12 سبتمبر 2025

تسجيل

معركة الوعي

15 نوفمبر 2023

لا يختلف اثنان على أن الوعي يشكل حجر زاوية فيما يشهده عالمنا اليوم، من صراع واضح بين قوى الخير والشر، وبين ضوء الحقيقة وظلام الكذب، في الوقت الذي تتجلى فيه آلة الدعاية الإعلامية في أحط صورها، عندما تذهب إلى تزييف الحقيقة، وترويج الأباطيل، ونشر الدعايات المغرضة من جانب مؤسسات إعلامية غربية كبرى، كان يُشار إليها بالبنان في السابق، كونها إحدى المؤسسات العريقة، لتكون وجهة جمهورها، لتسهم في تنوير العقول، وتعميق الوعي، ونقل الصورة بمختلف أبعادها. غير أنه مع سقوط الأقنعة، انكشفت سوءات هذه المؤسسات، حتى في أوساط متابعيها في الغرب، للدرجة التي أصبحنا نسمع ونرى معها استقالات بالجملة لموظفيها، وانتقادات عدة لسياساتها المتحيزة للكيان الغاصب، مقابل غض الطرف عما يجري بحق إخواننا في فلسطين - وخاصة في قطاع غزة- من جرائم غير مسبوقة في التاريخ الحديث، يمارسها كيان لقيط، وبدعم جلي من دعاة الحرية ومناصري حقوق الإنسان!. وفي إشارة واضحة، لدغدغة الوعي، فإن اللافت في سردية هذه المؤسسات الإعلامية نجدها تعتمد على التشويه والافتراء، باستخدام مصطلحات تدعم سعيها لقلب الحقائق ودعم ما تمارسه من محاولات تزييف وخداع لجمهورها، الذي لم يعد ينطلي عليه هذه الدعايات الفجة. ولذلك، شاهدنا تلك المظاهرات العارمة التي تسود دول العالم احتجاجًا وتنديدًا بما يجري من جرائم إبادة بحق أشقائنا في غزة. والمؤكد أن هذه المظاهرات وحالة الحراك الرافض لجرائم الاحتلال، وخاصة من جانب مؤسسات المجتمع المدني، لم يكن لها لتتم من غير حالة الوعي الجمعي الذي يحرك أمثال هؤلاء تجاه دعم الحقيقة، ونصرة الإنسان، وإدراكًا منهم لأهمية أن يصان حق الإنسان في الحياة، دون إغفال كشف الحقيقة وقيمتها لتظل ماثلة للعيان أمام مظاهر الكذب والخداع، وهي القيمة التي لم تعد تشكل أهمية تُذكر لدعاة القيم، ودعم الحرية، وكل من يتشدقون بهما في عالم اليوم، بعد استحضارهم لمقولة تجاوزها الزمن بأنه لا بقاء إلا للأقوى، وأن عالمنا لا ينبغي أن يسود فيه سوى «شريعة الغاب». ووفق هذه المصطلحات التي تستحضرها قوى الغرب اليوم، يسير إعلامها خلفها، دون أن يعبأ بحق الإنسان في المعرفة، إلا من زوايا تخدم مصلحة هذه القوى، وتدعم الكيان الغاصب في مواصلة جرائمه، متمترسًا خلف قوة باطشة، لعلها تحقق أهداف هذا الإعلام في تغييب الوعي، وتهميش العقل، وتزييف الحقيقة، ليتسنى له نقل ما يشاء. ومما يؤسف له، فإن هذه الدعاية الغربية نجحت في تصدير ما تروجه من صورة زائفة إلى بعض الوسائط الإعلامية في عالمنا العربي، لتدور في فلكها، دون أن تدري هذه الوسائط أنها بذلك يلفظها جمهورها، قبل أن يلفظها التاريخ في أبخس نفاياته.