12 سبتمبر 2025
تسجيلثقافته وأسلوبه الدعوي (4)أسلوب ابن السنوسي الدعوي: كان أسلوب ابن السنوسي في الدعوة إلى الله مستمدا من الكتاب والسنة، ومن خلال رسائله لأحد شيوخ الزوايا نلاحظ ذلك حيث قال: قال تعالى: "وقولوا للناس حسنا" وقال تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة..." وقال صلى الله عليه وسلم: "أزهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في يد الناس يحبك الناس". ولذلك نجد دعاة الحركة السنوسية يتخذون الرفق واللين منهجاً، ونلاحظ ذلك في عدة أمور منها:1. التعامل مع الطرق الصوفية:تميز زعماء الحركة بالحلم والرفق ولذلك تحاشوا الاصطدام مع الطرق الصوفية في ليبيا ومصر والحجاز وغيرها، إذ عملوا على إسداء النصح لهم والتعاون معهم في أمور الخير، وتدريجيا دخل بعض زعماء هذه الطرق الصوفية في ليبيا في بوتقة الحركة السنوسية، أما البعض الآخر من أتباع هذه الطرق الصوفية فاقتصر نشاطهم على المدن كطرابلس وبنغازي وغيرهما. 2. عتق العبيد من الأفارقة: كان ابن السنوسي مهتما بدعوة القبائل الوثنية في إفريقيا، فمن وسائله في ذلك، أنه اشترى مرة قافلة من العبيد، كان المستعمرون قد خطفوهم ليعرضوهم في سوق الرقيق، ولكن ابن السنوسي اعتقهم جميعا وعلمهم الإسلام، وبث فيهم حبه وتقديره، ثم تركهم ليعودا إلى قبائلهم وذويهم دعاة، فكانوا دعائم هامة لنشر الإسلام.وكان يشتري العبيد من القبائل التي كانت تغير على القوافل ليعتقهم، وعمل على دعوة القبائل إلى الالتزام بالإسلام، وتخليص العبيد من العبودية وكان يشرف بنفسه على تربيتهم وتعليمهم ثم يرسلهم إلى قبائلهم، وبفضل هذا الأسلوب بعد فضل الله أصبحت قبائل واداي في تشاد ترسل أبناءها لتعلم الإسلام في الجغبوب وغيرها من الزوايا السنوسية. 3. التعامل مع القبائل وتوظيفها للدعوة: اهتم ابن السنوسي في دعوته بزعماء القبائل، واستطاع أن يجعل من بعضهم دعاة إلى الله، واهتم بتوصيل الدعوة إلى الأحياء البدوية، ونظم أمر الدعاة المكلفين بهذه المهمة، وحرص على أن يضرب أروع الأمثلة في العفة، والاستغناء عما في أيدي الناس من متاع الدنيا، وقام بإرسال المرشدين والوعاظ إلى مواطن البدو البعيدة، فكان يرسل بعض إخوانه إلى جهات خاصة، ويحدد لهم مدة عملهم ثم يرسل بمن يخلفهم، ليعود الأوائل لأخذ الراحة. وكانت إحدى البعثات مؤلفة من السيد مرتضى فركاش، وحسين الغرياني، فقاما بالدعوة إلى الله بين القبائل، ومن شدة فرح القبائل بهم أهدوا إليهم هدايا من الإبل والبقر والغنم، ورجعوا إلى ابن السنوسي، وعلم بما حدث وقال لهما مغاضباً: "ما جئت لأجمع مالا ولا لأرغب في الدنيا، ولم أرسلكما لتجمعا لي مالا ولكنني جئت لأنشر علماً وديناً، فارجعا بكل ما معكما لتسلمانه لأصحابه بالعدد". وبالفعل قام الشيخان بإرجاع الهدايا لأصحابها.