16 سبتمبر 2025
تسجيللم يكن الشيخ الدكتور حارث سليمان الضاري (1941 — 2015) رمزا وطنيا للعراق فحسب، بل كان يذود عن قضيته التي دافع عنها لسنوات حتى آخر رمق، فقد عاش رجلا مخلصا لوطنه ولم يسمح للمستعمر والمعتدي والدخيل بتدنيس العراق، فقد اعلنها تصريحا لا تلميحا، بأن العدو الاول للعراق هو من أتى بالغرباء الى وطنه ومكنهم من الاستيلاء على نفطه وخيراته، لتحقيق مطامع مكشوفة بهدف ضم العراق الى ايران فيما بعد، وهذا ما اثبتته الاحداث هذه الايام من خلال المؤامرة على العراق الشقيق، وقد تمتد هذه المؤامرة في الفترة القصيرة القادمة الى بلاد الشام واليمن ومن بعدها بعض الدول الاخرى كما هو مخطط لها!! ولعل الكثير لا يعرفون سيرة البطل والمجاهد حارث الضاري الذي فقدته العراق والامتان العربية والاسلامية في إسطنبول بتركيا صباح يوم الخميس 12 مارس 2015 م بعد صراع مع المرض، فقد شغل منصب رئيس هيئة علماء المسلمين العراقية التي أسسها الضاري بعد الغزو الأمريكي كأهم القوى العراقية المناهضة للاحتلال وللعملية السياسية وكذلك للطائفية ومشاريع الأقاليم الذي دعت إليه أطراف سنية، واعتبرت أنها مشاريع تفضي في نهابة المطاف إلى تقسيم العراق.والضاري حاصل على شهادة الماجستير سنة 1971م والدكتوراه سنة 1978 م، فقد قضى في التعليم الجامعي فترة تزيد على 32 سنة، وعمل في عدة جامعات عربية مثل جامعة اليرموك في الأردن، وجامعة عجمان وكلية الدراسات الإسلامية والعربية في امارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وعاد — رحمه الله — إلى العراق بعد احتلاله من قبل الولايات المتحدة سنة 2003 م، وكان يقيم في العاصمة الأردنية عمّان منذ سنة 2007 م. وصدرت له عدة مؤلفات وكتب علمية منها: الإمام الزهري وأثره في السنة، والقرآن الكريم: تلاوته ومعانيه، ومحاضرات في علوم الحديث.. وغيرها.وقد خاض الفقيد العديد من الصعاب والتحديات في حياته، منها محاربة الحكومة العراقية له التي تعده ارهابياً ومتطرفا ويشكل خطرا عليها، وقد أصدرت مذكرة اعتقال بحقه منذ سنوات رغم انه يعتبر نفسه من اصحاب الخط الوطني الذي يدافع عن وحدة الشيعة مع السنة وعدم التفريق بين الطائفتين، بل ويعتقد أن الشيعة لا يتحملون المسئولية عن حوادث القتل الجماعي التي وقعت لأهل السنة بعد الاحتلال الامريكي الغاشم للعراق سنة 2003 م، وهذا ما تذكره العديد من المصادر ويرجحه بعض المحللين للأحداث السياسية في العراق. رثاء المجاهد حارث الضاري: *وفي رثائه — رحمه الله — كُتبت هذه الابيات المعبرة والرائعة للشاعر مكي نزال (كما وردت في موقع قناة الرافدين العراقية) والقصيدة على وزن بحر البسيط، نختار منها قوله:(أبا المثنى) فدَيت النفس فانت أببفتية منهم الطغيان يرتعدبيارق في سماء المجد عاليةبكفّ عزمك، والباري لهم سندروافد من دماء سيْلها نجبأنعم بما في سبيل الله همْ رفدان اضدهم يا ابن من خرّت لضربتهتيجان (لندن) مهما مدّها مدديا ابن الكرام حمَلت الهمّ في بعثوقدت من جاهدوا في الله واجتهدوالله درّك كيف الصبر في زمنفيه الأنام لغير الله قد سجدواتكالبوا حول عرش لا أساس لهيكاد يودي بهم إذ عفته الحسدتقرّبوا منك مكرا كي تميل لهموكيف تسحب من أطنابه الجددنصحتهم في سبيل الله فامتعضواناديتهم لطريق الحق فابتعدوابالله قل لي وانت الراسخ الجلدمن أين جاءك هذا الحلم والجلد؟سمعت صوتك يعلو دونما هرجيقضّ مضجع من في غفلة رقدوابزغت كالقمر المرجوّ في ظلمومثل وجهك في الظلماء يفتقد* كلمة أخيرة:رحم الله "أبو مثنى" الذي كان رمز الجهاد وقول كلمة الحق مع إخوانه المجاهدين ضد المحتلين وعملائهم من الخونة.. (إنّا لله وإنّا إليه راجعون).