12 سبتمبر 2025
تسجيلنجدُ ابن المروءة في فئات المجتمع بمختلف الأعمار والأعمال من الرجال والنساء، والشباب والفتيات، والرئيس والمرؤوس، ومن الحكم السائرة مع هذه القيمة أنه "ذو المروءة يُكرم وإن كان معدمًا، كالأسد يُهاب وإن كان رابضًا، ومن لا مروءة له يُهان وإن كان موسرًا، كالكلب يُهان وإن طوق وحُلي بالذهب". وقد قيل "فمن كانت رجولته كاملة كانت مروءته حاضرة". فابن المروءة وما يتحلى به خصال وأعمال صالحة يسعى بها في حركة الحياة إنما هو بتوفيق من الله تعالى له، وهو يقول بأن الله تعالى وفقني لعمل كذا وكذا، وهو يظهر الافتقار والحاجة إليه. وهي تجمع بين محاسن الآداب ومكارم الأخلاق والأفعال، ولا يقول إنها من المثاليات، ويعجز الإنسان أن يأتي بها في هذا الزمان، فهذا الكلام لا يخرج إلا من متذمر ناقم حاقد على من حوله في هذه الحياة. وصدق المتنبي رحمه الله: وَإِذا أَتَتكَ مَذَمَّتي مِن ناقِصٍ... فَهِيَ الشَهادَةُ لي بِأَنِّيَ كامِلُ وصدق كذلك مروان بن أبي حفصة رحمه الله حين قال: ما ضرَّه حسد اللئام ولم يزل... ذو الفضل يحسده ذوو التَّقصير أي أن ابن المروءة إذا أتته المذمة والانتقاد من ناقص مقصر حاسد، فهذا دليل على أن ابن المروءة سائر في مساحات الخير ودروب العطاء والنهوض، وكل هذا من فضل الله تعالى عليه، فاستمر، هكذا "هي الحياة"!. والإمام الشافعي رحمه الله يحث على المروءة، والتحلي بشيء من محاسنها وأخلاقها وأفعالها بقوله: لما عفوت ولم أحقد على أحدٍ... أرحتُ نفسي من هَمّ العداواتِ فابن المروءة، يستر وينصح ولا يفضح، يُعطي ولا يَمُن، يصل ولا يقطع، يُصلح ولا يُفسد، يُحسن الظن ولا يُسيء، يحب الخير لنفسه ولمن حوله، والأنانية ليست من طباعه ولا من فعاله، ذو وجه واحد، لا يتلون عند هذا بوجه وعند غيره بوجه آخر، وفيٌّ لا يعرف الغدر والخيانة، عفُّ اللسان والقلم، وعفّ في مواقع التواصل الاجتماعي، لا يخوض في البذاءات والفُحش وسفاسف الكلام، ولا يخوض في أعراض الناس، كما يفعله ويستسيغه من قلة مروءَتهم بل وضاعت في مستنقعات القذارة، إن أخطأ يقول أخطات ولا يستصعب الاعتذار لمن جاءه معتذر. وابن المروءة يعتز بتاريخ أمته، لا كما يفعل عبيد الدرهم والدينار، تراهم يخرجون من هنا ومن هناك كأنهم زواحف بين فترة وأخرى تغير جلودها وألوانها. لحساب من كل هذا بتطاولهم على تاريخ صُنَّاع الحياة القادة الفاتحين وتاريخ أمتنا؟. ولننظر هنا إلى فقه صُنّاع الحياة رحمهم الله للمروءة ومواطنها في مساحات الحياة، فقد قيل لسفيان بن عيينة رحمه الله "قد استنطبت من القرآن كل شيء، فأين المروءة؟. فقال في قوله تعالى (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) ففيه المروءة، وحسن الآداب، ومكارم الأخلاق. فجمع في قوله تعالى (خُذِ الْعَفْوَ) صلة القاطعين، والعفو عن المذنبين، الرفقة بالمؤمنين، وغير ذلك من أخلاق المطيعين. ودخل في قوله (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) صلة الأرحام، وتقوى الله في الحلال والحرام، وغض الأبصار، والاستعداد لدار القرار. ودخل في قوله (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) الحضُّ على التخلق بالحلم، والإعراض عن أهل الظلم، والتنزه عن منازلة (منازعة) السفهاء، ومساواة الجهلة والأغبياء، وغير ذلك من الأخلاق الحميدة، والأفعال الرشيدة". وسُئِلَ بعض الحكماءِ عن العلاقة بين العقل والمروءَة فقال "العَقل يأمرك بِالْأنفعِ، والمروءَة تأمرك بِالأجمل". فدروس المروءَة لا تنتهي، بمعالمها واضحة!. "ومضة" حلو أن نعيش مع المروءة في زمن نبحث عن ابن المروءة!. فهل نجده؟!. [email protected]