12 سبتمبر 2025
تسجيلفقد الوسط الإعلامي، بالأمس، الدكتور ربيعة بن صباح الكواري، بعد وعكة صحية مفاجئة، هجمت على قلب محبيه في بداية شهر رمضان المبارك، ليودع الساحة الإعلامية واحد من أبرز نجومها. في ضوء الذاكرة الذهبية لمؤسسي قسم الإعلام في جامعة قطر، نستذكر الحضور المضيء للدكتور الكواري الذي ترك رحيله فراغاً في قلوب الكثيرين. هو ليس أستاذاً متميزاً للإعلام في جامعة قطر فحسب، بل هو أيضاً خارج أروقة الفصل مفكراً وحاملاً لهموم الدين والوطن. وفي هذا المصاب الجلل، ندعو الله أن يمسح على قلوب أهله ومحبيه بالصبر والسلوان. وبينما نتنقل عبر أروقة الخسارة، يصبح من الواجب علينا أن نخلد ذكرى هذا الرجل المحب لوطنه، وأن نحتفي بالذاكرة التي لا تمحى والتي تركها في مجالات الأوساط الأكاديمية والثقافية والوطنية. لقد كان الدكتور الكواري نموذجاً يحتذى به في مجاله، وتخرج على يده الكثير من الإعلاميين المحنكين. تجاوز عمله حدود الأوساط الأكاديمية، ومسّ حياة الكثيرين بحكمته وبصيرته. ومن بين مساهماته البارزة، التي أثرت فيَّ – شخصياً - توثيق الأعمال الشعرية للشاعر القطري محمد بن جاسم، الشاعر القطري الشهير أحد أبرز شعراء قطر. ولم يكن هذا المسعى مجرد مسعى أكاديمي فحسب، بل كان مشروعًا ثقافياً شغوفًا للدكتور الكواري، حيث أظهر التزامه العميق بالحفاظ على التراث الثقافي لدولة قطر وتعزيز مواهبها الأدبية. على المستوى الوطني، كان الدكتور الكواري شخصية موقرة، ومستعداً دائماً لتقديم صوته وخبرته. وكان حضوره عنصراً أساسياً في المناقشات المتعلقة بخطابات سمو الأمير وسمو الأمير الوالد على الصعيدين المحلي والدولي. عمل الدكتور ربيعة أيضاً مديراً لإدارة الإعلام بالأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، لقد امتد تأثير الدكتور الكواري إلى ما هو أبعد من المجالين العام والمهني، حيث تجذر بعمق في منزله وبين أسرته، ففي منزله هو زوج عظيم وأب قوي وجد حنون. في نظر عائلته، لم يكن مجرد أب فحسب، بل كان عمودًا من أعمدة القوة والحب، ومصدرًا للقصص اللامتناهية والحكمة التي أرشدتهم عبر مسارات الحياة المتعرجة. ونحن إذ نودع الدكتور ربيعة الكواري، نعترف بحجم غيابه الكبير وغنى مساهمته في الساحة الثقافية. لقد كانت حياته خيوطاً مسنوجة بالتفاني والفكر والحكمة، تاركا إرثًا سيستمر في الإلهام. وبينما قد يتردد صدى غيابه في قاعات جامعة قطر وخارجها، فإن تعاليمه وأفكاره وحبه يسكن فينا، ويرشدنا في سعينا للمعرفة والحفاظ على الثقافة. عندما نتذكره، فإننا لا نأسف لخسارته فحسب، بل نحتفي بهبة التعرف على مثل هذا الشخص الاستثنائي. روح الدكتور الكواري باقية، منارة للتميز والإنسانية في عالم يحتاجها بشدة. ومن هذا المنبر نأمل بأن يتلقى التكريم الذي يستحقهُ اسمه، لتخلد ذكراه على مر الأجيال.