13 سبتمبر 2025
تسجيلأحداث كثيرة تدور في الأفق لا يدري الراصد بأيها يبدأ، خاصة حينما يكون الرأي المتاح من خلال زاوية أسبوعية يتيمة. ولكن ما جاء في خاطري، حدثا الساعة، والمتمثلان في إنتاج فلم يسيء إلى مقام المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكذلك أحداث سورية العربية وآثارها المدمرة على المدنيين، دون تدخل من أحد لوقف نزيف الدم تحت مبررات غير مقبولة بكل الأعراف القانونية والأخلاقية، والإنسانية، وقبل ذلك كله الدينية. تذكرت أنني قرأت عن مصطلح "الباتنا"، وهو مصطلح وضعه روجر فيشر، وويليام أوري في كتابهما الأفضل مبيعا في العالم عام 1981، والذي حمل عنوان" " Getting to Yes Negotiating Without Giving In"، ومصطلح باتنا كما يقول عنه الكاتب المعروف براد سبنغلر" يعني البديل الأفضل عن اتفاق تفاوضي. فالباتنا عنصر أساسي في التفاوض لأنك لا يمكن أن تتخذ قرارات حكيمة بقبول أو رفض اتفاق تفاوضي ما لم تكن تعرف بدائلك". خطر في بالي هذا المصطلح، وتعود بسببه الذاكرة حينما شغلت منصب مدير المشاريع للحقول البرية بالمؤسسة العامة القطرية للبترول، قبل أكثر من عقد من الزمان، وكنت حينها مسؤولا عن تقييم العطاءات المقدمة من الشركات، خاصة في جانبها الفني. وطلبت من الشركات المتقدمة آنذاك للحصول على بعض العقود، أن تضيف في عطاءاتها بنودا، تتضمن مساهمتها في دعم مشاريع مجتمعية، وكذلك المساهمة في رفع كفاءة بيئة العمل، أو تدريب الموظفين المنتمين لمؤسستنا تدريبا نوعيا. وهكذا دواليك. فالعالم اليوم بدأت تحكم مساراته وقراراته المصالح الاقتصادية، خاصة في هذه الأيام التي يصرخ فيها الغرب تحديدا،من مشاكله وأزماته الاقتصادية، في الوقت الذي أنعم الله سبحانه وتعالى علينا بازدهار اقتصادي وفير، نتيجة لارتفاع أسعار النفط والغاز. وعليه، فعلى المفاوضين مسؤولية كبيرة في إدراج قضايا الأمة عند التفاوض في مشاريع ذات بعد اقتصادي كجزء من التفاوض الإستراتيجي مع هذه الدول التي لها نفوذ كبير في ما يدور في عالمنا من أحداث. والممارسة المقترحة ليست من بنات أفكاري، أو أنها ممارسة غريبة، فهذه الدول الكبرى لا تقدم حتى المساعدات الإنسانية إلا بعد التفاوض على العائد منها على هذه الدول سواء حاضرا أو مستقبلا مع الدول المستفيدة من مساعداتها. وبالتالي، فالوصول إلى هذه المرحلة من استثمار الظروف الاقتصادية لصالح دعم قضايانا المصيرية، يجب أن يبدأ من خلال تهيئة قادة نتائج لا قادة فكر فحسب في مؤسساتنا ومنظماتنا الاقتصادية. يقول الكاتب تشارلز بلكمان: " قائد الفكر شخص لديه فكرة، أما قائد النتائج شخص أنجز تغيير شيء. فقادة النتائج يصنعون التاريخ، أما قادة الأفكار يكتبون ويتحدثون عنهم وعن نتائجهم فيما بعد". وكذلك، تهيئة وتوعية هؤلاء القادة الإداريين والاقتصاديين، وحتى السياسيين بقضايا الأمة، حتى تصبح جزءا راسخا من معتقداتهم، وقناعاتهم، وبأن كل قضية من قضايانا المصيرية هي جزء من كل، فقضايانا كلها مترابطة مع بعضها البعض. الأمر الآخر، بناء الثقة عند القادة المفاوضين بأننا بقدر حاجتنا لهذه الدول، هم في المقابل حاجتهم لنا أيضا ماسة ومصيرية. وعليه، يجب أن يكون التفاوض قائما على قدر المساواة، دون ظلم أو إجحاف ويحقق لأطراف المعادلة الثلاث الشعور بالفوز. إن استثمار إمكاناتنا الاقتصادية في عالمنا العربي، الغني بموارده، لصالح دعم قضايانا، والتفاوض حولها، يتطلب أن نأخذ هذا الأمر بجدية أكبر، لأنها مسؤولية اجتماعية ملزمة.