16 سبتمبر 2025
تسجيللا تتعمد اللعب الخشن، ولا تحتج على قرارات الحكّام، وعندما تضيع منك فرصة التهديف فلا تسخط ولا تزمجر ولا تبالغ بالغضب. الحلم يتحقق أمام أعيننا.. اقتربنا من بدء حفل افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022. لا شك ولا ريب أن الحفل المرتقب سيكون فيه تجديدٌ كبير وتطورٌ بديع وتفردٌ لافت أقر به العقلاء والشرفاء وأصحاب النفوس الزكية، وسيشهد له التاريخ جيلاً بعد جيل،(وما علينا من أصحاب النفوس الضعيفة). لقد حانت اللحظات واقتربت الخيرات وهلت علينا البركات، إنها (الساعة المباركة) والأوقات الجميلة التي انتظرناها على مدى 12 سنة وما صاحب تلك السنين من مدٍ وجزر وهرجٍ ومرج وضرباتٍ مباشرة وغير مباشرة من تحت الحزام ومن فوقه ومن أيسرهِ وأيمنه، والقافلة كانت ولا تزال تسير بثقةٍ دون غرور وبثباتٍ دون فتور وبإصرارٍ وعزيمة لا تلين وهمة لا تكل ولا تمل، حتى اصبح الهدف قاب قوسين أو أدنى، فما هي إلا أيام معدودة وتشرق الشمس المرتقبة لتنير الكون كله بإذن ربها وبقدرة خالقها وبتدبيرٍ من عند حكيمٍ خبير، وستكون هذه المرة شمسا دافئة، لها إشراقة منيرة ومميزة جعلت ملايين البشر يركزون أعيونهم فتتوق أفئدتهم لتتيقن عقولهم أن إشراقة شمس بطولة كأس العالم 2022 ستأتي هذه المرة من أفق بلد مبارك، بلد عفيف، بلد مضياف وذي عطاء مستمر بدون منٍ أو أذى وبدون تباه أو مبالغة، ولذلك عقد ملايين البشر العزمَ بل وأصروا على الاستيقاظ باكراً لشعورهم بأنه ليس كلُ شروقٍ شروقا ولا كلُ شمسٍ شمس، فالإشراقة هذه المرة ستكون بنكهة قطرية خالصة، والشمس هذه المرة ستكون بإذن الله صافية، لا لهيب فيها ولا زمهرير بل إنها شمسُ بردٍ وسلام وشمسُ محبةٍ ووئام، شملت الأرض بمن فيها وما عليها من بشرٍ ومخلوقات، بل ان فيضها وخيرها قد شمل الجمادات من مبان وطرقات فأخذت زخرفها واكتست بزينتها فأبهجت النفوس وطمأنت القلوب وحيرت العقول من حينٍ إلى حين. وهنا حانت اللحظة لمخاطبة (جنود) منتخبنا القطري لكرة القدم وتهنئتهم وتهنئة أنفسنا بالفوز مقدماً وبكافة المباريات حتى قبل انطلاقتها فكيف يكون ذلك يا ترى؟ الجواب ببساطة هو أن البطولة على أرضنا وكفى.. نحن الفائزون.. نحن المنظمون.. لقد كسبنا ثقة العالم.. كسبنا احترام العالم.. كسبنا المجد التليد والعز المديد فلم يعد مطلوباً من افراد المنتخب اللعب بتوتر أو بخشونة بل مطلوب منهم فرداً فرداً التخلي عن الضغوطات والتكاتف واللعب الجماعي وبأعصاب هادئة وفنيات عالية دون استهداف اللاعب المنافس لا في جسده كالعرقلة ولا في شخصه كالجدال أو المشاحنة بل التركيز على اللعب النظيف لترك انطباع إيجابي من أجل تأصيل ما كسبناه أرضاً وسكاناً من تبجيل وثقة واحترام، ومطلوب من اللاعبين الأعزاء اللعب بجدية دون تهور وبإصرارٍ دون تهاون، ودون قلقٍ على نتيجة المباراة التي تعتبر تحصيل حاصل، لأن أهدافنا قد تحققت في معظمها، وأصبح هدفنا الأسمى والأبعد هو ترك انطباع إيجابي يكون خيراً فوق خير، انطباع يليق ببلادنا التي حظيت بتقدير ومحبة واحترام العالم أجمع ما عدا أصحاب النفوس الثقيلة وأصحاب القلوب المريضة وأصحاب العقول المشوشة والضعيفة سامحهم الله. نحن الفائزون.. نحن أصحاب البطولة.. فزنا بشرف التنظيم فانعكس ذلك الإنجاز على البلاد والعباد بالفخر والعزة والكرامة والبهجة والسرور وليس من المعقول ولا من المطلوب ولا من المقبول أن يتهور أحد لاعبي منتخبنا فيتعمد اللعب العنيف مما يجعل الجماهير المحايدة تذمه وتمقت ما قام به، فيؤثر ذلك أو يقلل مما اكتسبناه من تبجيل وتقدير وثقة واحترام. خلاص.. (كل شيء تمام)، فنرجو الانتباه إلى أن اللعب بخشونة متعمدة أمرٌ لا يتناسب مع المكتسبات التي أصبحت فعلاً في (مخابينا)، والعنف في الملعب لا يتناسب مع الجهود الكبيرة التي بذلت لجعل هذه البطولة بطولةً خير وسلام... وبطولةً مميزة بكل المقاييس. إذن طالما أن البطولة (بكبرها) عندنا فلم نعد بحاجة ماسة لتحقيق إنجازات فرعية إلا إذا هناك إنجازات إضافية عبر مزيد من الجهود المشروعة الخالية من أيةِ شائبة والخالية من أية عنف أو احتجاجات، مما يجعل الجماهير والنقاد والمراقبين يرفعون لنا (القبعة) ويضربون لنا سلامَ إعجابٍ ومحبةٍ تقدير. واسمحوا لي تكرار القول بأن المطلوب من منتخبنا أن يلعب بأعصابٍ هادئة ويركز على الفنيات واللعب النظيف الذي لا يستهدف الخصم، لان العالم يراقب فإذا حدث أن قام أي فرد من لاعبي المنتخب بتعمد الخشونة أو قام بالاحتجاج على قرارات الحكام فإنه سيترك انطباعاً سيئاً ليس عنه كلاعب وإنما عن بلادنا كاملةً. انتظرنا 12 سنة واليوم نقطف الثمار، ولم يعد هناك شيء يكدر صفو فرحتنا، فالإنجاز اكتمل بمجرد بدء حفل افتتاح البطولة وأما مباريات منتخبنا وعلى أهميتها، فإن المطلوب من (جنود) المنتخب هو الحرص على (بياض الوجه) عبر اللعب النظيف والتنافس الشريف والبعد تماماً عن استهداف اللاعب الخصم بل والاعتذار له بكل وضوح إن حصل تلاحم غير مقصود، فذلك أمر يجعل اللاعب المعتذر في مكانة عالية بعيون الملايين، وقطعاً ستنعكس التصرفات الحميدة على الجميع، وكذلك مطلوب من لاعبي المنتخب عدم إظهار مشاعر الندم المبالغ فيها عند إضاعة فرصة التهديف كما يفعل بعض اللاعبين كأن يصفق يداً بيد بعنفٍ شديد أو يرمي ما بيده ويكشر ويتمتم ويسخط ويزمجر، فترى تعابير وجهه مكفهرة، وكأن لسان حاله يقول أرأيتم أيها المتفرجون... الحظ ما يساعدني رغم أنني احسن لاعب في العالم... الله (يغربل) العارضة... الله (يخرب بيت العمود)... الله لا يسامح الحكم.... إلخ. عزيزي اللاعب... لا داعي لكل ذلك ولا تنس أننا قد فزنا بالبطولة كاملةً وأصبحت لنا وليس علينا، لقد فزنا بها عن جدارة واستحقاق وصمدنا في وجه المبغضين والمشككين صمود الأبطال فلا تتهور وترتكب هفوة تقلل من هذا الإنجاز العظيم. وتقبلوا التحية والتقدير والاحترام.