20 سبتمبر 2025

تسجيل

هل الأزمة في سورية طويلة وصعبة؟ ومن المسؤول؟

15 نوفمبر 2011

هل صحيح أن وضع الأزمة السورية، معقد جداً وأن مشوار التحرير من الاحتلال الأسدي طويل وصعب أم أن هذا الأمر مبالغ فيه؟ إننا إذا جرينا على سكة التاريخ الواقعية وعرفنا السنن الكونية في مجريات الأحداث والظروف المضطربة التي يعيشها البشر خلالها مضطرين أدركنا أن أي أزمة في النزاعات المسلحة أو السلمية مثلا لابد لها من أبعاد يجب أن يقف المتابع حيالها متأملا في ماهيتها، وحال زمنها ومكانها البيئي وأشخاصها موضوع الصراع، والمنهج المتداول تعاطيه لحل الأزمة، فإذا ما وقفنا أمام الحالة السورية اليوم وهي حالة انتفاضة شعبية هبت بلاشك نتيجة للظلم المتراكم في البلاد والذي جاء بشار الأسد امتدادا لوالده فيه بكل ما يحمل من فوقية وعنجهية، وتجبر وطغيان عجيب أوصل الشعب الحرفي الشام إلى حافة الهاوية وهزئ بالحقوق الإنسانية وإلى درجة أصبح المواطن الأبي رافضاً للذل والخداع والفساد والإفساد ولم يعد تقنعه حتى تلك الخطابات التي صدرت وتصدر ممن يدعون العلم الشرعي وتوجيه الأمة إذ رآهم أبواق نفاق وشبيحة يقطعون طريق الخلق عن الحق ويوافقون هذا السلطان باستئصاله لأي معارضة دون تعايش أو استيعاب وإذ أطل الربيع العربي على تونس ومصر وليبيا واليمن وجد الأحرار سبباً آخر لانتفاضتهم وهو ضرورة الجري على سكة التغيير طلباً للحرية والمساواة والعيش الكريم ضد الحكم الفردي الاستبدادي الشمولي وزاد من حنقهم التوارث الجمهوري الذي بدأ بسورية دون مبرر حقيقي يذكر من كفاءة أو صدق في التوجه إلى بوصلة الحوار والتآخي والعدالة بل كان الانحياز للعائلة وبعض الطائفة هو المحرك الدائم لسير آلة القهر وبدا السياسي الجديد لحكم سورية، إما أن يتكلم بآلاف الكلمات التي لا تعبر إلا عن الثرثرة التي تدعو إلى الامتعاض أو يسكت عن شيء فكأنه يقول لك قولا، وبالطبع لا يصيب غالبا إلا في الإجابة السلبية حسب هواه ومنطق العائلة وبعض الطائفة، وكل ذلك مرده إلى ضعف البصيرة واحتقار الآخرين، لقد هب الثوار بحركتهم السلمية تماما وقدموا ومازالوا ثمنا للحرية آلاف الشهداء بالرغم من ادعاء النظام أنها ثورة مسلحة ولابد من مجازاة أصحابها بالدم وكل أنواع القمع وها هم الأبطال صابرون بجميع أطيافهم وفئاتهم وأعمارهم ومن النساء والأطفال وقد باتوا يعرفون اليوم أن المشوار طويل في تقديم الأضاحي على مذبح الحرية أمام وحوش ضارية لا تعرف للدين ولا للأخلاق ولا للمروءة والرحمة مكانا إنهم باسم حراسة الوطن.. والوطن منهم براء.. فما هم إلا طغمة تبحث عن بقاء الكرسي وسيادة الكرسي والنهب والسلب باسم الوطنية، أي مصداقية وطنية لخائن يقتل الشعب ولا يعمل على حماية المدنيين، بل يذبحهم كالخراف ويستأصل كل الأعيان المدنية بالهدم والحرق ومنع الغذاء والدواء عن الشعب ولكن الذي يجب أن نؤكده وننصح به الأبطال في سورية هو الصبر والمصابرة والاصطبار والإصرار على هذه الثورة حتى تؤتي أكلها وإن طال الأمد: لا تحسبوا ثورة الأحرار غايتها تنال في هبة من وقتنا الساري لكنها هي مد ثم يعقبه جزر فيعقبه مد بمقدار نعم الطريق طويلة ولكنها هي الوحيدة الموصلة إلى بر الأمان وبلوغ المنى، وكلما زادت التضحيات فليعلم الأحرار أنهم في المسار الصحيح فلا ثورة دون تضحيات وليعلموا أنهم على الحق وكما قال علي رضي الله عنه: دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة ومن صارع الحق صرعه، ومن سل سيف البغي قتل به لأن "للحق لا للقوة الغلبا" وصاحب سلطان وصاحب الباطل جبان والحق والحقيقة كالنحلة في جوفها عسل وفي ذنبها إبرة كما قال باسكال، وهذه هي الثورة بمرارة مذاقها وحلاوة شهدها وهذا هو درب المعالي محفوف بالمخاطر والأشواك لا الورود والرياحين، إنها معركة طويلة نعم للنظام الخاسر والمعارضة الرابحة في النهاية إذ أن النصر في النهاية لمن يحتمل الضربات ويمتصها ويدافع عن دينه وعرضه وشعبه لا لمن يضرب دون وجه حق وعقل وعلى هذا تجري السنن مهما تشدق النظام وحلفاؤه الإقليميون والدوليون الموتورون، ولو ظنوا أن شعلة الحق والحقيقة سوف تنطفئ بمواصلة القمع الرهيب فأين هم من قول أبي ريشة: لا يموت الحق مهما لطمت عارضيه قبضة المغتصب إن الأمر في خطب سورية ليس معقدا على من سهله الله عليه بل هو معقد بالنسبة للحكومة الظالمة التي لا تعرف أين وكيف تتوجه حقيقة لحل الأزمة، وهو أسهل من أكل التمر وشرب الماء عليها لو أنها رجعت عن غيها وصالحت شعبها وتابت وأنابت وحاسبت الجناة وعلى رأسهم القاتل بشار وأخوه ماهر، ثم عوضت المتضررين وحافظت -إن كانت تدعي الوطنية - على سيادة الوطن وهي التي تزعم الممانعة والمقاومة أجل إنها كذلك لسحق شعبها وليس الصهاينة المحتلين والأمر أيضا ليس معقدا عليها إن استجابت لمبادرة الجامعة العربية التي وافق فيها تسع عشرة دولة عربية مقابل العراق الذي امتنع عن التصويت ولبنان المنحازة إلى القاتل لاشتراكها في الهدف، حيث إن حزب الله الذي يحكم اليوم واليمن غير السعيدة لأنه يواجه المصير نفسه الذي يواجهه حكام دمشق. وإن فرض العقوبات السياسية والاقتصادية على النظام في قرارات الجامعة أمس 11/13 لهو دليل على غي هذا النظام واستكباره، وإن طلب حماية المدنيين من قبل هذه الجامعة الذي نؤيده ونؤيد أي حماية لهم كذلك من منظمة التعاون الإسلامي.. إن هذا ما قد يؤدي إلى حل الأزمة إن استجاب النظام وإلا فلا تلوموا الأمم المتحدة إذا أقرت حماية المدنيين ودخلت بلادنا، فسورية عضو فيها ويجب حماية شعبها، ثم حتى لو جاء التدخل العسكري الذي ليس فيه احتلال وضرب مواقع النظام وخلص الأمة منه فليس عجبا لأنه هو السبب الرئيسي في مجيئه إن الأزمة طويلة وقصيرة والحكيم اللبيب هو من يتعامل معها بالشرع والعقل.