29 أكتوبر 2025
تسجيلقد أجمع العلماء على أن كل ما يؤدي إلى الضرر ويوقع في المهالك يجب اجتنابه، وفعله محرم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار).وكثيرة هي الأضرار الناجمة عن تعاطي التدخين، فمنها ضياع المال وإنفاقه في وجه غير مشروع وصرفه في المحرم، فلو فُرض أن إنسانًا بدأ في التدخين من سن الخامسة عشرة إلى أن بلغ ستين سنة، وأن متوسط تدخينه في اليوم عشرون سيجارة، فإن مجموع ما دخنه يتجاوز ستة عشر ألف علبة سجائر، قيمتها واحد وثمانون ألف ريال، فمن هذا يتبين أن المدخن العادي يصرفُ هذا المبلغ الضخم في جلب الضرر لنفسه، ويزيد المبلغ كثيرًا عند أولئك الذين يتعاطون التدخين بشراهة وبكمية أكبر.وقد أثبت الأطباء وأعلنوا مرارًا أن التدخين مضر بالبدن منهك للصحة، وأنه يقتل ما يقارب ثلاثة ملايين إنسان في كل عام، وهو سبب رئيس للإصابة بعدة أمراض، منها: سرطان الرئة والتهابها، وسرطان الحنجرة، وضيق التنفس، وزيادة سرعة ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة معدل الإصابة بتصلب الشرايين، وفقدان الشهية، ومحو الشعور بالجوع، والأرق الطويل، وضعف الإبصار، وغير ذلك من الأمراض الأخرى. وإنه لا يَسَعُ العاقل وهو يسمع أن واحدًا فقط من هذه الأمراض سببه التدخين إلا أن يعزم على تركه ويُقلع عنه بالكلية.ثم إن أضرار التدخين لا تقتصر على المدخن نفسه، بل إنها تعم كل من حوله، وأقربهم الملكان اللذان عن يمينه وشماله، وقد جاء في الحديث عنه أنه قال: (إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم).ثم كيف يليق بعاقل أن ينفخ الدخان في وجوه من حوله، وينفثه بحضرة من هم أكبر منه سنًا وأعلى قدرًا؟! بل كيف يرضى بنفثه في وجوه من يجلسون من أبنائه وبناته وزوجته، ويكدّر عليهم صفو جلستهم.ومن الدراسات المتعلقة بأضرار التدخين ما ثبت من أن المدخن للسيجارةِ الواحدةِ إذا جلس معه شخص أثناء تدخينه فإنه يدخن معه نصف السيجارة، ويلحقه ضرر بجلوسه معه.إذًا ليست هناك نتائج وفوائد إيجابية يجنيها المدخن من تعاطيه التدخين، بل مفاسدُ وأضرار كثيرة، والمدخن يعرف هذا لكنه قد يكابر ويعاند، والشجاع مَنْ يتخذ قراره الأصوب في الامتناع عن التدخين والإقلاع عنه إلى غير رجعة، حتى لا يلحقه الأذى والإثم والضرر في دينه وصحته وماله، فهل ترضى أيها المدخن بأن تودِع النار في صدرك بثمن تدفعه مقدمًا، وأن تشرب نارًا وتدفع مقابل ذلك ريالًا؟! إنه ما دام قد ثبت أنالتدخين من أعظم ما يجلب الأمراض للجسد، وأن البعض يسميه بالانتحار البطيء، فإني أخشى أن تكون ممن قتل نفسَه، ودخل في قوله: (ومن تحسى سمًا فقتل نفسه ـ أي: من شرب وتجرع سمًا ـ فسُمُّه في يده يتحسَّاه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا).