19 سبتمبر 2025
تسجيلبكل نفس خيرة راضية بقضاء الله، وروح رياضية عالية، وثقافة إعلامية راقية لم تنحدر إلى مستوى الإعلام المضاد، وذوق رفيع، عبّر الصحفيون والكتاب والمثقفون ورواد وسائل التواصل الاجتماعي القطريون بكل فئاتهم العمرية، ومكاناتهم الاجتماعية عن آرائهم وأفكارهم وخواطرهم ومشاعرهم الذاتية بأسلوب راق مغلف بالتعقل الممزوج بالسخط والاستياء والانزعاج وعدم الرضا عن محاولة إلصاق تهمة الإرهاب بدولة قطر.. ومن قِبل مَن؟! للأسف من قبل أقرب الناس إليها من شقيقاتها الخليجيات مستغربين بذلك من قرار قطع العلاقات الدبلوماسية، وإغلاق الحدود، والحصار الجائر على شقيقتهم الصغرى دون أي اعتبار لأبسط مبادئ الجيرة والأخوة والقرابة والدم والعروبة والمروءة والدين، متجاهلين في ذلك قدسية الشهر الفضيل (رمضان شهر القرآن)، ولا حول ولا قوة إلا بـالله العلي العظيم. فغريب عجيب أمر هذه الشقيقات الخليجيات الثلاث، فأين مروءتهن، وشهامتهن، وكرمهن، ومبادئهن الدينية، وغيرها من الاعتبارات الاجتماعية وصلة القرابة والدين. ولكن لا عجب في ظل عالم غريب عجيب، وزمن أعجب وأغرب؛ زمن تنحدر فيه القيم، وتنحط فيه الأخلاق، وتتناقض فيه المبادئ، وتنقلب فيه المعايير، وتختل فيه الموازين، وتُسيس فيه القوانين، وتتغالط فيه المفاهيم، وتُتشوش فيه الأفكار، وتُقلب فيه الحقائق، وتُزيف المواقف. فلم نعد نفرق بين الصواب والخطأ، ولا بين الحق والباطل، ولا بين البطولة والخيانة، ولا بين الأخوة والعداوة، ولا بين المقاومة والإرهاب. فالمقاومة بمعايير القوة العظمى وحلفائها، وإسرائيل إرهابا، والإرهاب عندهم دفاعا عن النفس. ولذلك فلتبس الأمر على الشقيقات الثلاث وعجزن عن التمييز بين الإرهاب والمقاومة، ودعم الإرهاب ودعم المقاومة، فخُيل إليهم أن قطر تدعم الإرهاب، بينما هي في الحقيقة تدعم المقاومة الفلسطينية الشريفة ضد الاحتلال الإسرائيلي. وفي ظل التناقضات، وبالمقاييس ذاتها، فقطر داعمة للإرهاب! وباقي الدول بريئة حتى من رائحة الإرهاب! والله عجب يا زمان، قربت الغريب، وبعدت القريب، فإسرائيل اليوم صديقة، وقطر عدوة.. يا لها من مهزلة، ومضحكة ومسخرة.. فما هذا السُخف، وما هذا الهُراء، وما هذه الموازين والمعايير المقلوبة التي تحكم تعريف الإرهاب، ومعناه، ومغزاه، والتي يُحدد في ضوئها الإرهابي وغير الإرهابي؟ ومعاقبة الشريف البطل المقاوم للظلم باعتباره إرهابيًا، ومكافأة المذنب المجرم باعتباره مقاوما نابذا للإرهاب. فقطر شاء من شاء، وأبى من أبى لم ولن تكون إرهابية، فدعمها للمقاومة الشريفة شرف ومفخرة، ونصرة المظلوم شهامة ومروءة، وليست ذنبا، ولا جرما، ولا إرهابا على الإطلاق. بل الإرهاب بمعناه اللفظي الإلهي هو الترهيب والترويع والتخويف، لقوله تعالى: "واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم..." (الأنفال، 60)، فالقصد هو تخويف وترويع الأعداء، ونشر الذعر بينهم.. ولذا، وفي ظل هذا التعريف الإلهي، فلا يتجسد الإرهاب إلا في قرار الشقيقات الثلاث المفاجئ الداعي إلى قطع علاقاتها مع قطر، وإغلاق حدودها، وحصارها، بقصد تجويعها، وتهديدها في أمنها وأمانها، وتركيعها في نهاية المطاف كما كانوا يتفوهون ويغردون به في بداية الأزمة. وبهذا، فقد تم ترهيب الشعب القطري الآمن الغافل في وطنه، وتخويفه ونشر الذعر بين أفراده، وعائلاته لولا أن من الله عليه بالسكينة والاطمئنان مُحتسبنا ذلك عند الله خيرًا، ومرددين "حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بـالله" وذلك امتثالا لقول الله تعالى: "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل (آل عمران، 173). والسؤال الآن هو.. لم كل هذا يا شقيقاتنا الفاضلات، وماذا فعلت قطر بكم لتعاقب بمثل هذا العقاب القاسي من أقرب الناس إليها، وما هو جرمها، وذنبها؟ هل دعمها للمقاومة الفلسطينية الشريفة ذنب أو جريمة لابد من معاقبتها، وماذا يضركم في دعم حماس كمنظمة مقاومة إسلامية؟ وماذا فعلت حماس بكم، فهل قامت بأي عمل إرهابي في السعودية مثلا أو في الإمارات، أو البحرين؟ أو في أي بلد آخر غير عدوها الإسرائيلي المحتل لأرضها ووطنها، والقامع لشعبها؟ والإجابة بالطبع لا، لم تطلق حماس رصاصة واحدة على أي أخ عربي، ولم تقم بأي عمل عسكري خارج حدود إسرائيل؟ فما المبرر لتصنيفها بأنها منظمة إرهابية؟ ومع العلم أنه لم يصنفها بذلك أحد غير أمريكا وإسرائيل. ولذا، فحماس بالنسبة لكل عربي مسلم مخلص ليست إرهابية، بل هي منظمة عربية فلسطينية اتخذت من المقاومة مسلكا للدفاع عن أرضها وشعبها، وصد الاحتلال الإسرائيلي الغاشم. ولذا، فيتوجب على كل عربي مسلم أن يدعمها، فهي تستحق الدعم القطري ماديا ومعنويا، وقطر مؤمنة برسالة حماس، ولم تقتنع بشيطنتها، ولا بإرهابيتها، وبالتالي فلن تتخلى عنها. أما حصاركم لقطر لا مبرر له، ولن يجدي نفعا.. وقطر لن تركع إلا لله سبحانه وتعالى، والله معها في نصرة الحق. بما أن قطر بشهادة القاصي والداني لها أياد خيرة بيضاء في كل أرجاء المعمورة، لن يخذلها الله، ولن يضيعها، وستخرج من هذه الأزمة بإذن الله واثقة قوية شامخة لا يهزها ريح.