19 سبتمبر 2025

تسجيل

ما على الثقافة حرج!

15 سبتمبر 2021

مر علي تساؤل مهم في الآونة الأخيرة عن الاستراتيجية الثقافية الوطنية، كيف نستطيع قياس الثقافة وتحقيق الأهداف التنموية من خلالها. بداية يتوجب علينا السؤال إن كنا نسعى إلى الكم أم إلى الكيف لهذا المفهوم الكبير والذي يرتبط بالحس والوجدان أكثر من ارتباطه بعدد ما لديك من أدوات أو أساليب مساهمة ترتقي فيك وترتقي بها من خلال هذا المفهوم الكبير. وحتى نتصور سير عمل استراتيجية ثقافية وطنية، لا بد وأن نستيقن بأن الكم لا يكفي إطلاقاً لحصر عدد ما ليثبت مدى نجاح الثقافة بزيادة الأعداد، ولا يكفي أن تكون الاستراتيجية مقيدة بزيادة سنوية حتى لتلك الأعداد. فهل يثبت لك شيئاً أن زادت أعداد اللوح الفنية لديك، في حين أن كثرة اللوح قد لا تثير الساحة المجتمعية ولا تساهم بالضرورة في تنمية المجتمع على قدر وجودها متراكمة في المرسم! وهل يكفيك أن تزيد من إصداراتك السنوية والاحتفال بها خلال حفلات تدشين سنوية محدودة بينما تظل تعاني طوال السنة من حال السوق الثقافي والذي يعتبر من أوائل المتأثرين بأي أزمات قد تمر عليك كجائحة كورونا على سبيل المثال؟ لو ثبت نجاح الخطة الاستراتيجية الكمية للثقافة لاستمرت الثقافة منتعشة حتى في ظل الجائحة والأزمات الأخرى! ولو ثبتت فاعلية الكثرة في الأدوات والمقتنيات الثقافية لازدهر السوق الثقافي ونافس السوق الاستهلاكي بعدل واتزان أكثر. بالتالي، من الصعب أن يكون القياس الكمي الطريق الصحيح والوحيد لوضع الخطط الاستراتيجية الثقافية والتي من شأنها أن تساهم في زيادة الحراك الثقافي وتنمية المجتمع فكرياً وأدبياً وفنياً. إنما يظل الكيف الأهم، يظل التوسع وانتشار مفهوم الثقافة على كافة القطاعات بأنها جزء لا يتجزأ من الحركة التنموية، فهي لا تحصر بالعدد، إنما بالتأثير واستمرارية الجانب الإبداعي والثقافي الذي يخدم الاستراتيجية الوطنية على المستوى الثقافي بشكل خاص. بالتالي، أن تكون الثقافة جزءا من الحياة، يعني أن نضمن الكم في عدد المتأثرين في الثقافة باختلاف الجوانب والمجالات الثقافية التي تصقل من خلالها المهارات والامكانيات، كما نضمن التأثير الفعلي عبر فهم الكيف ومدى الاستفادة من المشاريع المقترحة والتي تم دعمها لعملية التأثير والاستمرارية في تنمية الحركة الثقافية. هنا نضمن أهمية الكيف لضمانها خلق قوة ناعمة تلعب دوراً حيوياً وفاعلاً لدعم الحراك الثقافي وزيادة الطلب على المشاريع الثقافية الخاصة التي تساهم في خصخصة الهوية الثقافية وبناء التجانس للذاكرة الجماعية. نلخص الاستراتيجية من خلال الإصرار على أن الثقافة ليست أرقاماً، على الرغم من كونها سلة تحتوي على أطياف مختلفة من الأدوات والأساليب، إنما هي حرية مطلقة، يتم التعبير عنها دون قيود أو حكر على أداة معينة. الثقافة حياة منطلقة وإحساس عميق بشعور الانتماء وتطوير البنى الفكرية. فما على الثقافة حرج، إن لم تستطع حصرها في عدد! [email protected]