13 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لقد كان ريتشارد برنارد أول من أشار إلى أهمية الاتصالات في المؤسسات، كما أشار إلى أهمية تطوير وإرساء نظام للاتصالات، وذلك كون المؤسسات أنظمة اجتماعية يتفاعل فيها الناس لإشباع حاجاتهم الشخصية في سعيهم لتحقيق أهداف مؤسستهم. إن الارتباط بين فاعلية المؤسسات وفاعلية الاتصالات إنما هو ارتباط إيجابي، وأي خلل في واحدة منها سيؤدي إلى ردود فعل سالبة في الأخرى. وتقع على عاتق الإداريين مسؤولية توفير مناخ اتصال إيجابي يمنح فيه العاملون الفرصة للمشاركة في الاتصال بدلا من إرغامهم على استقبال الرسائل فقط، ومن المعروف أن العاملين في أي مؤسسة الذين ينخرطون في نظام معلوماتي ثري يحتفظون بروح معنوية عالية ولفترة أطول من أولئك الذين يعيشون في مؤسسة ذات نظام اتصال مغلق.عندما بدأت أولى سنوات التدريس في جامعة قطر، قمت بتدريس مقرر عن "الإدارة التعليمية"، ولا أزال أذكر مثالا كنت أذكره لطالباتي عن أهمية المناخ المفتوح للاتصال في المؤسسات المختلفة، ودوره في تعزيز الولاء والانتماء للمؤسسة والشعور بالرضا لدى العاملين، وكان هذا المثال عن عاملة يابانية في أحد مصانع صناعة الصفائح الإلكترونية، والتي يتم استخدامها في صناعة أجهزة الكمبيوتر. لقد كان المصنع يواجه مشكلة في ضعف جودة المنتج لسبب يجهله الجميع، وكان جميع العاملين في هذا المصنع يدركون المشكلة، ورغم العديد من المحاولات لتجويد المنتج، إلا أن كل المحاولات كانت تبوء بالفشل. كانت هذه العاملة تذهب يوميا للمصنع مشيا على الأقدام وتعود لمنزلها بذات الطريقة. لاحظت أن هناك قطاراً يمر بالقرب من المصنع، وكانت تعتقد أن مرور القطار بالقرب من المصنع قد يكون سبباً في المشكلة التي يعاني منها المصنع، فأخبرت رئيسها عن ذلك والذي أخبر بدوره رئيسهم المباشر، وبالفعل بعد دراسة الموضوع تبين أن الاهتزازات الأرضية التي يحدثها مرور القطار كانت هي العامل المؤثر في جودة المنتج، فتقرر بناء مجرى مائي حول المصنع لامتصاص هذه الاهتزازات، وبالفعل أثبت هذا الحل جدواه في تخلص المصنع من المشكلة التي كان يواجهها، واستطاع المصنع أن يحل مشكلته بفضل نظام مفتوح للاتصال يتيح للمنتسبين التعرف على التحديات التي يواجهها ويشجعهم على الانشغال في التفكير لحلول لمثل هذه التحديات. إن المؤسسات الناجحة هي التي تدرك أهمية وجود نظام مفتوح للاتصال، حيث أبواب المسؤولين مفتوحة، وصدورهم رحبة لاستقبال المقترحات والانتقادات، وحيث تقارير أداء الوحدات والإدارات والمؤسسة منشورة ومعلنة، حيث تتم مناقشة التحديات التي تواجه المؤسسة بكل شفافية. إنها المؤسسات التي تؤمن بأن الزمن الذي كانت فيه الحكمة مقتصرة على أصحاب المناصب العليا قد انتهت، وأن زمن الترهيب والتهديد قد ولى، وأن الصراخ في وجه الموظفين لن يجدي في جعلهم يوافقون على قرارات يجدونها غير مقنعة. إن المؤسسات الناجحة هي التي تدرك أهمية هذا المناخ في تعزيز رضا الموظفين، وبالتالي شعورهم بأهميتهم وأهمية دورهم في تسيير أمور العمل، وتدفعهم بالتالي لبذل المزيد من الجهد لتحمل مسؤوليتهم المهنية، كما أن هذا المناخ المفتوح للاتصال يعمل على ضمان رضا المنتفعين من خدمات المؤسسة، والذين يعدون أهم عنصر يروج لخدماتها. تشير الدراسات إلى أن العميل الراضي يخبر (3) أفراد آخرين عن المنتج أو الخدمة، بينما العميل غير الراضي يخبر (11) فرداً عن المنتج أو الخدمة. إن الاتصال فن ومهارة، واحترام رأي الآخرين، والإنصات لهم، والتعاطف معهم جزء منها، وجميعها أمور لا يتقنها كل من درسها أو قرأ عنها، بل كل من عزم أمره على تطبيقها. تشير الدراسات إلى أن البراعة في الاتصال تحقق للإنسان 85% من نجاحاته، بينما تحقق المهارات العلمية والمهنية والتخصصية 15% من نجاحاته. وليس هناك مثال أفضل من هدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، حيث يقول ابن القيم رحمه الله: "كان صلى الله عليه وسلم إذا حدثه أحد التفت إليه بوجهه وجسمه وأصغى إليه تمام الإصغاء، ولا يقطع الحديث حتى يكون المتكلم هو الذي يقطعه..".. لنقتدي بسنة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، ولتكون عقولنا وقلوبنا مفتوحة للآخرين.