28 أكتوبر 2025

تسجيل

نشر الثقافة الإسلامية في العصر الرقمي

15 نوفمبر 2014

ما هي الفرص التي يقدمها الإعلام الجديد للحوار مع الآخر ونشر الثقافة الإسلامية في عصر تهيمن عليه الصناعات الثقافية والإعلامية الغربية من خلال شركات عابرة للقارات عملاقة وضخمة تتوفر على إمكانيات هائلة وموازنات ضخمة جدا؟ ما هي الفرص المتوفرة أمام المسلمين لاستغلال الإعلام الجديد وخاصة الإنترنت للقيام بالدعوة والتعريف بالإسلام والرد على الصور النمطية والتشويه والتضليل والحملات الدعائية المغرضة؟ هل وظف المسلمون الإمكانيات والوسائل التي يوفرها الإعلام الجديد والبيئة الرقمية لنشر الثقافة الإسلامية؟ فللشبكة العنكبوتية ميزات عديدة تؤهلها للعب أدوار محورية للتحاور مع الآخر ونقل التراث الثقافي والحضاري للعرب والمسلمين للآخر. ما هو وضع الثقافة الإسلامية في ظل العولمة وما هي خصائص المجتمع الرقمي؟ إلى أي مدى عولمت تكنولوجيا الاتصال الجديدة الثقافة وجعلتها أحادية البعد؟ ما هي الفرص المتوفرة لنشر الثقافة الإسلامية في عصر توفرت فيه الوسيلة للجمهور ليكون مستقلا ومرسلا في آن واحد؟ وما هي التحديات التي تواجهها هذه العملية في عصر تحكمه القوى العظمى وتسيطر على صناعة الصورة فيه الشركات الإعلامية والثقافية المتعددة الجنسيات؟ ما هي آليات وسبل نشر الثقافة الإسلامية في العصر الرقمي حيث ضرورة اعتماد لغة العصر وثقافة الحوار والتواصل بين الحضارات وتوفير الإمكانيات والموازنات الضرورية بالإضافة إلى التنسيق بين الجهات المختلفة لإيصال الثقافة الإسلامية إلى المنابر العالمية؟. إن إشكالية نشر الثقافة الإسلامية في العصر الرقمي تتمحور حول الاستغلال الأمثل للوسائل والإمكانيات المتاحة من تكنولوجيات حديثة لوسائل الاتصال ومن وسائط متعددة، فالحضور الثقافي على المستوى الدولي بحاجة إلى مجهودات كبيرة منسقة ومنظمة تخاطب الآخر بلغة العصر وبمنهجية وبعلمية وبمنطق حتى تحقق المبتغى منها، فالمشاركة في التراث الثقافي العالمي يحتاج إلى إنتاج فكري وعلمي ويحتاج إلى جودة ونوعية تستطيع أن تنافس ما هو موجود على الساحة العالمية. مما يعني أن هناك تحديات جسيمة وكبيرة جدا تنتظر العالم الإسلامي في مسعاه لنشر الثقافة الإسلامية. ومن بين أهم هذه التحديات سيطرة "الذين يملكون" على صناعة الثقافة العالمية وكذلك أحادية الثقافة العالمية وهيمنة الشمال على الجنوب. من جهة أخرى يجب الحذر والاحتياط عند الكلام عن الانترنت وتكنولوجيات وسائل الاتصال حيث إن هناك جوانب سلبية ومشكلات عديدة تشوب هذه الوسائل التي تعتبر سلاحا ذا حدين. وتتمثل آليات توظيف الإعلام الجديد في نشر الثقافة الإسلامية فيما يلي:* تشكيل لجان أو هيئات إسلامية عالمية بتمويل من المنظمات الإسلامية العالمية لخدمة الإسلام ونشر الثقافة الإسلامية والرد على أعداء الإسلام عن طريق الإنترنت.* الاهتمام بالإنترنت باعتبارها تقنية اتصال حديثة مهمة وضرورية في هذا العصر، وتوجيهها واستغلالها في خدمة الإسلام والمسلمين وفي نشر الثقافة الإسلامية عبر المعمورة.* التنسيق والتكامل بين جهود الهيئات والمنظمات الإسلامية العاملة داخل العالم الإسلامي وخارجه لتصحيح صورة الإسلام ونشر الثقافة الإسلامية عبر شبكة الإنترنت.* التنسيق بين المؤسسات العلمية والدينية في جميع الدول العربية والإسلامية عبر مواقع الإنترنت لتجنب التضارب والتناقض في الخطاب وفي رسالة الإسلام.* الاتفاق على موقف موحد بين جميع المسلمين أفراداً وجماعات ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات حكومية وغير حكومية إزاء القضايا الإنسانية العالمية بهدف تقديم رؤية واضحة ومبسطة وواحدة تجاه هذه القضايا، خاصة أن هناك العديد من التضارب والاختلاف حول العديد من المسائل الجوهرية في الإسلام مثل ما تبثه بعض الفرق الضالة وبعض المؤسسات الإسلامية في الغرب تفتقر إلى المعرفة الدينية الصحيحة التي تتمتع بها المؤسسات والمرجعيات الإسلامية ذات المصداقية والصرامة العلمية والالتزام.* الاستفادة من الخبرات والطاقات الإسلامية المتوفرة في مجال تكنولوجيات وسائل الاتصال والعمل الإعلامي والثقافي والفكري والعلمي والمعرفي من خلال التنسيق والتعاون والتكامل بهدف وضع استراتيجيات ناجعة للوصول إلى الآخر بأسلوب حضاري وعلمي ومنهجي يتماشى مع متطلبات العصر لخدمة العلم والأخلاق والفضيلة وخدمة الثقافة النافعة والفكر الصحيح وبناء الحضارة ونشر المعرفة.* نشر مبادئ الإسلام وإظهار العقيدة الصحيحة والثقافة الإسلامية بصورة علمية مبسطة وواضحة، وشرح الشريعة الإسلامية بمختلف جوانبها، وإبراز عظمة هذه الشريعة وواقعيتها في معالجة مشكلات الحياة والمجتمع المختلفة، وبيان أن الأخلاق الإسلامية هي الأسلوب الحضاري الواقعي الصحيح للتعامل بين الناس.* التركيز على البحث العلمي وصناعة المعرفة والمشاركة في التراث العلمي العالمي بهدف تسجيل حضور إيجابي وفعال للثقافة الإسلامية في جميع أنحاء العالم من خلال المنافذ الإعلامية والثقافية العالمية الفاعلة والمنتشرة والمسيطرة والمهيمنة في العالم. * بذل الجهود الممكنة لاتخاذ كل التدابير الناجحة وبالوسائل التقنية المتاحة والمبتكرة للحيلولة دون وصول البرامج والملفات والمعروضات الفاسدة والإباحية التي تروج للانحراف والفجور، إلى المشتركين بالشبكة سواء في حدود الاستخدام الشخصي أو على نطاق عام بالإضافة إلى ضرورة التعاون مع الهيئات العالمية لتحقيق هذا الهدف.* الاهتمام بوضع استراتيجيات وخطط عمل مدروسة ومنهجية بهدف تقديم صورة عن الثقافة الإسلامية والإسلام والمسلمين والحضارة الإسلامية بأسلوب علمي ومنهجي وترد على أعداء الإسلام وعلى التشويه والتضليل والصور النمطية التي تُدبر وتٌحاك من قبل المتلاعبين بالعقول وصناع الرأي العام من خلال الصناعات الثقافية والإعلامية العالمية العملاقة. في عالم متعولم تسيطر عليه الصناعات الثقافية والإعلامية الغربية بات من الضروري والحتمي أن تفكر الأمة الإسلامية في استغلال الإعلام الجديد وتكنولوجيا الاتصال الجديدة للتثاقف مع الآخر ونشر الثقافة الإسلامية في ربوع العالم وعبر الوسائل التي تستحوذ على أوقات المشاهدة والاستماع والقراءة ومختلف أشكال التواصل عند الإنسان. ويعتبر الانترنت من أهم الوسائل التي تساعد على دخول الكونية والعالمية والتخاطب والتواصل مع البشرية جمعاء لما تتوفر عليها الشبكة العنكبوتية من مميزات وخصائص كاللامكان واللازمان والتفاعلية وقلة التكاليف وتنوع التطبيقات وسهولة الاستخدام. فالانترنت اليوم، أصبح بدون منازع وسيلة العصر في زمن أصبحت فيه الوسيلة هي الرسالة، لكن التعامل مع الانترنت يتطلب كذلك مهنية وحرفية ومنهجية وتنسيق للجهود حتى يتم تحقيق الأهداف المنشودة. فنشر الثقافة الإسلامية يتطلب التحكم في لغة وثقافة العصر والتنسيق والتكامل من أجل نشر الثقافة الإسلامية وتوحيد الجهود والرد على أعداء الإسلام والتحلي بثقافة الحوار والتواصل بين الحضارات وكذلك الاستثمار في التنمية الثقافية وصناعة العلم والمعرفة وتوفير الوسائل والإمكانيات والموازنات اللازمة التي تحقيق الأهداف المنشودة، لقد حان الوقت لوضع إستراتيجية واضحة المعالم لتوظيف واستغلال تكنولوجيا الاتصال والإعلام الجديد لخدمة قضايا الإسلام وقضايا الأمة وكسب معركة الصورة والرأي العام.