13 سبتمبر 2025

تسجيل

لم ننس خيانة منظمة "فيتو" ليلة 15 يوليو

15 يوليو 2023

لا تزال أحداث ليلة 15 يوليو 2016 محفورة في الذاكرة عصية على النسيان، في هذه الليلة الدامية كنت في منزلي في إسطنبول لا أدرك طبيعة ما يحدث، صحيح أن كلنا كصحفيين كنا نتوجس خيفة من أنشطة منظمة "فيتو" (FETO) الإرهابية بزعامة فتح الله غولن، الذي تستضيفه الولايات المتحدة في بنسلفانيا منذ 20 سنة وحتى اليوم. حاولت أن أفهم ما يجري والهاتف في يدي لا يكف عن الرنين، بينما عيناي تحاولان فهم ما يحدث على شاشات التلفزيون، بدأت المعلومات تتكشف عن إغلاق جسر البوسفور، الذي يربط الأناضول بأوروبا بسبب ما زعم أنه هجوم لمنظمة "داعش" الإرهابية. لحظات وبدأت كلمات وصور لبعض الجنود حول إعلان الأحكام العرفية تنعكس على وسائل التواصل الاجتماعي. في تلك الليلة، وسط اضطراب كبير في المعلومات، كنت أحاول تأكيد ما حدث من المصادر التي استطعت الوصول إليها من مديرية الأمن العام في إسطنبول. بعد فترة قصيرة، أدلى وزير العدل آنذاك بكر بوزداغ بتصريح في وسائل الإعلام، واتضح أن الحادث كان محاولة انقلابية قامت بها منظمة غولن الإرهابية. عند سماع محاولة الانقلاب، بدأ الناس في النزول إلى الشوارع قرابة الساعة العاشرة مساء، وكان هذا آخر ما توقعه الانقلابيون على الإطلاق. عند منتصف الليل، دعا الرئيس رجب طيب أردوغان الشعب إلى مقاومة الانقلابيين عبر اتصال الفيديو الذي أجراه مع مذيعة قناة CNN TÜRK في أنقرة هاندا فرات. كان وجود أردوغان على قيد الحياة ومخاطبته للشعب دليل على أن الانقلابيين لم يتمكنوا من تحقيق أهدافهم، ومع ذلك، لم يقررخونة منظمة "فيتو" الاستسلام بهذه السهولة. توجهت إلى مبنى قناة CNN TÜRK التي أعمل بها محللا سياسيا، على الفور، وقد كان الأمر صعبًا للغاية، بسبب وضع الشوارع المزدحمة بآلاف المواطنين الرافضين للانقلاب، وعندما وصلت أمام مبنى محطتنا التلفزيونية، كان المواطنون قد تجمعوا بالفعل للاحتجاج على هذه المداهمة، عندما صعدت السلالم رأيت البنادق في أيدي الجنود. لكنهم ادعوا بأنه "حدث هجوم إرهابي ونحن دخلنا المبنى من أجل إيقافه". عندما التقيت بالضباط المنقلبين، أخبرتهم صراحة أن ما يفعلونه خطأ وأنهم متورطون في محاولة انقلاب، وحدثت بيننا مواجهات جسدية ولفظية، فقد كانت عصابة ومنظمة إرهابية، وكان لابد من مقاومتها بأي وسيلة كانت، كان هذا قراري الذي اتخذته شخصيًا إلا أنهم صوبوا السلاح نحوي. بعد شد وجذب، اقتنعت بأن القوة الوحيدة التي يمكن أن توقف احتلال مبنى CNN TÜRK هي قوة الشعب. كان أصدقائي يطلبون مني أن أبقى هادئًا لكني كنت مؤمنا بأن حشد الشعب سيكون أقوى سلاح ضد الانقلابيين. ذهبت إلى الباب الرئيسي المغلق مرة أخرى وفتحته بنفسي وقمت بإدخال الناس إلى المبنى، وبالفعل، عندما بدأوا في الصعود إلى طوابق مبنى التلفزيون استسلم الانقلابيون بعد فترة وجيزة. قام النقيب الانقلابي بتصويب مسدسه نحوي، فقلت له: "سوف تخجل مما فعلت، ماذا ستقول لأولادك؟ لقد دخلت دارنا، اخرج من هنا"، ولم يرد علي. وعندما سيطر المواطنون على الانقلابيين، رأيت ذلك النقيب مرة أخرى وكانت يداه مكبلتين ثم سألته: "ماذا ستخبر أولادك الآن، ألا تخجل؟". أما حالة الجنود فقد كانت محزنة للغاية، لأنهم كانوا يرددون باستمرار؛ "نحن لم نأت إلى هنا للقيام بانقلاب، لقد خدعونا نحن أيضًا". تسلمت الشرطة المبنى، واعتقلت الجنود والضباط المنقلبين للتحقيق، كان الجنود يقولون إن العقيد هو الذي أعطى التعليمات لهم، لكن القادة، كانوا بالفعل أعضاء في منظمة فيتو. حصل الجميع على حقه في المحاكمة العادلة، وفي نهاية المحاكمة، تمت تبرئة هؤلاء الجنود، لأنهم لم يكونوا هناك بالفعل بنية ارتكاب جريمة، بل استجابة لأمر من قائدهم. أما القادة وحاملو الرتب الأخرى فقد أدينوا لأنهم كانوا يعرفون جيدًا ما كانوا يفعلونه ذلك اليوم. بعد سبع سنوات من هذه الهجمة الإرهابية التي استهدفت تقويض دولتنا ونظامنا الديمقراطي، أشعر بالفخر لأن مقاومة الانقلاب في 15 يوليو أصبحت قدوة لجميع شعوب العالم، كما أنها وضعت حدًا للانقلابات العسكرية التي عانى منها بلدنا طويلا في تاريخها المعاصر. لا يمكننا التسامح مع منظمة "فيتو" (FETO) الإرهابية التي ارتكبت هذه الجريمة. لقد أظهر يوم 15 يوليو 2016 للعالم أجمع أنه لا يمكن تغيير الحكومة في تركيا إلا من خلال الوسائل الديمقراطية، وأن الانقلابيين الخونة لن ينجحوا أبدًا، حتى لو تم دعمهم من الخارج، كما أعطى الأتراك مثالاً للعالم كله من خلال تمسكهم باستقلالهم مهما بذلوا من دمائهم الزكية، الرحمة والخلود لشهداء الواجب، وليحفظ الله تركيا من كل سوء.