15 سبتمبر 2025

تسجيل

مع المتنبي في معرض الدوحة للكتاب (1-2)

15 مايو 2024

أشرت له من بعيد وهو في مضمار الفروسية قبل أن تخرج الشمس من خدرها وفرسه المحبب سابح يكمل الأشواط في همة الخيل العربية الأصيلة وضحك وقال لي: فهمت ما تريد قوله يا بُني، وأردف قائلاً: أعــــــــــــز مكــــــــان فــي الــدنى ظهــــــــــر ســــــــابــــــح وخيـــــــرُ جليـس في الزمـــــــــــان كتـــــــــــــــــــاب فعلمت أنه لم ينس الموعد. قبل ذلك بيوم وفي المساء وعلى الخيمة العربية في المجلس العربي الذي أحبه أبو الطيب بيد انه اشتكى من قوة الإضاءة التي خففها ضيفنا المبعوث من وزارة الثقافة القطرية المنظمة لمعرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته الثالثة والثلاثين ليكون مرافقاً لنا في جولتنا للمعرض. في ذلك المساء اجتهدت في أن أقنع الشاعر العربي المتنبي ان الذهاب للمعرض بالخيل سوف يربك حركة السير في المدينة واقترحت ان نذهب بالمترو، وسعى مضيفنا ان يقرب له الصورة فضحك ضيفنا ثم أنشد قائلا: إِذا اعــــــــــــتــــــــــــادَ الفَتــــــــــــى خَـــــــــــوضَ المَنــــــــــــايـــــــا فَـــــــأَهــــــــــــوَنُ ما يَمُــــــــــــرُّ بِــــــــــــهِ الــــــــــــوُحــــــــــــولُ فقلت له: بل الامر اهون من ذلك يا شاعر الدنيا. ركبنا المترو والكل اخرج جواله ملتقطاً خلسة بعض الصور لهذا الضيف. وهمس لي قائلا يا بني لو حضرت زمانكم هذا لقلت في وصف معالم الدوحة أكثر مما قلت في وصف شعب بوان: مَغــــــاني الشَعـــــــبِ طيبـــــــــاً في المَغـــانـــي بِمَنــــــــــــزِلَةِ الربيــــــــــــعِ مِنَ الزَمــــــــــــانِ وَلَـــــــكِــــــــــنَّ الفَتــــــــــــى العَــــــــــــرَبِــــــــــيَّ فيــــــــــهـــــا غَـــــــريبُ الوَجـــــهِ وَاليَـــــــدِ وَاللِـــــسانِ مَــــــــــــلاعِــــــــــبُ جِنَّــــــــــــةٍ لَو ســـــــــــارَ فيـــــــــهـــــــــا سُلَيــــــــــــمانٌ لَــــــــــســــــــــــارَ بِتَرجُمــــــــــــانِ طَبَــــــــــــت فُرســــــــــانَنـــــــــا وَالخَيــــــــلَ حَـــــــتّى خَشـــــــــيتُ وَإِن كَــــرُمنَ مِنَ الحِــــــــرانِ غَدَونــــــــــــا تَنفُــــــــــــضُ الأَغصــــــــــانُ فيــــــــــها عَــــــــــــلى أَعــــــــــــرافِها مِثــــــــــــلَ الجُــــــــــــانِ فَسِــــــــــــرتُ وَقَد حَجَــــــــــــبنَ الشَمسَ عَنّي وَجَبنَ مِنَ الضِيــــــــــــاءِ بِما كَفــــــــــــاني دلفنا الى ساحة المؤتمرات والمعارض حيث معرض الكتاب ولفت انتباهنا وجود الهوية العربية في التصميم وفي كافة تفاصيل المعرض مزجاً مموسقاً بين الأصل والعصر وقلت لأبي الطيب: أراك شردت بعقلك فقال لي: يا بني والله أعادتني هذه المشاهد لأيام الكوفة ودمشق ومصر كنا حينها قد تجاوزنا المدخل الرئيس ودلفنا الى جناح وزارة الثقافة المنظمة لهذا المحفل الراقي، وأخذ ذلك الشاب يشرح لنا طريقة نسخ الكتب في ذلك الزمان البعيد، ومن بديع الاقدار انه كان ينسخ ديوان المتنبي فهمست له قائلا هذا ديوانك يا أبا الطيب فما لبث أهل الجناح الا واهدونا نسخة كانت معدة مسبقاً. دلفنا الى عديد الاجنحة ومرافقنا يشرح لنا ان هذه الدورة في هذا العام تعد أكبر مشاركة دولية في تاريخ المعرض، إذ استقطبت أكثر من خمسمائة وخمس عشرة دار نشر من اثنتين وأربعين دولة، وهو ما أتاح عرض أكثر من ثمانين ومائة ألف عنوان جديد في مجالات المعرفة والعلوم المختلفة. توقفنا عند جناح ضيف شرف المعرض سلطنة عمان فأكرموا وفادتنا حسا ومعنى، وطفنا على الكتب التي تعود الى عصور بعيدة تحكي شواهد تاريخ السلطنة وصولا الى العصر الحالي من خلال المؤلفات المختلفة التي غطت كل جوانب المعرفة. بذلت جهدا كبيرا في أن اقنع المتنبي ان يرتدي النظارة ثلاثية الابعاد في جناح الأوقاف القطرية، فقال لي كيف لأبي الطيب ان يخلع عمامته من اجل ارتداء هذا الشيء الغريب، كيف تقول العرب عني بعد ذلك وانا القائل: لا بقــــــــــــومي شرفت، بل شرفــــــــــــوا بي وبنفســــــــي فخــــــــــــرت لا بجــــــــــــدودي وبهــــــــــــم فخر كل ما نطــــــــــــق الضــــــــــــاد وعــــــــوذ الجــــــــــاني وغوث الطـــــــــــريد إن أكـــــــــــن معجبًـــــــا فعجــــــــــب عجيـــــــب لم يجــــــــــد فوق نفســـــــــــه من مـــــــــــزيد أنــــــــــــا تــــــــــــرب النـــــــدى ورب القــــــــــــوافي وسمــــــــام العدى وغيـــــــظ الحســــــود أنــــــــــــا فــــــــــــي أمــــــــــــة تـــــــداركــــــــــــها اللــــــــــــه غـــــــــــريــــب كصــــــــــــالح فــــــــــــي ثمــــــــــــود ولمحت بعد ذلك دمعات من خد للمتنبي وهو يرتدي النظارة فأخبرني أهل الجناح ان النظارة هذه تحوي مقاطع ثلاثية الابعاد لغار حراء ومكة والكعبة البيت الحرام. ورأيت نسخاً لكتاب الأمة وترحمت على الشيخ عمر عبيد حسنه الذي كانت مقدمته الماتعة تشوق القارئ لموضوع العدد. كنا كلما زرنا جناحاً زاد عدد الحمالين من خلفنا من فرط الهدايا وما كان لنا ان نتجاوز جناح مجموعة دار الشرق والتي هي أكبر دار نشر بقطر فأنخنا مطايانا عندهم وشربنا القهوة العربية وشرحوا لنا تاريخ الدار وما تقوم بنشره من صحف ومؤلفات في مختلف المجالات وزاد عدد الحمالين واحدا.