19 سبتمبر 2025

تسجيل

ما لا عينٌ رأت

15 فبراير 2017

شاهدت تقريراً تلفزيونياً حول أغلى بيت في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، الذي تم تصميمه وفق ما كان يرغب المالك أن يعيش حياته في كل جزء من بيته.. أين يسترخي وأين يشرب قهوته، ويطالع كتبه، وصالة لمشاهدة الأفلام السينمائية وأخرى للبرامج التلفزيونية، إضافة إلى غرف نوم خاصة، وأخرى لضيوفه. فضلاً عن حديقة البيت وأماكن ركن سياراته الفارهة وغير ذلك كثير. لا يمكن أن يتردد أحدنا، أو هكذا هو رأيي الشخصي، إن قيل له على سبيل الافتراض، أن يعيش في هذا البيت فترة من الزمن، فإن أعجبته الحياة فيه، صار البيت ملكه.. وهل هناك من يمكن أن يقول لا ؟ قد تقول لي: نعم، هناك من لا يستمتعون بمثل هذه البيوت الفخمة والعروض المغرية، ولا يجدون سعادتهم فيها، بقدر ما يرونها في كوخ صغير على أطراف قرية نائية أو على سفح جبل! ولكن سأقول لك: ربما غيرك يرى لذة الحياة في مثل تلك البيوت الأنيقة الفخمة.. وإن كان هذا السؤال ليس هو موضوعنا.حين يعجب أحدنا بأمر من أمور الدنيا المادية الفارهة الجميلة، ويجد لذته وربما سعادته فيها أو من خلالها، ألا يخطر بذهنه تساؤل محدد حول ماهية الأشياء في حياة النعيم الأخروية؟ ألم يقارن أحدنا بما يراه في الدنيا وكيف يمكن أن يكون نفسه في جنات عدن أو الفردوس الأعلى؟لا أدري كيف كان استقبال المشركين لمثل هذه المبشرات الأخروية، التي جاءت في القرآن وما الذي دعاهم لتكذيبها وعدم الإيمان بها، فيما صدقها الصحابة الكرام، دون كثير تساؤلات وجدالات؟ ولا أدري كيف كان يتخيل الصحابة نعيم الآخرة، وقد كانوا في ظروف معيشية قاسية لا تقارن بما كان عليه الروم والفرس مثلاً، عكس وضعنا الحالي وما نحن عليه من رفاهية، لم يكن يحلم بها قيصر ولا كسرى ولا غيرهم من ملوك الأرض السابقين.. الشاهد من الحديث، أن ما نحن عليه الآن من نعيم ورفاهية دنيوية، وإن كان هناك تفاوت بين بعضنا البعض، إلا أنها دافعة، في ظني، إلى مزيد إيمان ومزيد شوق إلى ما عند الله في الآخرة، والى مزيد إيمان وأمل ورجاء وحُسن ظن بالله، في تحقيق الوصول إلى ما لا أذن سمعت ولا عين رأت ولا خطر على قلب بشر..لنتخذ إذن، والحال هكذا، من نعيم الدنيا الحالية، طريقاً وسبيلاً إلى نعيم الآخرة، والله عند حُسن ظن عبده به.