03 أكتوبر 2025
تسجيلعندما ابتكر المحرك البخاري. أعاد تكوين المجتمعات والطبقات العاملة. وعلاقات العمل وعلاقات العمال والإدارة وعلاقات العمال وأصحاب رؤوس الأموال. وتكونت الطبقة المتوسطة. نحن الآن بصدد تحولات جذرية جديدة ستؤثر على علاقات الموظفين ببعضهم وأصحاب رؤوس الأموال والإدارة. أسلوب العمل سيختلف وطريقة العمل ستختلف. وسيتم تشكيل المجتمع من جديد على علاقات مختلفة. فالاقتصاد الرقمي سيغير كل علاقات العمل والتواصل الاجتماعي. سيؤثر على شركات الاتصالات ليصبح دخلها ليس من الاتصالات بل من التطبيقات. فهناك اليوم كما يعرف الجميع شركات تقدم خدمات اتصال ببلاش. وتقدم تلك الخدمات بشكل أفضل وبتقنيات أفضل وعلى مستوى أفضل. إذن ما الدافع لاستخدام خدمات شركات الاتصال التقليدية. قد يكون العادة أو حالة عدم اليقين لا غير. ولكن عندما ومع مرور الوقت سيتعود الجمهور على الخدمات الحديثة الرخيصة ويتخلص من الشركات القديمة. وتحل الأجيال الجديدة وهي أقدر على التعامل مع التقنيات الحديثة. الاقتصاد الرقمي يعتمد على شبكة المعلومات والفضاء الافتراضي. والحكومة اليوم هي في طليعة من يقدم خدماته للجمهور والقطاع الخاص من خلال الشبكة الرقمية. وما كان يتطلب الأيام والأسابيع والمعاناة أصبح يتطلب الثواني. دون الحاجة للمراجعة ودون الحاجة لإرضاء الموظف إذا كان موجودا. هذا التوجه في الاقتصاد سيخفف من إشكالات التركيبة السكانية. وسيصحح من نوعية العمالة الوافدة من عمالة قليلة المهارات إلى عمالة عالية المهارات. فنوعية العمالة سيكون لها دور في تشكل المجتمع ونوعية الخدمات والمنتجات التي ستكون مطلوبة أو مقدمة. مما سيرفع من كفاءة الاقتصاد ويدفع الشركات الوطنية لمواكبة مستهلك أكثر وعي وأكثر مطالبة مما سيرفع من قدرة الشركات الوطنية على المنافسة في السوق العالمي. ولكن نعود لنذكر أن كل هذا سيؤثر على العلاقات وعلى القطاع الخاص وعلى العمالة بشكل عام. وكما أسلفنا فإن الخدمات ستقدم مستقبلا من الشبكة الرقمية حيث يمكن الوصول للمهندسين وجميع الأعمال من خلال الشبكة المعلوماتية. فإن كنت في غزة تستطيع اليوم أن تقدم خدماتك للسوق العربي وغيره من خلال الشبكة. ما هي القوى التي ستشكل المجتمع الرقمي وبعده مجتمع المعرفة؟ ما هي ماهية تلك المتغيرات وآفاق تحركها ومآلاتها وكيف سيستقبل المجتمع العربي تلك المتغيرات وكيف سيتعامل معها؟ هل سيستوعبها أم يقاومها أم يندمج معها. وما هو المجتمع القادم وكيفية تطوره ؟ هل من الممكن أن تقوم المؤسسات الوطنية في محاولة لرسم معالم ذلك المجتمع القادم. ووضع رؤى وتصورات لكيفية التعامل معه. وكيفية بناء مؤسسات تحتضنه وتبنى على مقوماته وإمكاناته. نعم هو إنسان جديد قادم بكل معطيات عالم الأرقام والاقتصاد الرقمي والمجتمع المعرفي كل هذا يحتم علينا اليوم البدء والاستعداد لتقبل تلك المتغيرات واستيعابها والاستفادة منها والتعامل معها بوعي وإدراك لما قد تؤول له مجتمعات المستقبل. وإن كان التغير في الماضي قد نشأ عن بعض الابتكارات الصناعية فإن ما هو قادم من تغير سيمس الإنسان مباشرة. وقد رأينا ذلك في الربيع العربي ودور التقنيات فيه ومدى أثرها عليه مثل تويتر وفيس بوك ويوتيوب. فكيف مع مرور الزمن ما هو الإنسان القادم وما هي أفكاره وما هي أحلامه وكيف يمكن للقطاع الخاص والعام أن يستعد له. من يرى مدى التحولات في المجتمعات بسبب التحولات في التقنيات وأساليب الإنتاج. يتوقع اليوم أن مستقبل الأيام سيولد من التغير والتعديل ما لا يخطر على بال. ستتسارع دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني. وستتسارع دقات ساعات الزمن. فالتغير متسارع وليس سريعا فقط. وذلك سينتج أناسا لهم حس بالوقت لم نعهده ولا نعرف كنهه. ستكون كائنات بشرية مختلفة كل الاختلاف. لها أحلام مختلفة ولها آمال مختلفة ولها طرق تواصل مختلفة. كيف سنتواصل معها كيف سنعرف همومها؟ ما هي مفاتيح العلاقة معها؟ لن يفيد الاشتغال بالعمل والهروب من معترك التغير بدعوى الانشغال. لابد من التواصل مع الأجيال القادمة. ولن يكون ذلك إلى من خلال دراسات عميقة وسابره للمتغيرات. التي تتعرض لها مجتمعاتنا. وتلك مهمة مؤسسات التعليم والبحث ومراكز البحوث وخاصة الاجتماعية والتعليمية. وحتى الآن لا نرى دراسات تضيء للمواطن وصاحب القرار جنبات هذا العالم القادم لتمكين التعامل معه.