20 سبتمبر 2025

تسجيل

المتحدث الرسمي ورسم سياسة الدولة الخارجية لتصحيح المفاهيم

15 فبراير 2018

في كل دول العالم يوجد متحدث رسمي يضع النقاط فوق الحروف تعبيراً عن السياسة الرسمية لأي دولة الإعلام لعبة لا يفهمها سوى الكبار ومن يسير على نهج سياسة مدروسة بعيداً عن التهويل والتضخيم تلعب رسالة الإعلام اليوم دورا مهما ومؤثرا في نقل واقع الاحداث من خلال التمتع بالمعايير المتبعة في هذه الرسالة التي تحملها هذه الرسالة والمبنية على تقديم الحقائق وعدم المبالغة في التعليق على كل ما ينشر عبر وسائل الاعلام، هذا اذا سلمنا اليوم بانه عن طريق الاعلام نستطيع الوصول الى كافة الشعوب بكل حرية ودون قيود. وهذا الأمر يجرنا الى تحليل الدور الذي يقوم به " المتحدث الرسمي " في كل الدول مع التطبيق على الرسالة الأمينة والشفافة التي تتحدث بها دولة قطر خلال الازمة الخليجية المفتعلة ضدها منذ الخامس من يونيو 2017 م حتى الآن. المتحدث أو الناطق الرسمي تختلف التسمية لهذا المصطلح من دولة الى اخرى.. فالناطق هو المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية في اي دولة وقد يوجد في وزارات او مؤسسات اخرى تابعة للدولة. فالناطق أو المتحدث الرسمي كما تقول المصادر وظيفة في الحكومة او المؤسسات، وهو الشخص المكلف بإذاعة ما يراه مناسبا من أخبار ومعلومات واتجاهات وقرارات تتعلق بالحكومات وسياساتها ومواقفها المختلفة إزاء القضايا المختلفة التي تهم الحكومة أو تهم الرأي العام ووسائل الإعلام... وهو يتحمل كل كلمة او عبارة او سياسة يتحدث بها وقت إذاعته لاي خبر او تعليق او تصريح لانه يعبر عن سياسة الدولة التي تخرج تصريحاته منها بما يعكس سياسة الحكومة التي ينتمي إليها. ولهذا نجد أن المتحدث الرسمي يسهم بالدرجة الأولى في التعامل مع وسائل الإعلام بانواعها المتعددة، محاولة منه في التأثير على الرأي العام، لان هذا الناطق او المتحدث الرسمي هدفه التعبير عن رأي او موقف الحكومة في قضايا معينة، وليس بالضرورة أن يصبح الناطق الرسمي عضواً في الحكومة كما كان شائعا في بعض البلدان العربية، لكنّه في حال كونه كان  عضواً، فوظيفته ليست وظيفته المحددة. دراسة حالة ولو اخذنا مثالا عن " المتحدث الرسمي " في احدى دول العالم.. وهي الحكومة البريطانية عبر متحدثها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. فسنجد انه كثيرا ما يتحدث عن الاتصال والقوة الناعمة في الدبلوماسية وما لها من أهميتهما لخلق اندماج ثقافي بين بريطانيا وشعوب المنطقة... حيث تحدث — في احدى محاضراته العامة في قطر في وقت سابق — عن النهج الذي تتبعه بريطانيا للدفاع عن صورتها من خلال الأجهزة الرئيسية في مجال الدبلوماسية، وكيف استوعبت حكومته حاجتها لاستحداث منصب "المتحدث الرسمي".. مشيرا إلى أنه من الطرق والقنوات الرسمية والتقليدية التي تستخدمها بريطانيا للتعبير عن سياساتها وشرح وجهة نظر حكومتها هي الجلسة الأسبوعية للبرلمان البريطاني، حيث يقف رئيس مجلس الوزراء ليخاطب البرلمان ويبين للشعب البريطاني والعالم أهم ملامح سياسة بريطانيا الخارجية. وأضاف استوعبت الحكومة البريطانية أهمية استحداث وسائل مباشرة تصل إلى بيوت الناس وبلغاتهم، وأهمية وجود قناة مباشرة مع الإعلام العربي حتى يتسنى للحكومة البريطانية الإجابة على أسئلة الجمهور العربي وتشرح لهم من خلالها السياسة الخارجية البريطانية.. مبينا أن من أهم هذه الوسائل " وسائل التو اصل الاجتماعي "، التي أصبحت جزءا من الأجهزة الدبلوماسية اليوم. الوضع مختلف مع دول الحصار ونجد ان الوضع لدى دول الحصار واصحاب الازمة الخليجية المفتعلة لم يخرج على وسائل الاعلام اي متحدث او ناطق رسمي باسمها خلال الأزمة بشكل واضح.. بل كان وزراء الخارجية هم الذين يقودون دفة الرد على وسائل الاعلام ولفترات متقطعة وليست دائمة ومستمرة.. بعكس دولة قطر التي تبنت تحقيق الرسالة الشفافة التي تقودها السياسة القطرية ودبلوماسيتها الناجحة خلال الشهور الماضية من خلال اكثر من متحدث لتوضيح وجهة النظر القطرية في الازمة والرد على ادعاءات ومطالب دول الحصار وتفنيد اكاذيبهم واخبارهم المفبركة عن طريق: — وزير الخارجية — المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية — مدير مكتب الاتصال الحكومي.  كلمة أخيرة: في كل دول العالم يوجد متحدث رسمي يضع النقاط فوق الحروف تعبيرا عن السياسة الرسمية لأي دولة.. خاصة اذا علمنا بان الإعلام لعبة لا يفهمها سوى الكبار ومن يسير على نهج سياسة مدروسة بعيدا عن التهويل والتضخيم لمجريات الاحداث والتعامل معها بمهنية عالية لتنوير الرأي العام.. وهكذا كان الدور القطري في الأزمة الخليجية المفتعلة.