11 سبتمبر 2025
تسجيل25/6/2013.. سيظل هذا التاريخ محفورا ليس في ذاكرة شعب قطر، بل في ذاكرة الشعوب العربية. تاريخ ناصع البياض في تسليم راية القيادة لجيل الشباب، من قائد وهو في عز عطائه، وقمة إنجازاته الوطنية، إلى قيادة شابة، بعد أن أهلت لعشر سنوات متتالية في الحكم والإدارة.في هذا التاريخ تسلم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مقاليد الحكم من والده، ووالد الجميع حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، في سابقة غير مشهودة في عالمنا العربي المضطرب.بعد 18 عاما من العطاء، تحولت فيها قطر إلى دولة متطورة، دولة مؤسسات، ذات مرافق حديثة، في كل القطاعات، وذات حضور سياسي بارز على مختلف الأصعدة وفي جميع المحافل.. كانت خطوة سمو الأمير الوالد بتسليم الراية لسمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ليواصل إكمال هذه المسيرة برؤية متجددة، تعزز ما تحقق من إنجازات، وتعقد العزم بهمة الشباب للمضي قدما نحو البناء المؤسسي لهذا الوطن، عبر رؤية وطنية ترتكز على ماض تليد، وحاضر مشرف، ومستقبل واعد، من خلال سواعد أبناء الوطن الذين يمثلون الثروة الحقيقية، وعليهم تراهن قيادة هذا الوطن. لم يكن تاريخا عاديا في ظل العواصف التي تضرب العالم العربي، وفي ظل الاستبداد والقمع من أجل البقاء على الكرسي، ولو تطلب ذلك الجلوس على «جماجم» الشعوب، فسياسة الأنظمة العربية « إما أحكمكم أو أقتلكم».في هذه الأجواء أتت خطوة سمو الأمير الوالد الفريدة وهو منتصب القامة، ليسلم راية هذا الوطن العزيز إلى سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ليواصل الطريق والنهج برؤية هذا الجيل، التي تمتلك في الوقت نفسه رصيدا من التجربة في الحكم والقيادة والإدارة، وهو ما أهلها أن تواصل تحقيق الإنجازات في الداخل والخارج، وعلى أكثر من صعيد، وتجلى ذلك في أكثر من صورة على أرض الواقع كمنجز حضاري لهذا الوطن وهذه القيادة. ◄ بناء دولة المؤسساتمنذ اللحظة الأولى لتولي الحكم أكد سمو الأمير»أن تغيير شخص الأمير في دولة قطر لا يعني أن التحديات والمهام قد تغيرت بالنسبة للدولة»، ليمضي ـ بالتالي ـ قدما نحو بناء دولة المؤسسات، وإعادة هيكلة الوزارات، وهي خطوة بدأت في عهد سمو الأمير الوالد، ليؤكد سمو الأمير هذا التناسق وهذا التكامل في الأعمال والمهام، فقطر تعيش حالة متفردة من البناء المؤسسي في عالم عربي يموج في كثير من الأحيان، وفي أركانه المختلفة، في الفوضى الإدارية، ونظام الفرد، ويغيب بالتالي العمل المؤسسي، وهو ما استطاعت قطر بقيادتها أن تتجاوزه عبر ترسيخ البناء المؤسسي المنضبط.اليوم يكمل سمو الأمير المفدى حفظه الله نحو 500 يوم منذ أن تولى الحكم، رسخ خلالها أكثر، نهجا اختطه سمو الأمير الوالد حفظه الله، وشق طرقا أخرى لتجديد الروح بالدولة ومؤسساتها، والسعي بـ»رشاقة» أكثر للتحديث في مختلف القطاعات، للانتقال نحو مرحلة جديدة تبدأها الدولة والمجتمع، أفرادا ومؤسسات، تواكب من خلاله المستجدات والتطورات، تستفيد من التجارب العالمية الناجحة، وترسخ الإيجابيات، وتعمل لتلافي السلبيات، كل ذلك وفق رؤية وطنية، وخطط مدروسة، واستراتيجيات للارتقاء بمختلف قطاعات المجتمع والدولة، وهو ما تحقق بالفعل عبر إنجازات تسجل على الأرض، إن كانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو ثقافية أو رياضية أو صحية أو تعليمية.قطر تقف اليوم على أرض صلبة، تاريخا وحضارة.. حاضرا ومستقبلا، ليس فقط على صعيد المنجز الحضاري، بل قبل ذلك على صعيد ترسيخ القيم والمبادئ والأخلاق..» فنحن ننطلق من مبادئنا ومصالحنا وكرامتنا ومن مصالح الأمة التي ننتمي إليها وكرامتها»، هذا ما يؤكد عليه سمو الأمير المفدى في كل خطاب أو كلمة أو تصريح قولي أو عملي.شهدت فترة تولي سمو الأمير المفدى الحكم العديد من الإنجازات في الداخل والخارج، إن كان ذلك على صعيد الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل أو النمو المستمر، والذي وصل 2014 إلى 6.3% وهو نمو متقدم عالميا، ويتوقع أن يرتفع العام المقبل حسب توقعات صندوق النقد الدولي، وفي الوقت نفسه تم الانتهاء من مشاريع وبنى تحتية، فيما مشاريع أخرى تم البدء بالعمل فيها، وأخرى تسير وفق البرنامج المعد لها، وهي بالعشرات، فقطر اليوم ورشة عمل كبرى، يتوقع أن تكتمل صورتها في هذه المرحلة مع اقتراب 2020، فغالبية المشاريع الكبرى سيتم الانتهاء منها قبيل هذا التاريخ، وهذا لا يعني أن خطوات التنمية والتوسع والتطور تتوقف عند ذلك، فهناك رؤية قطر 2030، التي ترسم مستقبلا واعدا لهذا الوطن. ◄ الإنسان أساس التنمية البشريةلم تنحصر التنمية على المفهوم العام المتجسد في البناء والعمران، بل سبقه التنمية البشرية التي تركز عليها رؤية قطر بالدرجة الأولى، فكان الاهتمام الأكبر بالإنسان، الذي يمثل أساس التنمية، وهو ما أكد عليه سمو الأمير المفدى في أول خطاب له أمام مجلس الشورى العام الماضي 2013 عندما أكد أن أهداف التنمية بما في ذلك رؤية قطر 2030 تتلخص في ثلاث كلمات: بناء الوطن والمواطن.هذا الاهتمام بالإنسان انعكس في تحسين مستوى المعيشة، فبات دخل المواطن القطري اليوم هو الأعلى عالميا، إذا يتجاوز 100 ألف دولار سنويا، وهو ثمرة اهتمام القيادة القطرية، وتسخيرها كل الإمكانات لتوفير الحياة الكريمة للمواطن.في قطاع التعليم والصحة.. حظي هذان القطاعان باهتمام خاص، كونهما يمثلان مؤشر تقدم أي مجتمع، لذلك تم التوسع في المخصصات المالية في الموازنة العامة لهذين القطاعين في الموازنة الحالية، حيث بلغت مخصصات الإنفاق على قطاع التعليم للسنة المالية 2014/2015 ما قدر بـ26.3 مليار ريال وبزيادة قدرها 7.3% عن الموازنة السابقة، في حين بلغت مخصصات الصحة 15.7 مليار ريال بزيادة قدرها 12.5%، وهذا تأكيد على أهميتهما في الرقي بالمجتمع، وتم التركيز على تطوير الخدمات المقدمة في هذين المجالين، وهو ما انعكس إيجابا في المؤشرات الدولية أبرزها مؤشرات التنافسية الدولية، التي تصدرت قطر الدول العربية، وحققت مراكز متقدمة شرق أوسطية.سياسيا.. واصل سمو الأمير المفدى نهجا سياسيا ثابتا منطلقا من المبادئ والقيم التي تحكم السياسة القطرية في التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية، وهو ما يؤكد من جديد أن هناك عملا مؤسسيا وليس مجرد اجتهادات تتغير حسب المصالح، وربما الانحياز إلى خيارات الشعوب في الربيع العربي خير مثال على انتماء السياسة القطرية إلى قيم العدالة والكرامة والإنسانية والحرية.وفي الوقت نفسه كان تأكيد سمو الأمير المفدى خلال لقائه مع « سي إن إن» في سبتمبر الماضي، على المضي قدما في سياسة الوساطات والمصالحات، كونها الأنسب بالنسبة لقطر، وهو ما استطاعت القيادة القطرية أن تحقق فيه اختراقات نوعية لعدد من الملفات التي ظلت مستعصية على الحل، فكان الإبداع في هذا المجال الإنساني الذي تنطلق منه المبادرات القطرية، التي تنظر للإنسان أينما كان، وتسعى لحفظ روحه وجسده وماله وعرضه.لم تكن قطر لتنجح في هذه الوساطات لو لم تحظ بمصداقية دولية، وتحظ بثقة كل الأطراف، كونها تقف على مسافة واحدة بين الجميع، تبدي رأيها حيال مختلف القضايا بكل شفافية، وهو ما أكسبها كل هذه المكانة، ودفع بالكثير من الدول ممن لديها ملفات عالقة، أو أفراد محتجزين، لطلب دعم ومساعدة قطر في هذا المجال، وربما الوساطات الإنسانية التي قادتها قطر وأوصلتها إلى بر الأمان كثيرة، أبرزها إطلاق الجندي الأمريكي المحتجز لدى طالبان في مقابل إطلاق خمس من رهائن طالبان عند أمريكا، هذا العمل الذي دفع الرئيس الأمريكي للإشادة أكثر من مرة بالدور الذي قام به سمو الأمير المفدى لإنجاح المفاوضات، وإيصالها إلى بر الأمان، وما قامت به قطر للإفراج عن الجندي الأمريكي، إضافة إلى نجاح المساعي الإنسانية التي قامت بها قطر في إطلاق محتجزي اعزاز اللبنانيين وراهبات معلولة وطيارين تركيين في لبنان وعدد من الرعايا الإيرانيين في سوريا وجنود الأمم المتحدة الفيجيين في الجولان.وسياسيا أيضاً استمر الجهد القطري في مساعي الأمن والسلام، والسعي لنزع فتيل أزمات بين أطراف مختلفة، وربما الوساطة القطرية في ملف دارفور الذي لا يزال قائما خير مثال على ذلك، إضافة إلى مساعي المصالحات بين الدول، ومعالجة الأزمات بحكمة بين أطراف متعددة.أما مواقف قطر حيال فلسطين التي تمثل القضية المركزية، وتتصدر القضايا التي تدافع عنها القيادة القطرية في كل محفل، فإنها حافظت على موقع الصدارة، ولعبت قطر الدور الأبرز للتصدي للعدوان الذي تعرضت له غزة هذا العام، وكان للتحركات التي قادها سمو الأمير المفدى منذ اللحظة الأولى للعدوان الإسرائيلي إقليميا ودوليا، الأثر الأكبر في طرح معاناة أهلنا في غزة، الذين يعانون من الحصار الجائر لأكثر من 8 أعوام متتالية، فوقفت قطر إلى جانب أهلنا في غزة لصد العدوان الإسرائيلي.وفي الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي تصدر خطاب سمو الأمير المفدى العدوان الإسرائيلي على غزة، وحيى سموه مقاومة أهل غزة من على منبر الأمم المتحدة، مطالبا بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، الذي يمثل آخر احتلال في العصر الحديث.في ملف غزة سبقت أعمال قطر أقوالها، فطوال السنوات الماضية تبرعت قطر بأكثر من 500 مليون دولار لإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي في مرّاته السابقة، عبر مشاريع تنموية على الأرض، وفي مؤتمر إعادة الإعمار الذي عقد بالقاهرة هذا العام كان موقف قطر متقدما على الجميع، عندما أعلنت عن تبرع بمقدار مليار دولار، فيما أكبر تبرع من دول أخرى لم يتجاوز 200 مليون دولار. ◄ دعم غزة بالوقودهذا عدا دعم قطاع غزة بالطاقة عبر تمويل شراء الغاز لتشغيل محطات الكهرباء أكثر من مرة، ودفع رواتب موظفي غزة أيضاً أكثر من مرة.تعمل قطر ذلك إيمانا منها بواجبها تجاه أشقائها، دون من أو جزاء أو شكور، ليس مع غزة فحسب، بل مع كل الأشقاء والأصدقاء، فقطر تعمل ذلك من منطلق دورها في دعم شعوب وقضايا أمتها في كل مكان.«ستبقى قطر كعبة المضيوم».. عبارة قالها مؤسس الدولة الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني ورددها سمو الأمير الوالد، وسوف تبقى على هذا العهد في نصرة المظلومين. هذا ما أكد عليه سمو الأمير المفدى في الكلمة التي وجهها إلى الشعب القطري بمناسبة توليه مقاليد الحكم، ليؤكد على هذا النهج الذي تسير عليه الدولة منذ المؤسس، جيلا بعد جيل، دون تراجع، وهو ما يجعل منها قبلة لكل مظلوم ومضطهد، ليجد الجوار الآمن في هذا البلد الآمن. ◄ إنجازات مرموقة في كافة القطاعاتوإذا كانت قطر بقيادة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني واصلت تحقيق المزيد من الإنجازات في القطاعات السياسية والاقتصادية والصحية والتعليمية والاجتماعية، فإن القطاع الرياضي هو الآخر كان حاضرا في المشهد عبر إنجازات متتالية، ربما كان آخرها الحصول على كأس دورة الخليج «خليجي 22» التي أقيمت في الرياض، وقبله فوز فريق الشباب بكأس آسيا لكرة القدم والتأهل لكأس العالم التي ستقام العام المقبل في نيوزيلندا، إضافة إلى فوز قطر باستضافة بطولة العالم لألعاب القوى 2019، وتصدرت قطر العرب في دورة الألعاب الآسيوية في كوريا الجنوبية، والحصول على ذهبية اليد الشاطئية الآسيوية.دوليا.. حققت قطر مراكز الصدارة في عدد من المؤشرات الدولية منحتها الصدارة على مستوى الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط، كما احتفظت لنفسها بموقع يشار له بالبنان على المستوى الدولي، وصدارة هذه المؤشرات ليس بالأمر السهل بل هي تتويج لرؤية القيادة الرشيدة في مجالات حيوية مثل الشفافية وحقوق الإنسان والقيادة الرشيدة والأمن والسلم، حيث جاءت قطر الأولى في أقل الدول فسادا في تحويل أموال عامة إلى شركات أو أفراد والأولى في جودة النظام التعليمي المتخصص في الاقتصاد التنافسي. والأولى في استقلال القضاء عن تأثيرات أعضاء الحكومة أو المواطنين أو الشركات. والأولى في نوعية إمدادات الكهرباء والأولى كذلك في جودة مؤسسات البحث العلمي وفي جودة التعليم الابتدائي وفي مدى توافر العلماء والمهندسين والأولى في جودة البنية التحتية للموانئ وفي جودة البنية التحتية الشاملة وفي توفير خدمات البحوث والتدريب المتخصصة وفي شفافية السياسات الحكومية في الشأن الاقتصادي وهي أقل الدول في المدفوعات غير النظامية أو الرشاوى وفي حماية الملكية الفكرية ومكافحة التزييف. ◄ صناعة المستقبلوفي ضوء كل هذه الانجازات التي حققتها قطر في الداخل ، والمكاسب التي جنتها من خلال هذه الرؤى الحكيمة ، والحضور الدولي الفاعل الذي واصلت خطاها فيه خلال العام والنصف ، فان كل المؤشرات تتحدث عن تخطيط مدروس لصناعة المستقبل ، وفق استراتيجيات معالمها واضحة ، وتسير بخطى ثابتة نحو بلوغ اهدافها المرسومة لها .التنمية في قطر باتت اليوم اكثر ثباتا ، بعد ان ترسخت في عهد سمو الامير الوالد ، وتتجه نحو كل القطاعات ، فالامم والدول والمجتمعات التي تنهض هي التي تشهد نهضة وتنمية في كل المجالات ، فلا يمكن وجود نهضة او تطور في قطاع دون آخر ، لذلك نجد سياسات متسقة ، وخطط لاحداث نقلة نوعية في كل قطاعات المجتمع ، والدفع نحو ايجاد منظومة متكاملة ، تعمل معا من اجل تحقيق المزيد من الانجازات على جميع الاصعدة .تنمية تستهدف بالدرجة الاولى الانسان ، الذي هو اساس هذه التنمية ، وتعمل كل اجهزة الدولة من اجله وتسخير كل الامكانات من اجل الرقي به ، لينهض بالتالي المجتمع الذي يعيش فيه .قطر اليوم تصنع المستقبل بقيادة شابة ، تمتلك طاقات وثابة ، وافكار خلاقة ، تضع مصلحة الوطن فوق اي اعتبار ، ورفاهية اهله هدف تسعى له قيادة هذا الوطن العزيز على الدوام