29 أكتوبر 2025
تسجيلجاء تأسيس "وزارة التنمية الادارية" خلال التشكيل الوزاري في الدولة مؤخرا؛ بهدف تفعيل وزيادة كفاءة العمل داخل الجهاز الاداري في الدولة، لمسايرة الركب في هذا المضمار المهم في الدولة لتأسيس بنية تحتية سليمة من جهة، ومسايرة رؤية قطر الوطنية 2030 من جهة أخرى. ولا شك ان مثل هذه الوزارات في اي مكان في العالم هدفه الاساسي يقوم على رفع الكفاءات الادارية في الدولة وبخاصة العمالة الوطنية التي تحتاج الى تأهيل وتدريب؛ لكي نصبح في مصاف الدول المتقدمة.ولعل الكثير يأمل خيرا من تأسيس "وزارة التنمية الادارية" وما يجب ان تقوم به في مضمار الشأن الاداري وتنمية الكوادر الوظيفية في الدولة وتنميتها بالشكل الذي يساير التطور في العالم.** الرؤية الحضارية لوزارة التنمية الادارية:لا شك أن إنشاء مثل هذه الوزارات المهمة في الدولة يأتي من باب الارتقاء بالعمل الاداري والتحرر من العمل الاداري الممل والمتأخر عن ركب الامم الاخرى، هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى هو العمل على جعل الموظف المواطن يشعر بالتطور والارتقاء الدائم والمستمر في عمله ومؤسسته التي يعمل بها، مع تلقي هذا الموظف الخدمات الحكومية بأشكالها المختلفة بأسلوب علمي وحضاري متطور، يكون قريبا من التحكم والعمل على دعم منظومة اتخاذ القرار، مع وجود رقابة ادارية لتوزيع المهام والاختصاصات، فيما يتعلق بجانب التنمية الادارية لأي مؤسسة حكومية ومن تلك مراقبة التسرب الوظيفي والقضاء على هذه الظاهرة التي تعاني منها كافة المؤسسات والوزارات، وهذا على سبيل المثال لا الحصر، وهناك ظواهر اخرى تحتاج منا الى وقفة مستقبلية معها؛ لانها تهم أكبر قطاع من الموظفين في الدولة.ولعل الهدف من ذلك هو رفع المؤشر التكنولوجي والاداري والمهني في المجال الاداري، الذي يتطلب تعاون كافة الجهات في الدولة معه لإنجاز هذه المهمة وهي جزء من المهام والاختصاصات لهذه الوزارة.** وزارة التنمية والقطاع الخاص:قد تكون مهمة وزارة التنمية الادارية غامضة بعض الشيء في توجهاتها اليوم، حيث إن الاهتمام بالتنمية الادارية وبتأهيل الموظفين والعمل على بناء قاعدة تنموية صحيحة قد يرتطمان ببعض الصدامات مع مؤسسات القطاع الخاص أو شبه الخاص أو ما يسمى قطاعا حكوميا، بينما الحقيقة تقول انه لا يتبع للحكومة.ولنأخذ على سبيل المثال "المؤسسة التعليمية" التي تعج بالآلاف من الموظفين وان كان اغلبهم من الوافدين العرب والاجانب، حيث تتزايد اعدادهم في كل يوم، ولا توجد رقابة ادارية عليهم، والسبب ان دولة قطر تعد من الدول الغنية في العالم وميزانياتها تعد بالمليارات، وهذا ما فتح الباب لغير المواطنين بطلب العمل فيه بسبب الرواتب المرتفعة وفرص العمل التي تتوافر للوافدين ولا تمنح للمواطنين، والمفترص ان تكون الفرص لأبناء البلد هي المتوافرة والممنوحة قبل منحها لغيرهم.والسؤال المطروح هو:ما هو دور وزارة التنمية الادارية في كل ما يحدث من منح للوظائف الادارية في المؤسسة التعليمية — مثلا — للوافدين وتغييب الموظفين المواطنين عنها؟ثم ان لعب هذا الدور لهذه الوزارة يجب ان يكون مطروحا للنقاش على مائدة سعادة وزير التنمية الاداية، ان وجوده في هذا المنصب المستحدث منذ فترة وجيزة يتطلب ان يتصدى له بكل شفافية وموضوعية؛ لان التنمية والارتقاء بالمؤسسات والوزارات الحكومية لا ينبغي ان يكون محصورا في هذا الاتجاه فقط.والشيء الاهم، ان هذه الوزارة عليها ان تطبق اهداف رؤية قطر الوطنية 2030 بحذافيرها خاصة ما يتعلق بجانب التنمية البشرية التي تؤكد على هذا الشيء، وهي نقطة مهمة لا ينبغي ان تغيب عن اذهاننا عند التخطيط ورسم السياسات الوطنية لبناء مجتمع قوامه التنمية الحقة والاستثمار في الانسان القطري.كذلك ينبغي على وزارة التنمية الادارية السعي لتوفير بيانات صحيحة ودقيقة لدعم عملية التنمية الادارية وهو ما سيسهم في دعم متخذ القرار ومن ثم وضع رؤية مستقبلية واضحة.** الاهتمام بالوظائف العليا:لعل من الجوانب المهمة في توجه هذه الوزارة هو الاهتمام بالوظائف العليا في مؤسسات وهيئات ووزارات الدولة، ويجب ان تمر عبر قنواتها الشرعية جميع هذه الوظائف قبل ان تصل الى مجلس الوزراء الموقر.والمطلوب عمله في هذا الاتجاه هو استقطاب الكفاءات الوطنية المؤهلة والمدربة وصاحبة الخبرة، والعمل على توظيفها في هذه الوظائف بالشكل الصحيح لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب.وخلال العقود الماضية كانت "الواسطة" و"توظيف الاقارب والحاشية في المناصب العليا" هي السائدة، واليوم اعتقد اننا نعيش في عصر غير ذلك العصر الذي ولى وذهب بغير رجعة.كما اقترح ان يكون لوزارة التنمية الادارية موقعها الاداري المتفرد والمميز عن بقية الوزارات، وان يشتمل هذا الموقع على ما يجب ان تسعى لتحقيقه في مجال التنمية الادارية، حتى ان الوظائف المهمة في الدولة او الوظائف الشاغرة التي تحتاج الى موظفين وافدين يجب ان تكون فيها الاولوية للمواطنين، وان يتم الاعلان عنها عبر الموقع الالكتروني للوزارة، وهو ما سيعكس دورها الصحيح في خدمة المجتمع واستقطاب الموظف المواطن بدلا من التلاعبات التي تحدث في مؤسسات وهيئات الدولة.كذلك يجب تفعيل دور وزارة التنمية الادارية في جانب الموارد البشرية بمؤسسات الدولة، مع دراسة الهياكل التنظيمية للجهات الحكومية وتطويرها وتغييرها للاحسن، مع مراجعة نظم العمل وتحديثها باستمرار والاهتمام بجودة الاداء المؤسسي وتأهيل الموظفين من جديد. ويكون ذلك بالتعاون مجلس الوزراء بهذا الشأن اذا احتاج الامر.** وبعد:فان منع الازدواجية في العمل الاداري يتطلب الاسراع بإصدار هيكلة الوزارات في جميع المجالات العامة، لتكون هذه الوزارات تحت مسؤوليات واضحة ومحددة.** كلمة أخيرة:مطلوب اهتمام الوزارة بمراقبة عملية توظيف الوافدين في مؤسسات الدولة وتوفير ذلك للمواطنين؛ منعا لأي تلاعب وهدر للمال العام.