14 سبتمبر 2025
تسجيللا يخفى على القارئ المعاصر والمتابع لما يدور من حوله من أحداث ومحن وأزمات وغزوات عسكرية وفكرية، وحروب شرسة عالمية وإقليمية تُشن هنا وهناك، وبسبب وبدون سبب، أن عنوان المقالة يتضمن سؤالاً صريحا يتعلق بمصطلح «الإبراهيمية» الذي يُعبَر عنه تواريةً من قبل مبتدعيه ومتبنيه بــ «البيت الإبراهيمي» وليس «الديانة الإبراهيمية» وذلك بقصد الكذب والتدليس، والخداع والتضليل، باعتباره بيتاً دينياً يضم الديانات السماوية الثلاث، اليهودية، والمسيحية والإسلام، ويجمع بينها في مواطن اتفاق مشتركة، وليست دينا جديدا على الإطلاق. ومن هنا يأتي السؤال.. هل الإبراهيمية ديانة جديدة أو بيت ديني جديد كما يُظهرون، أم أنها لعبة جديدة كما يخفون؟ فبالطبع هي ليست ديانة كما يدعون، لأنه لا ديانة ولا دين سماوي بعد الإسلام لقوله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم: «اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا» (المائدة، 6)، فهو الدين الخاتم الذي أظهره الله سبحانه وتعالى على يد نبيه الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم، ولا دين ولا ديانة بعده، فلا موسوية، ولا عيساوية، ولا إبراهيمية، ولا غيرها من المسميات المقترنة بأي من أسماء الأنبياء. فالديانة الإبراهيمية اذن ما هي إلا لعبة من ألاعيب الصهيونية العالمية، وخدعة من خدع أمريكا وإسرائيل والدول الغربية وبعض الأنظمة العربية الموالية لها، والمخطوفة من كيانها العربي والإسلامي. فالصهيونية العالمية ومن والاها تعكف بكل ما أوتيت من قوة وجهد ووقت على تبني الدسائس والمكائد والحيل، والمؤمرات الخفية، والعمل بشكل دؤوب على رسم الخطط وتنفيذها في العالم العربي لإدماج الصهاينة وصهرهم في المحيط العربي المسلم، وبين الشعوب العربية المسلمة الرافضة للتعامل مع هؤلاء الصهاينة شكلاً ومضموناً، كما ظهر جلياً في الدوحة خلال فعاليات مونديال (قطر 2022)، حيث لُوحظ الرفض التام، وشوهد بالصوت والصورة على شاشات التلفاز، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يدل على عدم قبول الشعوب العربية قاطبةً لهذا الكيان الدخيل، ولا حتى بمجرد الحديث مع أي صهيوني. فاللعبة مكشوفة، والهدف واضح، والمستهدف هو الدين الإسلامي ومن يتبعه من المسلمين في المقام الأول. ولذا، فالديانة الإبراهيمية ما هي إلا حجة وحيلة خبيثة لإيجاد وعاء ديني يتم فيه صهر الديانات السماوية الثلاث (اليهودية، والمسيحية، والإسلام)، بمبادئها وسننها وقيمها، وتذويب الفوارق القيمية بين معتنقيها، وتوحيد العقائد الدينية تحت شعار السلام والتسامح والعدل والمساواة، والحرية، ونبذ العنف، وكل ما يردده اليهود والنصارى، ومن والاهم، والتي ثبت زيفها وعدم صدقها من خلال الحروب التي شُنت وتُشن بين الفينة والأخرى على المسلمين في كل بقاع الأرض من غير وجه حق، وزهق أرواح الملايين من البشر في كل من العراق وأفغانستان، وفلسطين، وغيرها من الدول العربية والإسلامية، وبحجج واهية لا وجود لها على الإطلاق، كالإرهاب، وأسلحة الدمار الشامل التي لم يثبت وجودها في أي من هذه المناطق. فالديانة الجديدة باطلة، ومرفوضة وإن حملت اسم أبي الانبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام، وهي كما وصفها بعض رجال الدين العرب الأحرار بأنها كفر وشرك وخروج عن الملة، حيث لا توحيد بين الأديان، ولا جمع بين الحق والباطل، وبين الكفر والإيمان، فكيف يلتقي الخير بالشر، والحق بالباطل؟ فالإسلام دين الحق، وغيره الباطل. وكيف يشترك في العقيدة كل من يوحد الله وحده ولا يُشرك به أحداً مع من يُشرك به، أو يشرك معه شريكاً غيره، ومع من يؤمن بأن الله ثالث ثلاثة؟ وكيف للإسلام الجامع لكل الأنبياء والمؤمن بهم جميعا أن يذوب وينصهر في بوتقة دين مبتدع لا أساس له ولا رسالة، ولا كتاب ولا سُنة، ولا حتى أتباع؟ فالإبراهيمية إذن ديانة بلا هوية، وبدعة لا أساس لها، جاءت على هوى العابثين من اليهود والنصارى، ومن والاهم من بني جلدتنا بتبني واحتضان من الصهيونية العالمية، ومؤسساتها المؤتمرة بأمرها، والمتحدثة بلسانها والمنفذة لكل مخططاتها بهدوء وروية وخُفية من منظمات وجمعيات وحركات سياسية وثقافية واجتماعية عالمية. فمشروع الديانة خطير ويستهدف الإسلام بالدرجة الأولى، وعلى المسلمين الحذر الشديد والعمل على إفشاله كما فشل غيره من المشاريع الصهيونية، واتفاقات التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني، والصفقات المشبوهة مثل صفقة القرن، وما سبقها وما يليها فيما بعد. فالتحديات جسيمة، والمسؤولية كبيرة وشاقة، وتقع على كاهل كل من الأسرة المسلمة أولا، والمدرسة العامة والخاصة ثانيا، ووسائل الإعلام الرسمي المحلي ثالثا، ووسائل التواصل الاجتماعي الفردي والجماعي والمؤسسي رابعا، وذلك بتأهيل وتسليح النشء وتزويدهم بالعلوم الدينية والقيم الاجتماعية الأخلاقية السمحة، والأفكار والمواعظ والعبر الإسلامية لإعداد أجيال قادمة صاعدة قادرة على التصدي لمثل هذه النزعات والغزوات الثقافية المعادية، والمحاولات الحثيثة الهادفة إلى طمس الهوية الإسلامية على المدى القريب والبعيد. ولذا، فالدعوة موجهة لكل من هو حريص على دينه وهويته الإسلامية أن يحافظ على تعاليم هذا الدين ومبادئه وقيمه الفاضلة.