15 سبتمبر 2025

تسجيل

حماس ولغة القوة

15 يوليو 2014

ما يجري في غزة ليس بالجديد ، فإنما هو سيناريو متكرر بعد كل عدد من السنين، تطول الفترة أحياناً، وأحياناً أخرى تقصر حتى تكاد أن تكون الحرب سنوية.. وعلى الرغم من ذلك كله، تجدنا نتعامل مع كل سيناريو وكأنه يقع لأول مرة، وكأنما الذاكرة العربية مساحتها لا تتجاوز واحد ميغا بلغة الأرقام الحاسوبية! منذ أن ظهرت حماس على الأرض وصارت واقعاً عام 87، لم تستطع جبروت ووحشية الدولة الصهيونية من محوها واقتلاع جذورها كما يقول قادتهم عند بداية كل حرب. الأمر لم يعد كما يشتهون، بل العكس هو الحاصل. استوعب قادة حماس أن لغة القوة هي اللغة الوحيدة التي يجيدها تماماً قادة الدولة الصهيونية، بل ربما أكثر من العبرية أو الإنجليزية أو لغات الحاسب أو حتى الإشارة!! ولعل الفهم العميق عند قادة حماس لهذا الأمر وهم يتعاملون مع جنس من البشر، جاء من قدوتهم وقدوة كل مسلم، سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم، حين تعامل مع يهود المدينة باللغة التي يفهمونها، لغة القوة، من بعد أن وصل أذاهم للإسلام والمسلمين درجة غير مقبولة. ما يجري اليوم في غزة، رغم التفاوت المادي في العدد والعتاد بين حماس والعدو الصهيوني، إنما هو جزء من صراع مفهوم ومستمر، أو إن صح التعبير، صراع بين الحق والباطل، الذي لن ينتهي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. المسألة واضحة لا تحتاج لكثير شروحات وتفاصيل.. هناك احتلال قائم وشعب يقاوم. هذه كل القصة دون مساحيق مادية أو إعلامية، ودون تزوير في حقائق التاريخ أو الجغرافيا. ولولا الوهن الذي عليه الأمة اليوم، ما وجدت للصهاينة أثر على أرض فلسطين. لكن يحدث هذا كله لأن حماس يمكن اعتبارها الجذوة المتقدة الباقية، التي يمكن أن تنير وتشعل محركات الدفع والقوة في الأمة في أي وقت.. ولهذا يتكاتف الشرق والغرب على أطفاء هذه الجذوة أو الشعلة ، مهما كان حجمها، يخيفهم جداً ما حدث خلال الأعوام الثلاثة الماضية من ثورات هنا وهناك، بغض النظر عن مآلاتها ونتائجها، ولكنها دون شك مهدت أرضية مناسبة لعودة أمة العرب مرة أخرى.. عودة، قد تكون، أو ربما هي فعلاً، مقلقة جداً للشرق القريب قبل الغرب البعيد.. ولهذا يحدث ما يحدث لغزة الآن. فهل اتضحت الصورة؟