10 سبتمبر 2025
تسجيليواجه مشهد الثورة المصرية بشكل شبه يومي العديد من التحديات التي تؤثر على مجمل المشهد وربما تؤدي إلى سلبيات خطيرة لا يمكن السكوت عليها ولعل أهم هذه التحديات هي تلك المتعلقة بمحاولة إجهاض الثورة من الخارج و عدم التعامل الصحيح من داخل صفوف الثورة مع متطلبات نجاحها. وهنا تبرز محاولة جرف الثورة عن مساراتها الرئيسة بفرض قضايا لا يمكن أن تعبر عن سياق ثوري أو وعي بطبيعة المخاطر والتحديات الحالية وفي هذا الإطار يجب أن نكون على أتم استعداد للتصدي لمحاولات إغراق المجتمع في مستنقع الطائفية التي يحاول البعض جرنا إليه عن طريق نشر التشيع في مصر ويجب أن ننظر إلى هذا الأمر باعتباره طريقا خطيرا لإجهاض الثورة التي تعلقت بها آمالنا أحلامنا. ويأتي في ذات السياق الموقف السلبي من قبل بعض الأطراف المحلية من المخططات الخارجية التي تتعلق بثورتنا العظيمة فلازلنا نرى من يمجد خصوم الثورة وكأنه لا يعلم ماذا يخططون لها؟! ولا نزال نرى من يتجاهل أهم أنصار الثورة وهو يدفن رأسه في الرمال بشكل واضح. وهنا لابد وأن أؤكد على أن المعيار الجديد لتحديد علاقاتنا بالخارج يجب أن يكون هو مدى قربهم أو بعدهم من الثورة ولهذا فلابد وأن نولي عناية خاصة بدول الربيع العربي التي يهمها نجاحنا في استكمال ثورتها كما يهمنا نجاحها.. كما ولابد وأن نذكر أن السودان وقطر هم من أهم الأشقاء الذين يدعمون ثورتنا ويتمنون لها النجاح في هذه المرحلة العصيبة خاصة في بعدها الاقتصادي والذي قد يأتي على الثورة كلها كما يخطط المتأمرون. ومن هنا يجب أن نؤكد على عدة مفاهيم أساسية يجب أن تحكم المشهد الحالي وتتحكم في كل قواعد الخروج من هذه الأزمة الطاحنة: أولا.. أن هذه الثورة لها أهداف محددة كانت بمثابة الأهداف الجامعة للشعب الثائر في كل ميادين مصر فلقد كان لشعبنا مطالب محددة هي التي دفعته للتخلص من هذا النظام الفاسد في مشهد تاريخي قل أن يجود الزمان بمثله.. وأن هذه المطالب قد عبرت بشكل واضح عن مصر بكل طوائفها ومكوناتها.. وأن هذه المطالب لا يمكن أن تكون مطالب فصيل واحد أو تيار واحد مهما كانت قيمته ومهما كان تواجده في الشارع ومهما كان نقاؤه ومثاليته كما أن هذه الثورة لم يقم بها فصيل واحد ولا يصلح أن يقوم بها فصيل واحد. ثانيا.. أن التمكين للإرادة الشعبية هو أهم النتائج التي يجب أن نجمع عليها وأن نسعى إلى تفعيلها بعد هذه الثورة الشعبية العظيمة وأن إشراك الشعب في تقرير مصيره وصياغة مستقبله أصبح من بدهيات الحياة السياسية الحالية ومن لوازمها بل وربما كانت المخرج الصحيح في كل الأوقات مهما بدا لدى البعض أنه مخرج غير منطقي. ثالثا.. أن استكمال الثورة ـ كما هو واضح الآن في ظل حالة الاحتقان التي وصلنا لها ـ يتطلب قدرا من الاتفاق على ما يمكن أن يسمى قواعد استكمال الثورة المصرية والتي هي في نظري من مقتضيات استكمالها والتي يمكن أن تصاغ فيما يمكن أن نسميه "ميثاق الشرف الثوري" والذي يجب أن يشمل بين ما يشمل المحظورات والخطايا التي يجب على من يلتزم استكمال الثورة المصرية ألا يقترب منها وأن يسعى دائما على التنزه عنها. رابعا.. يجب أن يعلم هذا الجيل ولاسيَّما طبقته السياسية: أن هذه الثورة لو أجهضت أو نجحت المؤامرات الموجهة إليها فإن الأجيال التالية لن تغفر لهذا الجيل إضاعته لأهم فرصة لتغيير وجه الحياة في مصر بل والمنطقة بأسرها وأنهم تصارعوا أو تنافسوا ـ حين وجب عليهم أن يتعاونوا وأن يتكاملوا ـ وكان صراعهم وتنافسهم على أرضية حسابات ضيقة ومصالح ذاتية لا ترتقي للحظة صدق واحدة من تلك اللحظات التاريخية التي عاشتها مصر كلها على مدى 18 يوما هي أهم أيام شهدتها مصر على طول تاريخها.