15 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الشعب...، أي شعب في العالم عندما يرضخ لظروف قاهرة لإرادته وأمانيه وتطلّعاته، لا يعدم الوسيلة للتخلص من الظلم والقهر والتسلط المنفرد أو الجمعي، عبر الثورات بكل أشكالها وصورها، أو الاحتجاجات، ومن ذلك أيضا الاعتصامات والعصيان المدني، والإضرابات، وغير ذلك من المظاهر وردود الفعل الشعبية. مع انسداد آفاق التسوية مع (إسرائيل)، وفشل نهج المفاوضات، الذي اتبعته منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة وحزبها حركة فتح، ارتفعت مجددا أصوات الشبان الفلسطينيين، فنظّموا حملة من المظاهرات والمسيرات انطلقت في 15 مارس عام 2011، وتلاحقت على فترات متباعدة في كل من مدن الضفة الغربية وقطاع غزة للمطالبة بإنهاء الانقسام بين قطبي الثنائية الفلسطينية، حركتي فتح وحماس، منها مجموعات وتكتلات وائتلافات شبابية، أطلقت على نفسها اسم (شباب 15 مارس)، وما أطلق عليه (جيل أوسلو)، والملتقى الوطني (أنا فلسطين) الذي نظّم مؤخرا اعتصاما في بلدة أبو ديس بضواحي القدس، تحت شعار(استمرار الانقسام وصمة عار في جبين الشعب الفلسطيني). هذا الانقسام الذي ارتبطت أسبابه بعراقيل الانتقال السلمي للسلطة بعد فوز حركة حماس بأغلبية المقاعد في الانتخابات التشريعية في العام 2006، غذّتها أمريكا وإسرائيل وبعض دول الاتحاد الأوروبي، إلى جانب أنظمة عربية رسمية، أفرز حكومتين بسلطتين سياسيتين وتنفيذيتين في الضفة الغربية وقطاع غزة، إحداهما تحت سيطرة حركة فتح، والأخرى تحت سيطرة حركة حماس.طالب الشبان الفلسطينيون في بيان منشور على وسائط التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر.. إلخ) بحل جذري للوضع الراهن يبدأ بإخراج كل الأسرى السياسيين والمعتقلين من سجون حركتي حماس وفتح، وبإجراء انتخابات مجلس وطني جديد بمشاركة كافة المكونات السياسية للشعب الفلسطيني داخل الوطن المحتل وفي الضفة الغربية وقطاع غزة، فلسطينيي المخيمات في الدول العربية، وفلسطينيي الشتات حول العالم، وبوقف كافة أشكال الحملات الإعلامية من الطرفين، واستقالة حكومتي إسماعيل هنية في غزة وسلام فياض في رام الله للتمهيد لحكومة وحدة وطنية متفق عليها من كافة الفصائل الفلسطينية. وشددوا على وقف أو تجميد المفاوضات مع (إسرائيل)، كما طالبوا بإنهاء الفساد والعمل على الإصلاح السياسي والاقتصادي، ووقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله مع إسرائيل، والعمل على إنهاء حصار قطاع غزة وإعادة إعمار مدنها ومخيماتها، وفتح المعابر، كما طالبوا بانتخابات حرة ونزيهة، واقتصاد حر مستقل.مجموعة هذه المطالب المتدرّجة التي حوتها صفحات الإنترنت حينها، مع اندلاع الاحتجاجات والمسيرات في العديد من المدن الفلسطينية الكبرى، فاجأت السلطة الفلسطينية، كما كان مفاجأ بذات القوة والقلق لقيادتي حركتي فتح وحماس من اتساع نطاق الحراك الشعبي، خاصة أن الفضاء العربي المحيط بفلسطين متخم بالأحداث المتسارعة وبالاحتجاجات العارمة مطلع العام 2011، أي ما سمي بثورات الربيع العربي (الثورة التونسية والثورة الليبية وثورة 25 يناير المصرية التي أطاحت بالرؤساء زين العابدين بن على ومعمر القذافي وحسني مبارك).كما أن من مظاهر المشاهد التي تستدعي القراءة، حملة (وطنيون لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية)، حيث عقد القائمون عليها، وينتمون إلى شرائح اجتماعية مختلفة، فنانون ومثقفون وحقوقيون ونشطاء سياسيون ومدنيون، رجال ونساء، وشباب، وشخصيات دينية، جمعتهم قضية واحدة، وهي قضية المصالحة الوطنية، وإنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة السياسية والديمغرافية بين الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، مؤتمرا موسعا في طولكرم، تمخّض عن تشكيل لجنة دائمة ومسؤولة للمتابعة.. والسؤال أين هي هذه اللجنة، وماذا جنت؟وسجّل الرصد في هذا الصدد، عقد مؤتمر نقاشي لمركز مسارات للدراسات الإستراتيجية في مدينة البيرة بالضفة الغربية المحتلة بداية شهر أغسطس الماضي، بعنوان (نحو رؤية شاملة لإعادة بناء الوحدة الوطنية) بمشاركة مواطنين من مختلف الشرائح في جناحي الوطن الفلسطيني عبر نظام (الفيديو كونفرنس)، وشارك فيه أيضا ممثلون عن المخيمات الفلسطينية في لبنان، طرحت خلاله ما خلاصته "ما العمل" لتحقيق الوحدة ومواجهة الانقسام السيئ الذكر والصيت والسمعة، والذي يمكن اعتباره بمثابة النكبة الثالثة أو الرابعة؟بدا الأمر في المشهد الفلسطيني كما ذكرت مفاجئا، من حيث هوية الحراك الشعبي، فنحن لا نتحدث عن وسيط بين طرفي الانقسام، بل عن مكونات أصيلة للشعب الفلسطيني، بمختلف توجهاته الفكرية والسياسية، وتحظى بمكانة اعتبارية عمّدتها بصمودها الأسطوري على أرضها، ونجاحها الفائق في حفظ هويتها الوطنية، ونضالها الذي لا يتوقف لانتزاع حقوقها الوطنية من سلطات احتلال استعماري متوحّش.وبالعودة إلى نتائج النقاشات التي دارت في المؤتمرين المذكورين، فقد كانت التصريحات المتباينة لكل من حركتي حماس وفتح واضحة، فكل طرف حمّل المسؤولية للأخر، مما يوحي بعدم رغبتهما التخلي الطوعي عن الانقسام، وفقا لمجمل تعليقات وآراء المشاركين، وأجملها الكاتب والصحفي الفلسطيني برهوم جرايسي فيما يلي:1) المتابع للأوضاع الفلسطينية يلاحظ أنه كلما تم تشكيل لجنة للحوار بغرض إنهاء الانقسام، تعمّق أكثر، واتّسعت الفجوة بين الطرفين.2) البعض داخل قيادة منظمة التحرير، والسلطة الفلسطينية، وفصائل العملية السياسية، تتجه كلها نحو مأسسة الانقسام وإدارته.3) ليس هناك مصلحة للطرفين الرئيسيين في إنهاء الانقسام، فلكل منهما باتت له منافع ومصالح وامتيازات أما شخصية أو حزبية لا يمكن أن يتخلى أو يتنازل عنها بسهولة تحت أي مسمى أو عنوان.4) الاتهامات الحادّة والمتواصلة بين حركتي فتح وحماس حول الاعتقالات المتبادلة بين الطرفين في القطاع والضفة، لا تؤشر إلى وجود الرغبة لديهما في إنهاء الانقسام.وتحت الضغوط الشعبية المتصاعدة. وقّعت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في القاهرة يوم 27 أبريل 2011 بالأحرف الأولى (وثيقة الوفاق الوطني للمصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني) برعاية مصر لإنهاء حقبة الانقسام الفلسطيني بعد أكثر من أربع سنوات من الانقسام، أي منذ يونيو 2007، ومهّدت الوثيقة (الاتفاق) لإقامة حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات عامة، فعمّت الفرحة والابتهاج الكل الفلسطيني، وسادت معالم الابتهاج والفرح بين الأوساط الشعبية، ورفعوا العلم الفلسطيني ورايات حركتي فتح وحماس جنبا إلى جنب.وفي شهر أبريل من العام 2011، وقّعت باقي الفصائل الفلسطينية في القاهرة على (وثيقة الوفاق الوطني للمصالحة وإنهاء الانقسام)، والتي كانت رافعة لكل اللقاءات والحوارات اللاحقة في كل من العاصمة القطرية (الجلسات الحوارية بالدوحة)، وبنود اللائحة التنفيذية للقاء مخيم الشاطئ في غزة.واجهت سلطات الاحتلال الإسرائيلي هذه الخطوة من جانب الفلسطينيين على طريق المصالحة وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني بالرفض، وحينها نقلت صحيفة (هآرتس) عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه ومستشاريه أجروا محادثات مع الإدارة الأمريكية وجهات دولية أخرى لإحباط احتمالات المصالحة الوطنية الفلسطينية، والضغط على رئيس السلطة محمود عباس كي يمتنع عن تشكيل حكومة وحدة وطنية مع حماس، وقال نتنياهو في مقابلة مع شبكة (سي أن أن) التلفزيونية الأمريكية يوم الأربعاء 16 مارس أن الفلسطينيين في فتح يتحدثون الآن عن وحدة وطنية مع حماس التي "تدعو إلى القضاء علينا"، وقال "على السلطة الفلسطينية الاختيار بين السلام مع إسرائيل أو السلام مع حماس"، كما طالب حزب (إسرائيل بيتنا) الحكومة والمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية بقطع كافة الاتصالات مع السلطة الفلسطينية. أما الولايات المتحدة فردّت بفتور على الاتفاق، ووصفت حماس بأنها منظمة إرهابية،وقالت إن أي حكومة فلسطينية لابد أن تنبذ العنف،مشددة على مواقفها السابقة،وهي اعتراف حماس بإسرائيل،وهي مواقف أعلنتها واشنطن مرارا في عهد الرئيس السابق جورج بوش.على مدى الأعوام الماضية، أي منذ العام 2011، بعد انهيار اتفاق المصالحة، وما سمي (وثيقة الوفاق الوطني للمصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني) برعاية مصر في ذلك العام، بسبب التجاذب الداخلي بين مصالح قيادات متنفّذة (جماعات المصالح)، التي نمت وترعرعت على مخرجات الانقسام السوداء، ومكاسب الحرس القديم ومناصبه وامتيازاته في حركتي فتح وحماس، وضغوطات خارجية وقفت وراءها (إسرائيل وأمريكا)، وتدخلات من بعض الأنظمة العربية الرسمية، وقف الشارع الفلسطيني، والأغلبية الصامتة، في حيرة من أمر القيادات السياسية.دبّت الروح مجددا لدى الشبان الفلسطينيين والمثقفين ورجال الفكر ومنظمات المجتمع المدني، فتحرّكت في مظاهرات ومسيرات احتجاج عمت شوارع المدن في الضفة والقطاع مطالبة بوضع اتفاق المصالحة حيّز التنفيذ، وتحديدا عقب جولات الحوار الفلسطيني الثلاث بين قطبي الانقسام التي استضافتها دولة قطر بداية العام الجاري، وركام المبادرات والاتفاقات والتفاهمات التي سبق وأن أبرمت في حوارات القاهرة والدوحة وغزة وغيرها، بالتوازي مع مظاهر التصدّي لقوات الاحتلال ووحشيتها ومصادرة الأراضي والتغوّل الاستيطاني بكافة صوره وأشكاله، إلا أن قساوة وضراوة تعامل الشرطة الفلسطينية وأجهزة الأمن في الضفة الغربية قمعت الحراك الشعبي، وكذلك الأمر في قطاع غزة حيث لم يكن تعامل شرطة حماس وأجهزتها الأمنية بأقل قسوة وضراوة.هذا الحراك الجماهيري الفلسطيني فشل، وسبب الفشل، كان غياب الشمولية والتنظيم والتنسيق وعدم بروز قيادة موحّدة لإدارة هذا الحراك وتطويره إلى انتفاضة سلمية بشعارات وطنية قوية ومحدّدة وواضحة، تماما كما حصل حين اندلعت انتفاضة الأقصى في العام 2000 ضد الاحتلال، وقبلها انتفاضة الحجارة.الانقسام بين قطبيه، فتح وحماس، سيستمر، إلّا إذا مارس الشعب الفلسطيني بكل مكوّناته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، داخل الوطن المحتل، وفي دول الشتات والاغتراب، ضغوطا جدّية، منها، أولا، عقد مؤتمر شعبي موسع يمثل الكل الفلسطيني تحت شعار(المصالحة الوطنية أولا)، على قاعدة ما تم التوصل إليه في لقاءات القاهرة والدوحة ومخيم الشاطئ بغزة، على مرحلتين، الأولى داخل الوطن الفلسطيني، والمرحلة الثانية لفلسطينيي الخارج واللاجئين في عاصمة عربية برعاية جامعة الدول العربية لنفس الهدف، ثانيا، تكليف شخصيات وطنية مؤثّرة من المشاركين لعرض النتائج والمطلب الوحيد على السلطة وحزبها حركة فتح، وعلى قيادة حماس وباقي الفصائل الفاعلة، ثالثا، تنفيذ احتجاجات سلمية واسعة وشاملة، منها الاعتصامات المدنية والإضرابات والمسيرات في الداخل الفلسطيني والعمل على إنفاذها بكل السبل والأدوات المتاحة، وتنفيذ مماثل لفلسطينيي الخارج أمام سفارات وممثليات فلسطين في الإقليم العربي ودول الاتحاد الأوروبي وأمريكا وغيرها، بالتزامن، أو بالتدرّج الزمني، رابعا، تشكيل جبهة عريضة من القوى والشخصيات الوطنية العربية لمواجهة الانقساميين أن أصرّوا على وضع العراقيل أمام تنفيذ استحقاقات بنود المصالحة وحواراتها ومخرجاتها. لا رابح من الانقسام سوى الاحتلال، وأهم خاسر لا محالة، هو الشعب الفلسطيني الذي ضاق ذرعًا باستمرار حالة التشظي، ولابدّ من التحرّك، عاجلًا قبل آجلًا، لوضع حد لهذه الحالة الشاذّة والمعيبة.أدعوا جميع المخلصين والشرفاء من أبناء شعب فلسطين، وكل العروبيين والغيورين على القضية الفلسطينية، العمل معا كتفًا لكتف، إلى جانب الحراك الشعبي السلمي الفلسطيني، والقيام بما هو متاح من أنشطة وتحركات، حتى يجنح قطبي الانقسام لخيار تحقيق المصالحة، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وهي خطوة أولى على طريق تحرير الأراضي الفلسطينية، ودحر الاحتلال بكل مسميّاته وعناوينه العسكرية والاقتصادية والتجارية والأمنية.. إلخ، وهو ما افتقدته كافة المبادرات العربية التي عملت على إنهاء الانقسام طوال السنوات الماضية، أما لماذا فشلت الوساطات العربية (السعودية، مصر وقطر) في إنهاء الانقسام في البيت الفلسطيني الداخلي.. فللحديث بقية.