12 نوفمبر 2025

تسجيل

وقفات مع مؤتمر إعادة إعمار غزة 2014

15 أكتوبر 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); بعد الحرب الإجرامية التي شنها الاحتلال على غزة في شهر يوليو 2014 والتي استمرت 51 يوما وأدت لارتقاء أكثر من 2000 شهيد وتدمير آلاف البيوت، وبعد عدواني 2009 و2012 و2014 وصل عدد المباني التي دمرها العدوان الإسرائيلي في غزة إلى قرابة 80 ألف منزل، عدا عن البنية التحتية والمساجد والمصانع التي دمر منها قرابة 300 مصنع في الحرب الأخيرة فقط. وبعد مرور قرابة شهرين على انتهاء الحرب تداعت جهات دولية للقاهرة من أجل إعادة إعمار قطاع غزة، ونجح مؤتمر إعادة الإعمار في القاهرة في التوصل إلى جمع 5.4 مليار دولار، بزيادة 1.4 مليار دولار على المبلغ المتوقع.رغم أهمية إعادة الإعمار وأولويتها إلا أن الضرورة تحتم أن نقف وقفات أساسية مع هذا الملف، ومن أولى هذه الوقفات ضرورة توفير ضمانات دولية بعدم تكرار الاحتلال الإسرائيلي تدمير قطاع غزة أو أي منطقة فلسطينية. وقد وردت تصريحات لمسؤولين إسرائيليين تفيد بأن المواجهة مع غزة حتما ستكرر مع إعلانهم الحرص على تأجيلها، ولكن الذي لوحظ في هذا السياق أن المؤتمر لم يتحدث عن لجم إسرائيل أو منعها من تكرار فعلتها، مع العلم أن هذا الموضوع كان مطروحا للنقاش على هامش المؤتمر وأن الدول كلها تتشارك القلق إزاء ذلك.وهنا ينبغي أن نشير أن على السلطة الفلسطينية أن تبادر نحو حل هذا الأمر، مستفيدة من عضويتها في الأمم المتحدة وتنضم كذلك إلى كل المؤسسات الدولية اللازمة والمتاحة حاليا وتوقع على الاتفاقيات التي تساهم في ردع الكيان الإسرائيلي عن اعتداءاته.كما أن هذا الأمر ينبغي أن يكون حاضرا في أي اتفاق تهدئة مع إسرائيل، وعلى الجهات الراعية لاتفاقيات التهدئة مثل مصر أن تحرص على ذلك.لكن هذا الحديث يعد متقدما عندما نعلم أن المؤتمر لم يحمل إسرائيل مسؤولية الدماء والدمار الذي تسببت به آلتها العسكرية في غزة. وركزت جميع الدول في المؤتمر على البعد الإنساني، مبتعدة عن الآثار السياسية للعدوان، مما يجعل الحديث عن عدم تكرار إسرائيل اعتداءاتها أمرا غير واقعي.من الأمور التي يشار إليها هنا هو الوجود القطري في المؤتمر رغم التوتر مع القاهرة، يجعل الأمور تبدو أقل تعقيدا من العام الماضي، كما أن هذا يقودنا إلى حقيقة ينبغي أن تدركها جميع الأنظمة العربية وهو أن القضية الفلسطينية يجب أن تبقى عامل توحيد لكل الدول العربية مهما وصلت الخلافات، ومن هنا يجب أن تقوم هذه الدول بالعمل لتحقيق مظلة حماية للشعب الفلسطيني.كما يشار هنا إلى أن النظام في مصر يستفيد في تثبيت شرعيته المختلف عليها من خلال استضافته للمؤتمر.ومن الملاحظ أيضا في سياق التبرعات المقدمة للمؤتمر أن النصيب الأكبر من التبرعات كان من قطر بقيمة مليار دولار وهو ما لاقى ترحيبا من الشارع الغزي المتعاطف مع قطر أصلا بسبب مواقفها المؤازرة للشعب الفلسطيني.هنا ينبغي أن نشير أيضا إلى أن موضوع إعادة الإعمار قد تم فتحه مرات عديدة قبل هذا العام وقد تم جمع 1.7 مليار دولار في قمة الكويت في 2009 كتعهدات أغلبها لم يتم تنفيذه، وهو ما يجعل التوجسات حاضرة بشدة، خاصة في ظل وضع عربي متأزم ومتشاحن.ونشير أيضا إلى موضوع الموقف الإسرائيلي من إعادة إعمار غزة، حيث حاولت دون جدوى أن تربط الأمر بنزع سلاح المقاومة ولكنها لم تستطع، فتحاول إعادة أسطوانتها المشروخة بتخوفاتها من أن تستفيد المقاومة من عملية إعادة الإعمار.تكمن مشكلة كبرى أيضا في المجتمع الدولي الذي صمت عن جرائم إسرائيل ولم يدنها، وها هو ليبرمان يعلن أن أمريكا تتفهم موقف إسرائيل. وتعلن المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية بكل بجاحة عن أملها في دور مهم لإسرائيل في إعادة الإعمار.والرسالة الأخطر أن إسرائيل ربما لن تفهم من مؤتمر إعادة الإعمار سوى رسالة مفادها "اهدمي ما شئت ودمري ما شئت فإن هناك من يتكفل بإعادة الإعمار وإن عدتم عدنا". كما أنها ستظهر على أقل تقدير أمام العالم كأنها تسهل عملية الإعمار، وليس مجهولا حتى الآن إن كانت إسرائيل ستستفيد من البرنامج أم لا، بل ما هي الطرق التي ستستفيد من خلالها؟ وهل رتبت تفاهمات دولية حوله أم لا؟، لكنها وشروطا منها زوال سيطرة حماس عن قطاع غزة.أما حول مشاركة إسرائيل في مؤتمر الإعمار لأن ذلك يعني تحملها المسؤولية فإن رأيي الشخصي أن دعوتها ليس لها لزوم، لأن المؤتمر كان للمتبرعين بشكل اختياري. وأرى أن الصواب أنها لم تدع ولكن كان لازما على المشاركين في المؤتمر أن يحملوها المسؤولية وأن يلزموها بدفع مبالغ ما تسببت بها آلتها الهمجية "دفعا جزائيا" أو يعملوا على ذلك على الأقل.أتمنى أن يتم إعمار غزة في أقرب وقت، علما بأن المدة التقديرية التي حددت لذلك 3 سنوات، لكن ما عهدناه من تجارب مع إسرائيل أنها ستضع كل ما لديها من عصي في دواليب عجلة الإعمار، فهي فعلت ذلك مع معسكر السلام والتسوية، فهل تتورع عنه مع قلعة المقاومة.