14 أكتوبر 2025

تسجيل

الطيب صالح

15 مارس 2014

باستمتاع أنت تقرأ رواية "منسي" للأديب الكبير الطيب صالح.. منسي شخصية لا تعرف بعد الانتهاء، هل هو شخصية حقيقية أم من بنات أفكار الطيب صالح، صاحب موسم الهجرة إلى الشمال، وود والزين "داير يعرس" وعشرات النماذج، في هذا النص واعني منسي لا تعرف هل نموذج حياتي أم حكاية من حكاياه التي لا تنتهي وصوته الهادي وهو يسرد المواضيع، وبساطته في التعبير، سنوات كان اللقاء به مستمراً عبر مسؤوليته في وزارة الإعلام، في منسي كرواية يطرح النموذج، هل حقاً رواية يمكن إدراجها ضمن السِّير الذاتية لنموذج حياتي، ولكن هذا النموذج يختلف عن (أيام طه حسين) مثلاً، نموذج الطيب مزيج من الصادق والفهلوي، من الثري والمعدم، ذلك الإنسان الذي لا يُعرف انتماؤه إلى أي دين أو يعرف حتى اسمه الحقيقي هل هو أحمد منسي، هل هو مايكل؟ أم منسي يوسف بشطاروس؟والسؤال الآخر، أين عاش؟ في مصر، أمريكا، أوروبا، آسيا، أم في دول وقارات لا تعلم عنها، ثم يأخذنا الطيب إلى عوالم منسي في كل مشهد ومشهد عبر صفحات الرواية، مهن عديدة مارسها منسي، فهو الممرض والشيال، والممثل والمدرس، ورجل الأعمال، وعشرات المهن، أما عن واقعه الاجتماعي، فلا نعرف واقعه وقد أنجب من الأولاد منهم من ينتمي إلى الإسلام ومنهم من ينتمي إلى المسيحية، هو نموذج خاص، لا يهم إن كان منسي نموذجاً من ابتكار الطيب أو حلقة من حلقات غرائب البشر في هذا الكون الواسع، ولكن هذا النموذج لما لا يستغل درامياً، بدلاً من أن نسرق أفكار الأفلام الأجنبية وندعي أنها من بنات أفكارنا، لماذا لا يتسابق ممثلو الكوميديا في تجسيد هذا النموذج، بدلاً من أن نرى البطل المفكر والعظيم عادل إمام وهو يقتحم البنوك في إسرائيل ويسرق خزائن البنوك؟ مجرد سؤال؟في هذه الرواية نحن أمام لعبة يمارسها الطيب صالح علينا، لا نعرف أبعاد الواقع عن الخيال أو الحقيقة أو الوهم، ذلك أن الطيب كسارد. في نهاية العمل وهو يخبرنا برحيل صديقه منسي يضعنا أمام عشرات الأحاجي، عندما يرد على استفساراته ابنه الأمريكي سايمون، ومع هذا فقد خلق هذا الكاتب من نموذجه (منسي) لوحة رائعة من لوحات الحياة، بين الإبهام والغموض.. بين الواقع والمتخيل، بين المجتمع المتسامح الذي يحاول البعض زرع الفتنة في ربوعه.