19 سبتمبر 2025

تسجيل

الأزمة الخليجية.. الحوار أقصر الطرق

15 يوليو 2017

بعد خمسة أسابيع من الأزمة الخليجية التي تلقت فيها قطر سيلا من التهديدات والتوعّد بالويل والثبور لم يعد ممكنا النيل من سيادة واستقلالية قطر، وتكشّف للدول الأربع المتحالفة ضد قطر أن لا بديل للحوار إلا الحوار. بل إن الدول ذات المسؤولية الدولية غدت تدفع بقوة تجاه الحوار كبديل للغة التهديد والوعيد. وتحرك جمود واشنطن واقتنعت بأن الحوار المباشر بين أطراف الأزمة سيكون خطوة مقبلة مهمة، بل دعت أطراف الأزمة الخليجية إلى الحوار المباشر.ولم يتزحزح النهج القطري منذ نشوء الأزمة قيد أنملة عن أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل الخلافات مع الآخر. ورغم الضغط الهائل الذي استخدم فيه المتحالفون كل الأساليب غير المشروعة لوضع قطر بين خيارين إما الاستسلام للتهديد أو الحرب التي لا تبقي ولا تذر، فإن الصمود المدعوم بكل الاحترازات الضرورية كان محل إشادة واحترام من كل دول العالم للسياسة القطرية الحكيمة. إن انتقال الأزمة إلى مربع التفاوض يؤكد أن الدوحة كانت عنصرا فاعلا في تجنيب المنطقة سنوات من الاضطراب والفوضى التي يصعب التكهن بمدى خسائرها وتداعيتها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية. ومثلت جولة وزير الخارجية الأمريكي التي شملت الكويت والدوحة وجدة الأسبوع الماضي دفعا قويا لترسيخ مبدأ الحوار القائم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. وأثنى وزير الخارجية الأمريكي على الموقف القطري من الأزمة ووصفه بالمنطقي. وقد أثارت تصريحاته الداعمة لنهج قطر في إدارة الأزمة ردودا منتقدة في بعض وسائل إعلام دول الحصار. لقد كشفت هذه الأزمة العجز التام الذي تعاني منه المؤسسات العربية المنوط بها التعاطي بفعالية وحيادية مع المشكلات السياسية التي تضرب المنطقة. فالجامعة العربية لم تملك أن تعرب مجرد الإعراب عن قلقها إزاء أكبر أزمة تضرب الأمن القومي العربي. دعك من دعوة الأطراف إلى الحوار أو تقديم مبادرة لحل الأزمة، بل ظلت الجامعة ومؤسساتها مجيرة بالكامل لصالح محور الدول المتحالفة ضد قطر ولم تملك حتى الإشارة إلى المبادرة الكويتية التي وجدت دعما دوليا وإقليميا، ولم تتعلم الجامعة من نظيرها الاتحاد الإفريقي الذي دعم المبادرة الكويتية ونأى بنفسه حين سعت دول التحالف لتغيير موقفه لصالحها.في هذه الأزمة كان الجمهور العربي والخليجي على وجه الخصوص واقع تحت ضغط أومت الإعلام العربي المتفرعة من أزمة النظام السياسي العربي. كان هناك سيل عرم من التغطيات الإخبارية والتحليلات السياسية المفبركة جاءت متناغمة مع رغائب وأهواء الأنظمة الحاكمة. وعليه فإن وسائل الإعلام العربية في أغلبها تعيق التنمية السياسية لأن ذلك ببساطة لا يتم إلا بالسوق الحرة للأفكار وعلى قيم الرأي والرأي الآخر. وفي هذه الأزمة كان أولى ضحايا هذا الإعلام، الموضوعية والمهنية من خلال التناول والتفسير المختلف للأزمة والمواقف المتعلقة بها.وتفوق الإعلام العربي والخليجي المأزوم بسيطرة الأجندة السياسية الحكومية على الإعلام الإسرائيلي في احتفائه بقطع السعودية والإمارات والبحرين وعدد من الدول العربية جميع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، ووقف الحركة البحرية والبرية والجوية معها، ومثل ما نعق الإعلام الإسرائيلي بأن ما حدث يعتبر حماية لأمن الدولة العبرية من مخاطر الإرهاب والتطرف والتدخل في شؤون دول عربية أخرى، كان الإعلام العربي المأزوم يردد الأكاذيب ذاتها. وكان الموقف الإسرائيلي من دون مواربة، دعم شق صف ووحدة الدول الخليجية؛ ويقول بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي إن تغييرًا مهمًا طرأ على طريقة تعامل دول بالمنطقة مع إسرائيل، حيث باتت هذه الدول شريكة وليست عدوة في الحرب ضد ما سماه الإسلام المتطرف.