07 أكتوبر 2025

تسجيل

الكلمة السامية والتنمية التي تصبو إليها البلاد

15 نوفمبر 2013

حظيت الكلمة السامية التي ألقاها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى — حفظه الله — الاسبوع الماضي أمام أعضاء مجلس الشورى في افتتاح دور الانعقاد العادي السنوي الثاني والأربعين لمجلس الشورى للعام ١٤٣٥هجريا الموافق 2013م بمقر المجلس في "القصر الأبيض" باهتمام كبير من قبل الجميع محليا ودوليا كونها الكلمة الاولى لسموه امام هذا المجلس منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد هذا الصيف، وكذلك كونها تاتي في ظل احداث وتغيرات في المناخات على الساحة الاقليمية والدولية، كما انها الاولى ايضا امام المجلس بعدما كان مقررا له ان يُنتخب ثلثي اعضائه هذا العام، وهو ما لم يحدث، وتم التمديد لعمل المجلس مدة ثلاث سنوات جديدة تنتهي في العام 2016، اضف الى ذلك ما جرت عليه السنة الحميدة لمثل هذه الخطابات امام هذا المجلس والتي دائما ما جاءت لتحفز على المزيد من العمل والانتاجية والكل يستبشر بها خيرا ويتشوق لها لانها توضح الخطوط العريضة لمعالم السياسيات العامة للبلاد داخليا وخارجيا، كما انها تمثل رؤية شاملة وبرنامج عمل للفترة التي تليها. لقد اتسمت الكلمة السامية للامير المفدى بالشمولية والشفافية وتناولها لكافة القضايا التي تتعلق معظمها بالارتقاء بالوطن والمواطن اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وصحيا وتعليميا وخدميا، ولقد ركز سموه على المشاكل والقضايا التي تمس حياة المواطن باعتباره الركيزة الاساسية لعملية التنمية والثروة الحقيقية للوطن، والمتامل لهذه الكلمة السامية يرى انها قد جاءت مليئة وثرية بالكثير من الدروس والعبر المهمة والرسائل العميقة، والتي يصعب حصرها تفصيليا هنا في اسطر هذه المقالة ولكن يمكن الاكتفاء بالحديث عن لب الموضوع واساسه وهو موضوع "التنمية الشاملة"... نعم انها هذه الكلمة المفتاح التي وصفها سموه بانها كانت، وما زالت، هي الشغل الشاغل للقيادة الرشيدة، والتي اوضح سموه معالمها بقوله (...فنحن نعتبر بناء المؤسسات التي تقوم على الإدارة العقلانية للموارد، والمعايير المهنيّة، ومقاييس الإنتاجية والنجاعة، وخدمة الصالح العام من جهة، والحرص على رفاهية المواطن، وتأهيله للعمل المنتج والمفيد، وتنشئته ليجد معنى لحياته في خدمة وطنه ومجتمعه من جهة أخرى، وجهين لعملية التنمية التي نصبو إليها.)، اذا انها تلك التنمية المتكاملة والمتوازنة والتي بدأها سمو الأمير الوالد — حفظه الله — ويواصل مسيرتها سمو الامير المفدى، انها تلك التنمية التي تراعي الصالح العام متمثلا بالانتاجية والادارة العقلانية، ولا تغفل عن الصالح الخاص متمثلا برفاهية المواطن وتاهيله، ولقد صدق سموه عندما لخص أهداف التنمية هذه بما في ذلك رؤية قطر 2030، بثلاث كلمات هي بناء الوطن والمواطن، والحقيقة ان السياسة الحكيمة التي تنتهجها القيادة الرشيدة للوصول الى تلك التنمية الشاملة تعتمد على التكامل والتوازن في شتى المجالات والمستويات والاصعدة وليس فقط في مجالي الصالح العام والشخصي، وانما ايضا على المستوى الفكري والثقافي حيث نرى ذلك واضحا في سبيل سموه إلى إقامة الدولة الحديثة التي تستجيب لمتطلبات العصر، وتحقق لقطر المكانة الرائدة التي تصبو إليها، وللشعب القطري مستوى العيش الكريم الذي يليق به، وذلك من دون أن تتخلى عن انتمائها القطري والعربي الأصيل وعقيدتها الإسلامية السمحاء، وقول سموه انه لا تناقض بين التطور والأصالة خير دليل على هذا التوازن المحسوب. ومن اكثر الجمل الرائعة التي حملتها الكلمة السامية والتي بها الكثير من الدروس والعبر البليغة انوه بما نبه اليه سموه في قوله: — (...ولكن كما سبق أن قلت في خطابي الذي وجهته لإخواني القطريين عند تولّي مقاليد الحكم، إن العبرة تبقى في النتائج. ولكنني أقول في الوقت ذاته، إنه لا يجوز أن نخدع أنفسنا. فهذا أسوأ من خداع الآخرين، لأن من يخدع نفسه يسد أمام نفسه الطريق لإصلاح الأخطاء. ومعيار النجاح في مجالات التنمية البشرية من صحة وتعليم وثقافة ورياضة وغيرها لا يقاس بحجم الاستثمار فحسب "ونحن لن نقصّر في هذا إن شاء الله" بل تكمن العبرة في العمل بنجاعة وإخلاص، وفي المُخرجات والنتائج.)، وبجملة سموه هذه رسائل مهمة كثيرة منها ذكر سموه ومخاطبته للشعب القطري بقوله "إخواني القطريين" وفي هذا القول دلالات عميقة مفادها قرب القيادة من شعبها وكذلك التاكيد على العلاقة الوثيقة بينهم، كما تدل ايضا على تعزيز مفهوم الشراكة في تحمل المسؤوليات للوصول لاهداف التنمية المرجوه للبلاد، الشراكة بمفهومها الاوسع والذي يشمل الجميع المواطن والدولة والقطاع العام والخاص والاهلي وكافة مؤسسات وامكانيات الوطن، كما ان ربط سموه معيار النجاح في مجالات التنمية بالمخرجات والنتائج وليس فقط كما يفعل الكثير من الاقتصاديين والمحللين المختصين في الشرق والغرب بربطه بحجم الاستثمار، يؤكد النظرة العميقة والثاقبة لسموه الكريم وحرصه الشديد في التاكد من تحقيق هذه التنمية الشاملة التي يصبو اليها هذا البلد العزيز، وفق الله سمو الامير وسدد خطاه واعانه على ما يصبو اليه. موجة اخيرة.. ان عملية التنمية الشاملة ليست بالموضوع اليسير والذي يمكن تحقيقه في ليلة وضحاها، وانما هي عملية مستمرة شاقة ومعقدة تحتاج الى تكاتف الجميع لتحقيقها كما اوضح سمو الامير، وعلينا جميعا ان نضع كلمات سموه نصب اعيننا وان نعيها تماما ونكون في مستوى التحدي والمسؤلية.