12 سبتمبر 2025

تسجيل

مصر .. الدولار إلى أين؟

15 يوليو 2015

صعد الدولار أعلى قيمة له مقابل الجنيه المصري منذ إعلان البنك المركزي المصري بعض الإجراءات الاستثنائية وتقييد التعاملات بالدولار، رغم الاستمرار في طرح العطاءات الدولارية الاستثنائية للبنوك الرسمية، وبذلك تتجدد أزمة سوق الصرف،حيث تهاوت العملة المحلية مقابل الدولار بنسب قياسية خلال الأيام الماضية، وهي تعد الأعلى خلال الربع الثاني من العام الجاري، ولكن برغم كل تلك الإجراءات فقد اضطر البنك المركزي لخفض قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكي، مما يدل على النقص الواضح للدولار بالأسواق، مما اضطر البنوك لإطالة فترة انتظار العملاء حتى تتمكن من تدبير طلبات الدولارات، وفرض رسوم في شكل نسبة مئوية لتدبير العملة، وقصر الاستجابة لتدبير الدولار على استيراد الغذاء والمواد الخام،مما أدى إلى تخوف البعض من إيداع أموالهم الدولارية بالبنوك، خشية الحصول عليها بالجنيه المصري عند طلبها، في ضوء قيام البنوك بصرف تحويلات المصريين العاملين بالخارج لأسرهم بالجنيه رغم إرسالها بالدولار، الأمر الذي يفقد الثقة في النظام المدرسي، ويقلل من التحويلات والإيداعات بالعملات الأجنبية بالبنوك، مع تسجيل للدولار ارتفاعا تاريخيا في مواجهة الجنيه حيث بلغ الدولار نحو 7.9 في السوق الموازية التي أعلن البنك المركزي القضاء عليها منذ عدة شهور، وهذه الزيادات في قيمة الدولار مقابل الجنيه من الأمور المتوقعة بل وستظل طبيعية إذا ظلت المصانع مغلقة، وإذا ظلت كفاءة المصانع والصناعات الصغيرة منخفضة، وإذا ظل التركيز على استيراد السلع الترفيهية، إلى جانب توقف حركة السياحة، الأمر الذي يتطلب تنشيط الصناعات وعمليات التصدير، والحد من الاستيراد، لأن التصدير سيزيد من قوة الجنيه المصري أمام العملات الأخرى، لأن مصر تستورد نسبه كبيرة من احتياجاتها من الأسواق الأجنبية، مما يزيد حجم الاستيراد وليس التصدير،ومن الضروري التركيز أيضا على زيادة الإنتاج لأنه هو العنصر الوحيد القادر على تحقيق طفرة حقيقية في قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، وهذا يتطلب الاعتماد على قاعدة إنتاجية حقيقية وواسعة حتى يستقر سعر الجنيه عالميا، لأن استمرار حالة عدم قدرة رجال الأعمال على شراء دولارات من تجار العملة غير الرسميين ووضعها في حساباتهم بالبنوك، بعد القوانين الجديدة التي طبُقت العام الجاري التي لا تسمح بإيداع أكثر من 50 ألف دولار أمريكي في البنك، يمثل عقبة حقيقية أمامهم تفاقم من أزمة الدولار، خاصة إذا لم تنجح السياسات الاقتصادية في ضبط سوق العملة، خاصة بعد أن قامت العديد من الشركات الأجنبية في إعادة النظر في استمرار عملها في الظروف الحالية، رغم اقتراض الحكومة مليار ونصف دولار الشهر الماضي، واقتراض بنوك عامة مبالغ أخرى بالعملات الأجنبية، ورفع فائدة شهادات الإيداع الدولارية محليًا بالبنوك لأكثر من 4 %، ولكنها لم تؤثر إيجابيا على حجم العرض الدولاري، ولكن نخشى أن يستمر هذا الوضع لفترة أطول، ولاسيَّما أن شواهد عديدة تؤكد ذلك، مثل تراجع قيمة الصادرات المصرية، ومحدودية الاستثمار الأجنبي المباشر، وعدم تنفيذ مذكرات التفاهم التي تم توقيعها بالمؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، رغم انتهاء مهلة تلك المذكرات والمقدرة بثلاثة أشهر، واتجاه المتعاملين الأجانب للخروج من البورصة بسبب صعوبات تحويل الأرباح، وتداعيات أحداث العنف المتجه للسياحة على فترات متقطعة، وانخفاض المعونات الخليجية، حيث بلغت قيمة المعونات الأجنبية من كل دول العالم خلال الربع الأول من العام الحالي 6 ملايين دولار فقط، كما أوضحت موازنة العام المالي الجديد توقع معونات خلال العام المالي بقيمة 2ر2 مليار جنيه، أي حوالي 285 مليون دولار فقط ليست كلها من الخارج مقابل 96 مليار جنيه للمنح بالموازنة قبل عامين، إلى جانب التآكل السريع لقيمة الاحتياطيات من العملات الأجنبية التي توضح عمق المشكلة،بعد اتجاه هذا الاحتياطي للانخفاض ليصل إلى 15 مليارا و291 مليون دولار، قبل دفعات الودائع الخليجية البالغة ست مليارات من الدولارات مع بداية الربع الثاني من العام الحالي، ليرتفع الاحتياطي إلى 5ر20 مليار دولار، إلى جانب معضلة خدمة الدين المتراكمة التي تستنزف جزءا كبيرا من هذا الاحتياطي،مما يضعنا إلى استقبال موجة جديدة من ارتفاع الأسعار بعد القرار الأخير للبنك المركزي بخفض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار الذي سيتصاعد من جديد، خاصة أن المصريين يستوردون أكثر من 60% من إجمالي استهلاكهم، سواء فيما يتعلق بالغذاء أم الدواء أم الملابس وجميع أنواع السلع، ولا شك أن هذه المعطيات التي نتابعها على الساحة في مصر تشير لتوقع زيادة المشكلة، مع توقعات بوصول سعر الصرف الرسمي للدولار إلى 8 جنيهات بنهاية العام الحالي، مع صعوبة حل هذه المشكلة خلال الأجل القصير أو المتوسط، لأنه على الأجل القصير لا يتوقع حدوث طفرة سياحة أو استثمارية إذا استمر مسلسل أحداث الانفجارات المتتالية وغير المتوقعة.