14 سبتمبر 2025
تسجيلرغم استنكار "الإخوان المسلمون" للعدوان الآثم على الكاتدرائية المصرية، وعدم تناسبه مع صفائهم وواقع حالهم؛ فإن إعلام "ورقّاصي" الانقلاب يصرون على إلصاقه بهم ويستدعون معه أطنان الشبهات لوصمهم بالإرهاب.ورغم ضآلة وضحالة منطق الانقلاب في ذلك إلا أن ثمة ما يقال عندما يستضاف على فضائياته قوم يلبسون البذلات المدنية ويتقمّصون صورة البحث الموضوعي والتوثيق التاريخي.. وأقول: ليس في أجندة الإخوان اليوم ولم يكن في أي يوم منذ انطلقت فكرتهم قبل ثمانين سنة ممارسة العنف في الإصلاح والتغيير، ولكن الإخوان حركة تقوم على بث الوعي في الرأي العام وتربية عناصر قوية كأنوية صلبة تجسد الإسلام الصافي في واقعها لإحداث نهضة عامة فكرية ودينية ومجتمعية تصل من خلال الإنجازات التراكمية للتغيير الذي قد يكون الإخوان رواده وضابطي إيقاعاته وضامني انفلاتاته.هذه حقيقة يتربى عليها الإخوان وتؤكدها رسائلهم وقراراتهم، وهي التي – للأسف – جرّأت أعداءهم عليهم ماديا ومعنويا كالذي نرى. قد يقال: فلماذا شكلوا التنظيم السري - المسلح - في الأربعينيات بمصر؟ والكتائب المسلحة في الثمانينيات بسوريا؟ ولماذا حسمت حماس خلافاتها مع السلطة وحركة فتح في غزة بالسلاح في 2007؟ والحقيقة أن التنظيم السري في مصر لم يكن موجها للنظام المصري هناك، ولكن للإنجليز ثم لمحاربة العصابات الصهيونية في فلسطين، وقد كانت البيئة السياسية والثقافية المصرية آنذاك تسمح بهذا التشكيل، وقد كان للأحزاب غير الإخوان تشكيلات شبه عسكرية لحماية رموزهم وتهديد خصومهم؛ فحزب "مصر الفتاة" أنشأ فرقة سمّاها "القمصان الخضر" وحزب "الوفد" الذي أنشأ تشكيلا أسماه "القمصان الزرق" نهاية عام 1935، لكن الناقد - غير الموضوعي - يوجه سهامه فقط للإخوان فيما يتغافل عن غيرهم وعن الظرف والاتجاه.وفي سوريا لم يكن للإخوان تنظيم مسلح غير أن ما فرض عليهم من مواجهات مع النظام قد جعل مجموعة منهم سمّت نفسها "الطليعة المقاتلة" تنشق عن الجماعة في العام 79 لتخوض عملًا مسلحًا ومواجهات في سياق انشقاقي كردة فعل عشوائية لا عن قرار مركزي ولا عن تخطيط مسبق.وفي فلسطين تسلحت "حماس" لمقاومة العدو، ولم تتعرض بسلاحها للسلطة، رغم كل ما تعرضت له منها وطاولتها به من صنوف الأذى والمصادرة والتعقب، ويتذكر الشعب الفلسطيني "محمود عباس" وهو يأمر قائد القوة التنفيذية لسلطته بـ"قتل وطخ وضرب" كل من يحمل صاروخا؛ وإذن فهو تسلح لتحصين المقاومة، أما استخدامه فيما سمي "الحسم" فقد كان استباقا للانقلاب الذي حضّره محمود عباس ورفيقه محمد دحلان بالتنسيق مع الأمريكي "كيث دايتون" والذي تحدثت عنه باستفاضة مجلة "فانتي فير" الأمريكية.آخر القول: رواية الإخوان "السلمية مع خصوم الداخل" ثابت ديني وسياسي يشهد له واقع حالهم ومنطق حديثهم؛ هذه حقيقة لا يجادل فيها إلا غشيم بهم أو كاذب مفتر عليهم، وهي سلمية مبدئية تقوم على القناعة والتجربة لا على النفاق والتقية ولا على الجبن والتردد.