاكم في إسبانيا وبوليفيا اتخذوا مواقف جريئة جداً ومشرفة بحكم المعيار الإنساني.. فأين هو معياركم الإنساني؟ لننتقل إلى المعيار الديمقراطي الذي تلقننا أمريكا والغرب دروساً يومية في الديمقراطية وتلزمكم بتقديم شهادة حسن سلوك ديمقراطي لتمنحكم جواز العبور إلى النظام العالمي الجديد, فها هي مئات الألوف من الجماهير في جميع العواصم العربية تطالبكم بالتحرك لوقف العدوان، فهل أصغيتم إلى رأي تلك الأكثرية وهي أبرز شروط الديمقراطية فتثبتوا بذلك أنكم ديمقراطيون طالما أنكم تخطبون ود "اسياد" الديمقراطية، أم أن الديمقراطية هي الكيل بمكيالين متى تعلق الامر بإدانة إسرائيل!! إذا كانت الإنسانية لا تجدي، والديمقراطية لا تجد متسعا لديكم، فماذا عن المعيار العربي؟ ماذا عن ميثاق جامعة الدول العربية؟ وماذا عن ميثاق الدفاع العربي المشترك؟ وماذا عن وحدة الموقف والمصير؟ هل سقطت جميعها وذهبت أدراج الريح؟ هل تخليتم عن فلسطين؟ وهي قضيتكم المركزية التي منذ ان وعينا على الدنيا وأنتم تتغنون بها؟ وكيف نفسر وحدة موقف أوروبا التي لا يجمع دولها سوى وحدة الجغرافيا؟ بينما يجمعكم كل عوامل الجمع في هذه الدنيا والتي نختزلها بعبارة الانتماء العربي، أترى ضاعت كل روابط الأخوة لحساب عوامل الانقسام والتفرقة؟ أما المعيار الأهم وهو المعيار الإسلامي فهل جرى التعامل مع العدوان على غزة وفقا لأحكام القرآن الكريم وشرائع الدين الإسلامي الحنيف والسنة النبوية الشريفة؟ وهل يختلف اثنان على واجب المسلم تجاه شقيقه المسلم!! عودوا بذاكرتكم قبل سنوات عندما فتحتم مكاتب لتجنيد المتطوعين للجهاد ضد الغزو السوفييتي لأفغانستان انطلاقا من واجبكم الإسلامي.. فماذا عن واجبكم تجاه غزة؟. يبقى لدينا معيار التجارة والمصالح وكما هو معلوم أساس التجارة الربح؛ فما الذي تربحونه من التخلي عن غزة وشعب فلسطين؟ ولماذا تباع مواقفكم بأسعار رخيصة ليس لها أي مردود لكم ولشعوبكم ولمستقبل أمتكم؟ أيها القادة: إنني أدرك أهميتكم وقيمتكم ومقداركم ولا يمكن تعويضها أو التهاون بها، لكنني ومعي كل الشعوب نبحث لكم عن عذر أو مبرر، ولذا استعرضنا كل المعايير، فهل لديكم معيار آخر يحل اللغز ويريحنا ويريحكم... أتراه يكون رغبتكم بنبذ العنف ونزعتكم للحلول السلمية، فمن منا لاينبذ العنف وينشد السلام لكن الواقع والتجارب علمتنا أن المجتمع الدولي ليس جمعية خيرية ولا يمنح السلام العادل لمن لا يمتلك القوة وفنون اللعبة السياسية، فهل بإمكانكم تقديم نموذج على امتلاككم لمهارات اللعبة السياسية؟ فالتاريخ العربي حافل بـ "الخيبات" السياسية التي تدار بخلفيات كيدية وليس فيه انتصار سياسي واحد، ربما نجد في حروبكم العسكرية انتصارات تعادل الانكسارات.. كما أن حضرة صاحب السمو أمير البلاد أزال الغشاوة عن كل الظنون والشكوك وقالها صراحة: "لم ندع للقمة لتجهيز الجيوش فنحن لسنا حالمين"، وأوضح كل التفاصيل ووضع النقاط على الحروف فمما أنتم خائفون؟ ولماذا ترددتم في الحضور؟ نسأل الله ان يوفقنا لاكتشاف مبرر واحد يريحنا من هذا الألم الكبير الذي يعتصر قلوبنا لتنازلكم عن دوركم التاريخي. نكرر ترحيبنا بالذين حضروا إلى دوحة المعتصم، ولبوا نداء الواجب والأمة، أما الذين غابوا أو تغيبوا فلا نقول لهم أكثر مما قاله سمو الأمير: "حسبي الله ونعم الوكيل"