15 نوفمبر 2025
تسجيلالبعض يتجسس على الآخرين عندما يشك فيهم، بينما بعضٌ آخر له فضول لمعرفة المزيد عمن حوله، فيبدأ يسأل ويتدخل في مسائلهم الخاصة لمعرفة كل شيء عنهم وفي الحالتين التصرف غير مقبول من وجهة نظري الشخصية، وقد ينقل البعض ما رآه أو سمعه للآخرين دون وجه حق ويكون هذا الخطأ الأكبر، ونقل الكلام يسبب المشاكل وقطع العلاقات وشحن النفوس. في أحد الأيام صادف فيلسوف أحد معارفه فقال له بلهفة: أتريد أن تسمع ما قال عنك أحد طلابك؟ فرد عليه: قبل أن تخبرني أود منك أن تجتاز امتحانا صغيرا يسمى امتحان الفلتر الثلاثي، الفلتر الأول هو الصدق: هل أنت متأكد أن ما ستخبرني به صحيح ؟ فقال الرجل: لا، في الواقع لقد سمعت الخبر. قال: إذن أنت لست متأكدا من أن ما ستخبرني به صحيح أو خطأ، ولنجرب الفلتر الثاني. وهو فلتر الطيبة: هل ما ستخبرني به عن طالبي شيء طيب؟ قال: لا، قال: إذن ستخبرني بشيءٍ سيئ عن طالبي على الرغم من أنك غير متأكد من أنه صحيح، بدأ الرجل بالشعور بالإحراج، تابع قائلاً: ما زال بإمكانك أن تنجح بالامتحان فهناك فلتر ثالث، وهو فلتر الفائدة: هل ما ستخبرني به عن طالبي سيفيدني؟ فأجاب الرجل: في الواقع لا، فقال: إذن كنت ستخبرني بشيء ليس بصحيح ولا طيب وغير مفيد، فلماذا تخبرني به من الأصل؟!يقول ابن الجوزي رحمه الله: من سرّح لسانه في أعراض المسلمين واتبع عوراتهم أمسك الله لِسانه عن الشهادة عند الموت.إذا أطلّ الشتاء برياحه وبرودته اضطرت القنافذ للاقتراب والالتصاق ببعضها طلباً للدفء متحملة ألم الوخزات وحدّة الأشواك، وإذا شعرت بالدفء ابتعدت حتى تشعر بالبرد فتقترب مرة أخرى وهكذا تقضي ليلها بين اقتراب وابتعاد، فالاقتراب الدائم قد يكلفها الكثير من الجروح، والابتعاد الدائم قد يُفقدها حياتها، كذلك الإنسان عليه بالوسطية في كل شيء، فيبتعد متغافلاً وليقترب مراقباً حيناً آخر دون تجسس، ولنجعل الثقة بين رب الأسرة وأحد أفرادها دون تدخل شخص آخر وهنا فقدان الثقة في أفراد الأسرة يساعد على هدمهم، فما أجمل الحياة حينما يسود الأسرة مشاعر التقدير والاحترام، والثقة بالنفس تجعل من العصفور صقراً ومن الورد حديقةً ومن الحلم حديقةً، وليكن الأب خلوقاً لينل ذكراً جميلاً، بذلك يهون غرس قيم الجمال والإبداع، أما كوننا نلاحق أبناءنا بصورة تدعو إلى الشك، فليس كل ما نعرفه يريح قلوبنا، فبعض الأشياء أجمل لو بقيت مجهولة.فيجب ألا نحور كل شيء بعيداً، ولا ندقق في كل الأمور ولا نحلل كل شيء، ولا نحرص على اكتشاف الآخرين أكثر من اللازم، فالأفضل أن نكتفي بالخير الذي يظهرونه، ولنترك الخفايا على رب العباد، فلو اطلع الناس على ما في قلوب بعضهم لما تصافحوا إلا بالسيف، والأمر أبسط من أن يكون تجسساً على أبنائنا وبناتنا، وليكن الكف عن التفتيش ثقافة مجتمع.أخيراً في حديثٍ لفضيلة الشيخ صالح بن عواد المغامسي، ومن وجهة نظره الشخصية يفضل التغافل وعدم والتعقيب عن كل شيء وعدم ملاحقة أفراد الأسرة، بل مراقبتهم بدلاً عن التجسس عليهم، وليس من الصواب سوء الظن دائماً والتفتيش في الجوالات، فالبعض لا يريد لأحد أن يتدخل في بعض شأنه، وحتى لو اطلعنا فيجب ألا نظهر لهم ذلك أبداً.