12 سبتمبر 2025

تسجيل

فزاعة داعش .. والكتابة بالعرض!

15 سبتمبر 2014

*أخبارها ملأت الدنيا وتسيدت صدور المنشورات، والنشرات، والمؤتمرات، اسمعها "داعش"، تبث الرعب أينما حلت، وبلغة دارجة (ما عندهاش يمه ارحميني) يعني هزارها قطع الرقبة، وجدها مذابح جماعية، وإذا ما جاء ذكر (داعش) المخيفة، الفظيفة، المريعة، المرعبة، المتوحشة حضرت على الفور أسئلة كثيرة منها من أين تأتي (داعش) بكوادرها التي تعيث في الأرض فساداً، لن نتعرض طبعاً لمؤسسها، فالمؤسس معروف وهو نفسه الذي كان حاضناً للقاعدة، يعني ماما أمريكا التي تدعي الخوف من الإرهاب ووجوب ملاحقته، ما علينا من المؤسس نعود للكوادر كيف توفرهم (دعوش)؟ السؤال يستدعي حكاية متكررة في وطننا العربي الجميل، والحكاية دائماً إنسان مقهور لا يكاد يجد في وطنه ما يسد به رمقه، يعني إنسان يائس، يعاني الحرمان الاجتماعي، وأيضا التهميش السياسي، متخم بكل أشكال الفقر وفوقه الفراغ الروحي والفكري، وهذا وحده بيئة حاضنة للإرهاب، إذ الإنسان اليائس، البائس الذي لا يجد ما يأكل، الفاقد لكل احتياجاته الإنسانية ما الذي يمنع من أن يُستقطب ليكون معاونا جيداً وتحت الطلب لداعش! ولماذا لا تنتبه الأنظمة العربية إلى أن استقطاب الفاقدين، الجائعين، المحرومين، المهمشين وارد جداً، وسهل جداً، لماذا لا تنتبه الأنظمة إلى أن (داعش) معنا، وبيننا وليست بعيدة أبداً، كوادرها المحتملون موجودون دائماً للانضواء تحت لوائها وهم باختصار كل الذين يعانون ضيق العيش، والعسف، والقهر، والبطالة، والظلم الاجتماعي، وكل أشكال الاحتياج؟ ياريت تنتبه الأنظمة العربية إلى أنها هي نفسها من تغذي تنظيم داعش بكوادرها التي تذبح رؤوس الناس كما تدبح البطيخ! * * * طبقات فوق الهمس* هل انتبهنا أن (داعش) تعويض عن الفشل في تفتيت المنطقة؟* هل انتبهنا أن (داعش) صناعة U.S.A وأنها فزاعة أمريكاني؟* هل انتبهنا أن التحالف الدولي لضرب داعش هو في الحقيقة تحالف لضرب العالم العربي بموافقة العالم العربي؟ هل فهمنا أم أن (الفهامة) تحتاج بطارية؟* هل استوعبنا من التنظيمات المتوالية المأزومة التي تعلن عن تأسيسها أن تربية الأجيال الجديدة يجب أن تحض على تقبل الآخر لا معاداته مهما كان نوع الاختلاف؟* هل لاحظنا مع فرقعات الخريطة العالمية، ونيرانها، وأحداثها أن الحرب العالمية الثالثة تدق طبولها ومن لم يسمعها فهو أصم؟* العرب الرائعون رؤوس مؤتلفة وقلوب مختلفة ومع ذلك بتغيظني (نجاة) وهي تنشد وطني حبيبي الوطن الأكبر (وطن العزة الوطن العربي) بالله عليك يا ست نجاة، الوطن العربي وش عزه؟* قرار رفض مصر الاشتراك في التحالف الدولي لضرب داعش قرار محترم يحبط التخطيط الأمريكاني اللئيم.* عشر طائرات أباتشي هدية الولايات المتحدة لمصر التي قالت أمريكا إنها القادرة على مكافحة الإرهاب! ولو أن مصر لن تشترك في قرار ضرب الوطن العربي بسلاح أمريكاني، ثم أين هذه الطائرات ولم نسمع من مسؤول أنها وصلت إلى مصر؟ * * * المس قلبي أقرأ لك* عشرات من الإصدارات لا يستطيع الواحد منا قراءة أكثر من سطرين من المكتوب في متنها هذا برغم روعة الأوراق المصقولة، ونعومة الطباعة الفاخرة ذلك لأنها لم تلمس المقولة الجميلة (المس قلبي أقرأ لك) هذه مقدمة استدعاها كلام ابنة صديقتي المولعة بالكتابة منذ زمن والتي سألتها لماذا لم تكتبي حتى الآن في أي من الصحف المحلية رغم أنك تكتبين خارج قطر؟ قالت يهمني جداً أن تحتفي الجريدة بما أكتب وأن أستشعر اهتمامها بما يصلها! سألتها ما المطلوب قالت ممكن أكتب لكن بالعرض! نقطة من أول السطر.أقول لعزيزتي المتطلعة للكتابة بالعرض أن هذا الطلب قد يتحقق للمتمرسين بعد سنوات طويلة طويلة ومع ذلك فالتميز في تصوري ليس بالطول ولا العرض ولا حتى الزوايا، التميز ليس في لطع صورة متر وتحتها الاسم بالبنط العريض أو مع ما يسبقه من حروف، إنما يكون التميز في روح الكاتب التي تلامس قضايا الإنسان وأوجاعه ومشاكله، مش مهم أبدا الكتابة بالعرض فكم من كتابات (ماسخة) بلا لون ولا طعم ولا رائحة، وكم من كتابات (أمسخ) احتلت صفحة كاملة ولا يقرؤها الناس، بل يقلبون الصفحة مباشرة إذا ما طالعتهم، وأقرب مثل أسوقه للكاتبة التي أقر بأنها واعدة والتي تشترط أن تكتب بالعرض الكاتب العظيم (أحمد رجب) الذي خسرته الساحة الأدبية المصرية العربية، حيث وافته المنية منذ أيام فقد كان إشعاعاً صباحياً، وبسمة عفوية، وملامسة يومية لأوجاع الناس، ورؤية ثاقبة لما يعرض من أحداث، ورأياً نيراً، كان قلمه دائماً بسنه اللاذعة إشارة لمواطن العفن، وكذا احتفاءً بأي جمال كان، كان قلمه التصاقاً دائماً بقضايا الوطن وأنات المتعبين، وكل ذلك لم يكن مطولاً في مقالات، ولا صفحات، ولا مكتوبا لا بالطول ولا بالعرض وإنما كل ما باح به القلم كان في (نصف كلمة) بمربعه الشهير الذي لم يحتمل التطويل وقد حاز به شهرة واسعة لم يحزها غيره من كتاب المطولات، هذا غير أنه كان وببساطة يرى بعين الفيلسوف ويصف الدواء برؤية الطبيب المعالج، وكذا لا أنسى الضاحك الباكي (صلاح جاهين) الذي أسعدنا برباعياته البديعة التي لم تتجاوز الأربعة أسطر والمفعمة بأشعار عامية إنسانية في الوطن، والحب، والوفاء، والجمال، والحزن، والفرح، والانكسار، والانتصار وعاشت بيننا وستعيش، أجدد الدعوة للكاتبة الجميلة الواعدة بالتنازل عن شرط الكتابة بالعرض، إذ ليس مهماً أن نكتب بالطول أو العرض، الأهم ماذا نكتب؟ وهل يقرؤنا الناس لأننا نلمس قلوبهم، أم أننا نحرث البحر؟ لا أنسى الدعاء للكاتبين أحمد رجب، وصلاح جاهين بالرحمة والمغفرة، اللهم ارحمهما رحمة واسعة.. آمين. * * * آخر الكلام (1/2) كلمة* إن الحق مهما عظم يفقد قوته تماماً عندما تكون وسيلة الحصول عليه قلة الأدب.(أحمد رجب)