19 سبتمبر 2025
تسجيلكنا زهاء خمسمائة مناضل من المعتقلين بسبب مقاومتنا للفكر الهتلري، وقد تم تهجيرنا إلى منطقة جلفة في جنوب الجزائر، كانت حراستنا بين الأسلاك الشائكة في معسكر الاعتقال، في الرابع من آذار - مارس عام 1941 نظمنا عصياناً بالمعسكر أثار حفيظة قائد المعسكر وهو فرنسي، وأنذرنا بإطلاق النار إن لم نعد على الفور إلى خيامن، ومضينا في العصيان، فأمر حاملي الرشاشات وكانوا من جنوب الجزائر، بإطلاق النار. فرفضوا! عندئذ هددهم بسوط كان معه، لكنهم رفضوا، وما أجدني حياً إلى الآن إلا بفضل هؤلاء المحاربين المسلمين، وقد أوضح أحدهم لنا سبب ذلك: إن مما ينافي شرف محارب من الجنوب أن يطلق رجل مسلح، النار على رجل أعزل. هكذا تحدث روجيه غارودي عن قصة إسلامه، لم يقرأ ولم يسمع ولم يبحث، إنما كانت لحظات فارقة في حياته، كما هي عادة اللحظات الفارقة في حياة الإنسان. تلك اللحظات التي لها من التأثير البالغ أن يتحول الإنسان من موقف إلى آخر، ومن قناعة إلى أخرى. وفي حالة غارودي، كانت نتائجها دخوله الإسلام.جنود بسطاء، الأصل في عملهم الطاعة العمياء، كما هي العادة المعروفة في الحياة العسكرية لمن يعرفها، نفّذ الأمر أولاً ثم ناقش، والعكس غير صحيح. لكن أولئك الجنود البسطاء، وفي لحظة فارقة مؤثرة في حياتهم، يرفضون الأوامر بكل وضوح، لا لشيء إلا لأنها كانت تمس أخلاق الرجال، بل الفرسان من الرجال، رغم علمهم بعواقب ونتائج الرفض، ولكن مع ذلك، أبوا إطلاق النار على أناس عُزّل، والذين كان منهم غارودي، رحمه الله، الذي قال عنهم في إحدى كتبه إن:" أول احتكاك له في حياته الشخصية بالإسلام، كان احتكاكاً برجال. رجالٌ أُدين لهم بحياتي".