12 سبتمبر 2025
تسجيلتحل علينا، اليوم السبت، الذكرى السنوية السابعة للمحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا يوم 15 يوليو 2016، والتي تم إفشالها في مهدها بفضل من الله تعالى ثم بثبات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والحكومة التركية والأجهزة الأمنية التركية والشعب التركي، ودعاء ومناصرة الملايين من العرب والمسلمين حول العالم. يومها، وقف الشعب التركي عارياً بوجه الدبابات والأسلحة الثقيلة، حيث كان الحدث البطولي الذي تم تسطيره بمواجهة الانقلابيين، كان درسا ورسالة للعالم بأسره، أن حقبة تعيين الرؤساء والحكومات من قبل الغرب قد ولت وبات هذا الشعب يعبر عن إرادته وقيمه بكل الحرية. قبيل المحاولة الانقلابية الفاشلة كانت تركيا قد وصلت إلى مستويات عالية على مستوى العالم من الناحية الاقتصادية والعسكرية والسياسية والاستخباراتية والصناعات الدفاعية، لذلك أصبحت تركيا هدفا للاعتداءات المتزايدة، حيث إن الجهات المعادية لتركيا تسعى لإجبار تركيا على التراجع عن أهدافها ومشاريعها الاقتصادية والعسكرية والسياسية والثقافية، والهدف هو إعادة تركيا إلى وضع الذل مجددا كما كانت في الثمانينيات من القرن الماضي. مساء 15 يوليو 2016 تبين فعليا أن كلمة الفصل يحددها الإيمان والشجاعة لا المدفع والبندقية، لذلك نستطيع أن نقول اليوم وبعد مرور سبعة أعوام على تلك المحاولة الفاشلة إننا سنكمل حتمًا بناء تركيا القوية، فهذا الأمر فيه وفاء كبير لدماء شهداء 252 مواطنا ارتقوا في تلك الليلة دفاعا عن تركيا القوية. نعم، إن تاريخ المجتمعات حافل بنقاط تحوّل مثل الملاحم والأحداث البطولية والمنعطفات الخطيرة، لا يمكن نسيانها عبر الزمن، بل يتم تناقلها من جيل إلى جيل، وهذا ما نحرص عليه في تركيا. وإلى جانب إحيائنا هذه الذكرى، لا يمكننا في تركيا أن ننسى الأطراف والجهات والشعوب التي وقفت إلى جانبنا في تلك الليلة، وخاصة السبَّاقين الذين كانوا إلى جانب الحق والبناء والتنمية والتطوير والعدالة والنهوض لا إلى جانب الانقلابات والتخريب والقتل والتدمير. وأكثر من لا يمكن نسيانه هو الأول في أي شيء، وفي هذه الملحمة كانت قطر أول دولة على هذا الكوكب تقف معنا، وكان حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر أول زعيم في العالم يقف معنا. قطر كانت الدولة المتفردة في المنطقة التي هبت لنصرة تركيا إعلاميا ودبلوماسيا وسياسيا، وشجبت وأدانت الانقلابيين منذ اللحظة الأولى لمحاولتهم الانقلابية. ولم تكتف قطر بذلك، بل كانت أيضا أول دولة في العالم تهنئ تركيا بإفشال المخطط الانقلابي، وكان سمو الأمير أول زعيم في العالم يهنئ الرئيس أردوغان بهذا النصر. بعد أيام قليلة من إفشال المحاولة الانقلابية في تركيا في 15 يوليو 2016، أكد الرئيس أردوغان أن سمو أمير قطر، كان أول من اتصل به ليلة محاولة الانقلاب، أي أثناء سير المحاولة الانقلابية، وذلك لتقديم دعم قطر لتركيا، وهنا أهمية الموضوع، إذ إن صاحب السمو لم ينتظر الساعات ليرى من سترجح كفّته (كما فعل الكثيرون حول العالم).. موقف سمو الأمير يعبّر عن صدق العلاقات والشراكات بين تركيا وقطر وبينه وبين الرئيس أردوغان. أردوغان أشار أيضا إلى أن سمو الأمير كان على اتصال دائم في تلك الليلة للاطلاع على التطورات. وأوضح أردوغان أن سموه قال له في تلك الليلة "نحن إلى جانبكم في كل لحظة، ومستعدون للقيام بأي شيء يقع على عاتقنا". وإلى جانب موقف سمو الأمير، كان أول بيان في العالم يصدر لإدانة الانقلابيين وتأييد الشرعية في تركيا هو من وزارة الخارجية القطرية. وقالت الوزارة في بيانها يومها إنها "تدين وتستنكر محاولة الانقلاب والخروج على القانون وانتهاك الشرعية الدستورية في جمهورية تركيا". وأكدت الوزارة "تضامن دولة قطر مع الجمهورية التركية الشقيقة في كافة الإجراءات القانونية التي تتخذها حكومتها الشرعية للحفاظ على أمن واستقرار تركيا وشعبها الشقيق". ودعا البيان لـ"ضرورة الحفاظ على الشرعية الدستورية، واحترام إرادة الشعب التركي، وعدم القيام بأي خطوة من شأنها زعزعة الأمن والاستقرار في الجمهورية التركية الشقيقة". وأيضا، اتصل ليلتها الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وزير الخارجية حينها بنظيره التركي مولود تشاويش أوغلو وجدد تضامن قطر مع تركيا. كانت قطر هي الأولى، وبعد قطر أتى الآخرون، منهم من أتى مضطرا ومنهم من أتى متأخرا ومنهم من كان يتمنى نجاح الانقلاب فانتظر كثيرا حتى أدان المحاولة الانقلابية. واليوم بعد هذه الأعوام السبعة على إفشالنا لمشروع تدمير تركيا، وكما قال جودت يلماز، نائب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبل أيام، فإنه حقيقةً لقد أصبحت شراكة تركيا وقطر واحدة من أنجح الشراكات في عالم اليوم. نتيجة المواقف الصادقة المتبادلة بين الطرفين والتي تستمد قوتها من روابطنا التاريخية وروح التضامن، فإن العلاقات بين تركيا وقطر وصلت إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية. علاقة متنامية يوما بعد يوم، بفضل الإرادة السياسية القوية لصاحب السمو وللرئيس أردوغان. هذه العلاقة لا تخدم مصالح الطرفين وحسب، بل تخدم السلام والأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث من المتوقع أن تتعزز هذه الشراكة أكثر وأكثر خلال انعقاد الدورة التاسعة للجنة الإستراتيجية العليا بين تركيا وقطر، والتي تستضيفها العاصمة القطرية الدوحة هذا العام. نختم عن المحاولة الانقلابية الفاشلة التي هي مناسبة هذا المقال.. لنقول: لن ينسى التاريخ من خطط ونفذ ودعم وهلل لتلك المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا، وطبعا لن ينسى التاريخ من وقف إلى جانب الشرعية والشعب وعلى رأسهم سمو الأمير وقطر حكومة وشعبا.