31 أكتوبر 2025

تسجيل

العلاقات السعودية الإيرانية.. من يعلق الجرس؟

15 يوليو 2012

أجمل ما في الإعلام الحديث أن صناعة الرأي الآن بيد المتلقي لا كما تبدو سابقاً يُعلن الخبر دون خيار في الأخذ والرد حوله فيفرض مقتضاه على الرأي العام. بل إن وسائل الإعلام التفاعلي الحديث غدت مجالاً لقياسات الرأي والميول حيال أي حدث أو قضية. وفي نهاية الأسبوع الماضي تكثفت التعليقات والردود حول تصريح السيد علي لاريجاني وهو رئيس السلطة التشريعية في إيران حيث دعا في ندوة خاصة عن الحج والاقتصاد إلى ضرورة الحوار مع السعودية وتمتين العلاقات معها لتجاوز جملة الخلافات بين البلدين والمتمحورة حول اتهام إيران باستهداف السفير السعودي في واشنطن ووجهات النظر المتباينة لكلا البلدين حول الموقف في أحداث البحرين وكذلك في سوريا. ورغم الحشد الكبير من التعليقات حول مضمون هذا التصريح في معظم المواقع العربية والفارسية التي تناقلته وميول معظمها حول حالة اللاسلم بين البلدين وعدم جدوى الحوار بينهما. أيضا مما يلفت النظر إلى أن الشحن السلبي المتبادل قد بلغ ذروته في نفوس كل الأطراف فهناك تكريس لتغذية الرأي في كلا الطرفين نحو الآخر وهناك أيضاً اجترار مكثف للتاريخ وشواهده لاستعمار الحاضر مطية نحو مستقبل معتم دون أن يكون للعقل وأساليب العصر الحديثة وثقافتها مجالاً للتأثير في الرقي بمستوى التفاهم حتى دون أن يكون الطموح هو مجرد التعامل المشترك ونسيان الماضي وتبعاته من كلا الشعبين. ورغم أن عين العقل والمصلحة هما في صناعة التقارب والتعاون ووضع محاور محددة لعلاقات البلدين ترقى فوق أي خلاف في وجهات النظر بل إن أي نوع من علاقات التقارب السعودي الإيراني سينعكس إيجاباً على جملة من القضايا المحلية والإقليمية وسيساهم في شطب الكثير من المفردات المتبادلة ويمهد لمرحلة أعمق من التعاون المشترك. وحيث إن مثل هذا النوع من التعاون ممكن وبيد البلدين إذا ما رغبتا في ذلك بل ومورس فعلياً إبان فترة الرئيس علي خاتمي الذي فتح مجالاً للتواصل وإنها فترة خلاف واحتقان دامت سنوات أيضا كانت الوفود المتبادلة والزيارات الرسمية لا تنقطع كما شوهد العديد من رجال الأعمال يبحثون عن الفرص مابين طهران والرياض ولم يلبث شهر العسل هذا في العلاقات طويلاً إذ سرعان ما انتكست الأمور ليعود مستوى العلاقة إلى المربع الأول مع تولي الرئيس أحمدي نجاد رئاسة الجمهورية في إيران بل زادت الأمور سوءا مع أحداث البحرين وانتهاج الأخوة في إيران أسلوب الاستعداء الجماهيري تجاه السعودية والذي وصل حتى إلى مباريات كرة القدم بين البلدين حينما واجه الفريق السعودي نوعا من ذلك في المدرجات الجماهيرية الإيرانية. ومبتغى القول إن تصريح السيد لاريجاني وهو من موقعه على خلاف حاد مع الرئيس نجاد نلمس أن عقلاء النظام يحبذون الهدوء والتواصل مع شعوب المنطقة والعمل على حلحلة كل المشاكل أملا في صناعة مستقبل جيد للشعب الإيراني بعيداً عن التحشيد وافتعال الأزمات التي أضرت حقيقة بمستوى معيشة الفرد. أيضا يلمس في جانب من الموضوع أن هناك تحشيدا مبرمجا تجاه دول المحيط الإيراني يغذى غالباً تبعا لمصالح عليا وتديره أعلى سلطة في البلاد دون أن يمرر على الكثير من المؤسسات الرسمية وهو ما يعطي انطباعا عاما حول انقسام حقيقي في مؤسسات السلطة الإيرانية. أيضا من جملة التعليقات حول تصريح لاريجاني أن أتباع إيران ومحبيها أشد حماسة من الإيرانيين ذاتهم بل إن في بعض تصرفاتهم ضررا على السياسة الإيرانية وإحراجا لها في الكثير من المواقف والأزمات. أيضا تدرك إيران أن نوعا من العلاقة الإيجابية مع السعودية سيمهد لعلاقات طيبة مع المحيط الإقليمي عموماً وسيخفف من الضغط الدولي على إيران حول ملفاتها الساخنة لاسيَّما برنامجها النووي تبعاً للدور السعودي العالمي في المنطقة خاصة بعد التقارب المصري السعودي والتشكل المحوري المرتقب في المنطقة والذي قد يفقد إيران الكثير من نفوذها وطموحات مخططاتها الآنية، عموما تبقى مهمة البداية نحو المضي في مد يد التعاون نحو الآخر مرهونة بالظروف وحماسة الطرفين. إذا من يعلق الجرس لتجنيب المنطقة مزيدا من التوتر؟