10 سبتمبر 2025

تسجيل

تعويم المصانع المصرية المتعثرة.. صحوة متأخرة

15 أبريل 2015

تعرض الكثير من المصانع المصرية للتعثر أو التوقف في السنوات الأخيرة بعد أن أهملتها الحكومات المتوالية عمدا، نظرا لعدم قدرتها على توفير التمويل اللازم لاستيراد مستلزمات الإنتاج والمواد الخام من الخارج نتيجة لنقص الاحتياطي من النقد الأجنبي، بالإضافة إلى العجز في السيولة المحلية، وأيضا مستوى أداء العمال ونقص التدريب والتأهيل الذي أدى إلى هبوط كفاءة الأيد العاملة، وتدني الإنتاجية والإنتاج، وكذلك هروب الأيدي العاملة الماهرة وهجرتها للخارج. ومن هنا فإن المشاكل الخاصة بتعثر المصانع تتمثل في التعثر الكلي أو الجزئي، وهي مسؤولية وزارات الصناعة والتجارة والاستثمار والمالية واتحاد الصناعات المصرية واتحاد جمعيات المستثمرين التي لم تنتبه إلى أن أسباب ذلك تعود في 90% منها إلى سوء الإدارة وفشلها، إلى جانب الأسباب المالية والفنية والتسويقية، خاصة إذا كان أصحاب هذه المصانع ليس لهم خبرة كافية بالإدارة، بما يمكنهم من تحقيق أهدافهم، ومن ثم تفاقمت مشاكل القطاع الصناعي المصري، حيث توقفت آلاف المصانع التي بلغ عددها حوالي ٢٥٠٠ مصنع شركة وفق بعض الإحصاءات، وأصيبت ماكيناتها بالشلل التام ولم يعد يسمع دويها، حتى تعرض بعضها للمخاطر الأمنية وتكرار عمليات السطو والسرقة، وساعد على ذلك تردي الأحوال الأمنية والاقتصادية إلى مستويات غير مسبوقة في تلك الفترة، وانخفاض معدلات التنمية وزيادة العجز في الموازنة، وتراجع قيمة الجنيه المصري، مما كبد الاقتصاد المصري خسائر غير منظورة الآن ولكن ستظهر آثارها في المدى القريب، ولا شك أنها تمثل مخاطر تهدد سلامة الكيان الاقتصادي المصري على المدى البعيد، إذا لم تسرع الحكومة بمواجهة حاسمة لإنقاذ هذه المصانع، لأن عودة التعافي سوف تحتاج إلى سنوات طوال، سوف يتحملها أصحاب هذه المصانع المتعثرة وكذلك المواطن البسيط صاحب الدخل المحدود.ومع ذلك فإنه إن تبدأ متأخرا خيرا من ألا تبدأ، لأن الصحوة المتأخرة للحكومة المصرية تعد خطوة هامة على طريق هيكلة المصانع والشركات المتعثرة بعد أن فقد أصحابها الأمل في الإصلاح، رغم أن هذه المصانع جزء من المكونات الأساسية التي يعتمد عليها قطاع الصناعة في الدخل القومي، ولكن المخاوف شديدة من عدم الالتزام كما حدث في مبادرات سابقة أطلقتها الحكومة منذ عام ولم تتحقق، رغم أن الصناعة تعد من الأعمدة الرئيسة للاقتصاد ومصادر الدخل وتشغيل الأيدي العاملة المتعطلة والباحثة عن العمل، لذلك هي من المقومات الضرورية لنجاح الخطط الاقتصادية ودفع قطار التنمية قدما للأمام، لذلك كان من الضروري أن تحظى المصانع المتعثرة بنصيب وافر من حجم الاستثمارات التي طرحت في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، إذا كانت الحكومة قد استعدت جيدا لذلك بعرض ملف المصانع والشركات المتعثرة على المستثمرين العرب والأجانب في إطار دراسات الجدوى الخاصة بها والتي توضح أهميتها وإمكانية تعويمها ووضعها على المسار الصحيح، ولذلك لابد من بذل الجهود لفهم طبيعة المرحلة ومتطلباتها، من خلال الإدارة الحديثة التي تستطيع إحداث نقلة نوعية متميزة، التي يصاحبها العمل الجاد في مقاومة الفساد الإداري والمالي الذي استشرى منذ زمن طويل وكانت له سلبياته على الاقتصاد والتنمية والتي أنهكت المجتمع، مما يحتم على الحكومة أن تضع خططا واضحة، لمعالجة الأزمة والمشاكل القائمة والمحتملة في المدى القصير لتعويض الخسائر التي مني بها الاقتصاد المصري الذي يمتلك الكثير من الإمكانات التي تجعله قادرا على التعويض، إذا أحسنت الاستفادة من القطاع الصناعي، لأن الاستمرار في إهمالها يعني توقف قطار التنمية وما يتبع ذلك من خروج الاقتصاد عن المسار الصحيح، وزيادة المصانع المتوقفة والمتعثرة، وانعكاس الآثار السلبية لذلك على المجتمع بكل طوائفه وطبقاته دون استثناء لسنوات طويلة قادمة، خاصة إذا ظلت الأسباب التي أدت إلى ذلك قائمة، ولذلك مطلوب وضع خطة للتغلب على المشاكل التنظيمية والإدارية، تضمن تسوية ديون المصانع والشركات المتوقفة أو المتعثرة لسرعة عودة تشغيلها، وإيجاد حل عملي لعملية التمويل، أو أن تتحمل الدولة تكاليف إعادة تشغيل المصانع المتوقفة، أو تتعهد بتقديم ضمانات للأجهزة المصرفية التي تقدم التمويل المناسب، الذي يمكن المصانع من تجديد وإحلال الماكينات، وإعادة تأهيل وتدريب العمال لمعالجة النقص في التدريب والهبوط في أداء الأيدي العاملة حتى تتمكن المصانع من أن تعمل بأقصى طاقتها الإنتاجية، وأن تحفظ حقوق العمال وتحميهم، بدلا من الاستغناء عنهم، بما يتسبب في زيادة وتفاقم المشاكل الاجتماعية والإضرابات العمالية التي عانت منها المصانع والشركات في السنوات الثلاثة الماضية، لأن إنقاذ قطاع الصناعة في مصر يحتاج إلى إرادة جادة من الدولة تحمي المنتج الوطني وترفع قدرته التنافسية.