17 سبتمبر 2025
تسجيلميّز الله بني آدم وكرمهم وفضلهم على كثير من خلقه ، وقمة ذاك التميز متمثلة في نعمة العقل ، الذي به نتميز عن بقية مخلوقات الله ، وبه يتمايز بني البشر بين بعضهم البعض أيضاً ، ولكن عبر الكيفية التي يستخدم كل إنسان منا عقله . أنت وما تفكر ، أو بعبارة أخرى ، شخصيتك تتحدد من خلال طريقة تفكيرك ، وبها يتعرف إليك ويقترب منك الآخرون أو يتسربون . كل أحد منا وهبه الخالق نعمة العقل ليستخدمه في خيره وخير ما حوله من بشر وجماد وحيوان . يستخدمه كبوصلة ترشده الى الطريق الصحيح نحو عالم آخر لا يمكن وصفه وتخيله ، ولكن يمكن الإيمان به . يستخدمه في كسب القلوب والألباب بالخير ، يستخدمه في التوصل الى النافع والصالح ، وتجنب الضار والطالح ، الى آخر قائمة طويلة مما يمكن عقلك أن يفيدك لو استثمرته بشكل صحيح ومقبول . مما يمكن الحديث حوله حينما يأتي ذكر العقل ، موضوع التركيز . ذلك أن الكيفيات التي بها نستخدم عقولنا إنما يمكن ترجمتها بالشكل الأمثل حينما يكونالتركيز عالياً . بمعنى أن عقولنا وإن كانت ذات كفاءة وقدرات هائلة ، إلا أن تلك القدرات والطاقات قد تذهب هدراً إن لم نجمعها ونركزها بدلاً من تشتيتها على هذا وذاك وتلك .لاحظ جودة أي عمل حين تحاول أن تقوم به وذهنك مشتت أو غير صاف ، أو تركيز عقلك في الوقت ذاته على موضوعات عدة قد توزع ، لابد أن عملك ذاك غير ذي جدوى وجودة . قارن هذا النوع من العمل الذي يكون العقل شبه غائب ، مع عمل آخر قمت به وقد كادت نسبة تركيز عقلك نحوه أن تصل الى مئة بالمئة .. لابد أن الفرق كبير جداً .كلنا في فترة من فترات الطفولة أبهرتنا العدسات المكبرة ونحن نضعها على صفحات الكتب لنرى الكلمات وهي تبدو كبيرة ، ولكن الانبهار الأكبر والأكثر متعة ، كانت في الشمس حين كنا نركز أشعتها الى أصغر نقطة ونوجهها نحو ورقة ، لنستمتع بعد قليل من الوقت بتصاعد دخان خفيف بفعل احتراق الورقة ، التي لم تكن لتحترق لو أن تركيز الأشعة ما حصل ، وكذلك هو عقلك حين توجهه للتركيز الشديد على أمر ما ترغب في تحقيقه ، ولابد أن نتائج التركيز تسعدك دوماً .. وإن كنت أرجو أن يكون تركيزك على الدوام نحو الخير وما ينفع ، لا الشر وما يفزع .