02 نوفمبر 2025
تسجيلأبدت دولة جنوب السودان قلقاً بالغاً إثر قرار الرئيس السوداني عمر البشير إغلاق أنبوب تصدير النفط الجنوبي عبر السودان بعد اتهامات أطلقها السودان لحكومة جوبا بدعم المتمردين السودانيين.. سلفا كير رئيس دولة الجنوب أكد أنه لا عودة للحرب بين البلدين مطلقاً وشدد على حاجة بلاده لكل قرش.. في الوقت نفسه أكد برنابا مريال بنجامين وزير الإعلام في جنوب السودان أن زيارة سلفا إلى الخرطوم مازالت قائمة وسيصل إلى بورتسودان لمشاهدة تصدير النفط، وقال برنابا إن الحوار والاتصالات مع الخرطوم مازالت مستمرة.. جوبا التي تعتمد في إيراداتها على البترول بنسبة (98%) قد طال انتظارها منذ أن بادرت من جانب واحد بإغلاق أنبوب النفط إثر أزمة تحديد رسوم العبور.. حينذاك نصح الناصحون جوبا محذرين من إقدامها على عمل أخرق مثل إيقاف ضخ النفط، لأن جوبا ستكون أول المتضررين ليس بسبب وقف العائدات الدولارية فحسب، ولكن لأن الإيقاف سينتج عنه أضرار فنية بالغة يصعب تفاديها مستقبلا، بما في ذلك تدني إنتاج آبار النفط الجنوبية، فضلا عن أن استئناف الضخ سيواجه بمشكلات فنية معقدة تحتاج لكثير من الوقت والصبر.. قبيل قرار البشير زار وزير النفط في دولة جنوب السودان شاكياً "لطوب الأرض" بسبب تدني ضخ إنتاج نفطهم من (200) ألف برميل في اليوم إلى (105) آلاف برميل فقط، وكانت قد استدعت المبعوث الصيني لديها شاكية ويبدو أن المسؤول الصيني حدثهم عن أسباب فنية لا غير.. فنيون كانوا قد حذروا جوبا من خطوة إغلاق الأنبوب التي سينتج عنها انخفاض إنتاج بعض آبارها لمسألة تتعلق بطبيعة نوع النفط الخام. عقب خطوة الرئيس البشير الأخيرة جاء القائم بالأعمال الأمريكي في الخرطوم شافعاً لجوبا متجاهلاً ومتغاضياً عن دعمها لمتمردي السودان، الخرطوم ترى أن المسؤول الأمريكي لم يسأل نفسه عن قيام دولة أجنبية بدعم جماعات أمريكية تسعى لتقويض الدستور ونفس الاستقرار بقوة السلاح والإرهاب؟! ما يثير قلق ودهشة الخرطوم أن جوبا تدعم المتمردين بسخاء لم يكن له مثيل وتقول هذه جوبا وهي في حالة كرم طائي رغم أنها تشكو الفاقة و(الفلس) والجوع؛ فما بال حالها عندما تتدفق إليها دولارات البترول الذي بلغ في مسيره ميناء التصدير على البحر الأحمر؟. ملفان أساسيان يمثلا لب الخلاف بين البلدين، الملف الأول ملف الترتيبات الأمنية وتوليه الخرطوم أولوية قصوى.. والملف الثاني ملف اقتصادي يتضمن استئناف تصدير النفط من جديد وهذا توليه جوبا أولوية قصوى.. وكان الجدل محتدما أيهما أولا لكن اتفق على إنجازهما بالتزامن ليطبق شعار النفط مقابل الأمن إلا أن الخرطوم شعرت بأنها تم خداعها؛ ففي حين وصل نفط الجنوب على الأنبوب إلى مشارف ميناء التصدير، نجد أن الملف الأمني تراجع بشكل مخيف فقد دخلت القوات المتمردة المدعومة من جوبا إلى العمق وقامت بعمليات عسكرية في وسط البلاد.. بل إن الخشية من أن تتمادى تلك القوى وتحاول شن هجوم على العاصمة الخرطوم حيث إن هناك معلومات رشحت تؤكد أن المتمردين يعدون الآن في عملية تجميع لقواتهم قرب مدينة (أب كرشولا) بولاية جنوب كردفان والتي استعادها الجيش من قبضتهم أخيراً. هل ستدعم خطوة الرئيس البشير التطبيع مع جوبا بحيث تتخلى جوبا عن دعم المتمردين السودانيين؟ أم أن الإغلاق سيوسع من حجم الفجوة بين البلدين ويجعل جوبا تبحث بجدية عن أنبوب جديد؟ هل سيرفع الاتحاد الإفريقي يده وينتقل الملف برمته إلى مجلس الأمن وتواجه الخرطوم تحيز الولايات المتحدة ضده وتكسب جوبا الرهان؟