16 سبتمبر 2025

تسجيل

المرأة وجمعيات حمايتها المشبوهة

15 يونيو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تعاني مجتمعاتنا العربية والإسلامية في السنوات الأخيرة حالة من الصراع والتنازع في النظرة تجاه دور المرأة في الأسرة والمجتمع. فبين محافظ اعتاد على فكرة أن المرأة هي ذلك الكائن الضعيف اللطيف الناعم الذي يحتاج للحماية والرعاية من الرجل، والاختباء في كنفه لدفع الأذى والخطر عنه، التي تجد سعادتها في الاهتمام بمنزلها وزوجها وأبنائها والعناية بهم، والتي تجد نجاحها من خلال نجاحهم وتقدّمهم. وبين رؤية طارئة وافدة تعتبر المرأة فرداً مستقلاً بذاتها في الأسرة في مواجهة الرجل وليس إلى جانبه ومعه، بل مزاحماً له في مختلف شؤون الحياة، تطالب بالمساواة معه في كل شيء، وتعتبر أنه يجب أن يكون لها ما له وعليها ما عليه، دون النظر للاختلافات الكثيرة التي فطر الله عليها عباده، والتمايز في الخلق والخلقة بين الرجل والمرأة.إزاء كل قضية تثار في وسائل الإعلام حول إساءة تعرضت لها المرأة من الرجل تجد جمعيات حماية المرأة فرصة لرفع الصوت والتصعيد والمطالبة بالمساواة. فيتم الاختباء وراء شعار حماية المرأة من العنف الأسري الذي تتعرض بعض النساء من أزواجهن للمطالبة بإقرار قوانين تمنح المرأة المساواة مع الرجل في كل الحقوق والواجبات. بل إن أحد الشعارات التي رُفعت في إحدى التظاهرات التي شهدها لبنان قبل فترة كتب عليها "أوقفوا العنف ضد المرأة وإلا..."، دون أن نعرف ما يمكن أن تكون الكلمة التي ستتبع "وإلا". الكثير من جمعيات الدفاع عن المرأة في عالمنا العربي أهدافها نبيلة، وهي بالفعل مقتنعة بأن حقوق المرأة مهدورة ويجب صونها وحمايتها حرصاً على المرأة وكرامتها. لكن البعض الآخر من هذه الجمعيات مشبوه، أنشئ معظمها بدعم خارجي من مؤسسات غربية شبه حكومية، لم تتكبد النساء المنضويات في هذه الجمعيات عناء التفكير بالخلفيات والأسباب التي يمكن أن تدفع هذه المؤسسات لتقديم الدعم المالي، وما المقابل الذي ستحصل عليه من وراء كرمها هذا. فهل تسعى هذه الجهات فعلاً لحماية المرأة أم أنها تسعى لتغريب مجتمعاتنا وتصدير قيمها ومبادئها إلينا. هذه القيم التي لاعلاقة لها بقيم ومبادئ مجتمعاتنا وتاريخنا وتراثنا، وهي تخالف في أماكن كثيرة شرعنا الحنيف.. فالرجل الذي يحترم زوجته ويحسن إليها ويقدّرها، لايفعل ذلك لأن القانون يفرض ذلك، بل لأنه تربى على هذا الأمر وتعلمه من ذويه ولأن الإسلام حضّ على ذلك. العقبة التي تعترض جميعات الدفاع عن حقوق المرأة هو أن ما تطالب به ينسف الصورة الذهنية للمرأة التي تشكلت في أذهاننا على مدى عقود. فالمرأة هي التي تمنح دون مقابل، هي الأم والأخت والزوجة والإبنة، هي الإنسان الذي يتصرف بدافع فطرته الأنثوية الرقيقة التي خلقها الله عليه. أما في ظل مطالبات الجمعيات النسائية بإقرار قانون يحدد العلاقة بين الرجل والمرأة، فإن هذا يعني أن علاقة المرأة بالرجل ستكون محكومة بالقانون، بعيداً عن أي عواطف أو فطرة أو نخوة أو شهامة أو تربية إسلامية. وبالتالي لن نسمع حينها عبارة أن زوج فلانة "ابن حلال" يحسن معاملتها، بل سيصبح التقييم مبني على أن زوج فلانة يلتزم بتطبيق القانون. إذا أصبح القانون هو الذي يحكم العلاقة بين المرأة من الرجل، ولم تعد للقيم والأخلاق والشرع دور في هذه العلاقة، ولم يعد واجباً على الرجل حماية المرأة ورعايتها فإن هذا يعني أن الرجل لن يكون مضطراً لتقديم المرأة طالما أن القانون لاينص على ذلك، ويجدر شطب عبارة "Ladies First" من قاموس الاحترام لأن القانون يساوي بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات. وليس على الرجل إسعاد زوجته بفتح باب السيارة لها، ولا أن يسحب لها الكرسي في المطعم، ولا أن يقوم بالمهام الصعبة في المنزل، طالما أن كل ذلك غير وارد في القانون، ولست أدري ما إذا كان الإنفاق على المرأة سيبقى واجباً على الرجل طالما أنهما متساويان في الحقوق والواجبات. لنتخيل أي مجتمع يمكن أن نكون عليه حينها.في اللحظة التي تنجح فيها جمعيات الدفاع عن المرأة بوضع أسلاك شائكة حول المرأة لمنع الرجل من الاقتراب منها والاعتقاد أنها بذلك تحميها منه، ستبدأ الجمعيات نفسها مرحلة جديدة من استيراد المزيد من القيم الغربية، وربما تغير اللافتة التي تعمل تحتها، فتستبدل حماية المرأة لتصبح حماية الأطفال من ذويهم والمطالبة بحماية الأبناء من أهلهم والمطالبة بالاستقلال عنهم.