17 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يحيي اللبنانيون ذكرى مرور عشر سنوات على اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. هذه الحادثة التي وقعت عند الواحدة إلا خمس دقائق في منطقة السان جورج وسط بيروت، وأدت لمقتل الحريري وعدد من مرافقيه، شكلت محطة أساسية من محطات تاريخ لبنان الحديث، ومازالت آثارها وتداعياتها مستمرة حتى يومنا هذا. تفجيرات واغتيالات كثيرة مرت بلبنان طواها النسيان، لكن اغتيال رفيق الحريري لم يكن كغيره من الحوادث، وذلك يعود لعاملين: الأول يتعلق بشخص الحريري نفسه، الذي كان يتمتع بشبكة علاقات عربية ودولية واسعة، وهو كان على علاقة شخصية وثيقة بعدد من الرؤساء العرب والغربيين، ساعده في ذلك ذكاؤه، والأهم ثروة مالية كبيرة نجح في استثمارها. رفيق الحريري لم يكن حين اغتيل في أي منصب رسمي، لكن ذلك لم ينتقص من حجم الرجل ونفوذه داخل لبنان وخارجه. العامل الثاني هو أن اغتيال رفيق الحريري جاء في لحظة إقليمية ودولية فاصلة. لحظة كانت تنتظر فرصة لتكرس من خلالها مرحلة جديدة، بعد أكثر من عقدين كان خلالهما النظام السوري وصياً على لبنان. وقد شكل اغتيال الحريري محطة لانطلاق هذا التغيير، وكانت أولى نتائجه انسحاب الجيش السوري من لبنان بعد ثلاثين عاما كان رئيس فرع الأمن والاستخبارات في الجيش السوري القابع في قصره بعنجر الأمر الناهي في كل صغيرة وكبيرة، يملي أوامره على من يشاء بدءاً من رئيس الجمهورية. اليوم وبعد مرور عشر سنوات على الاغتيال، لابد من قراءة بعض النتائج التي أفرزتها هذه الحادثة، منها تشكيل الأمم المتحدة محكمة دولية خاصة بلبنان، مهمتها التحقيق في حادثة اغتيال الحريري والتفجيرات المرتبطة بها، ومحاكمة المسؤولين عنها وتقديمهم للعدالة. هذه المحكمة سرعان ما تحولت من مطلب لبناني رفع لواءه قسم كبير من اللبنانيين، إلى مادة إشكالية فيما بينهم، بعدما أصدرت المحكمة قراراً ظنياً اتهمت بموجبه خمسة من قياديي حزب الله لضلوعهم في اغتيال الحريري. هذا الاتهام كانت نتيجته أن حزب الله ومن يدورون في فلكه رفضوا الاعتراف بالمحكمة والخضوع لها، واتهموها بالتسييس وأنها محكمة أمريكية- إسرائيلية، لا تهدف للوصول إلى المسؤولين عن اغتيال الحريري، بل للضغط على "المقاومة" والتضييق عليها ومحاولة القضاء عليها. لا مبالاة حزب الله بالمحكمة الدولية انتقلت عدواها إلى الفريق الآخر، فبالتزامن مع انعقاد جلسات المحكمة التي تتهم حزب الله، تنعقد جلسات حوار بين الحزب وتيار المستقبل الذي يرأسه سعد الحريري ابن رفيق الحريري الوريث السياسي لوالده. وقد سبق لسعد الحريري أن تنازل وشارك حزب الله في الحكومة التي يرأسها تمام سلام. ويذكر اللبنانيون أن الحريري تنازل عام 2008 وقام بزيارة الرئيس السوري بشار الأسد في قصر المهاجرين بدمشق، في الوقت الذي كانت أصابع الاتهام باغتيال رفيق الحريري تتجه إلى النظام السوري وعلى رأسه الأسد. لكن هذه الزيارة كانت شرطاً أساسياً أمام الحريري للسماح لوصوله إلى رئاسة الحكومة، فعانق الحريري الأسد وهو على قناعة بأن من يعانقه مسؤول عن قتل والده.منطقياً، يفترض أن مرور عشر سنوات على اغتيال رفيق الحريري إلى جانب الاكتساح الشعبي والتعاطف الدولي الذي ناله سعد الحريري وفريقه السياسي يفترض أن يكون كافياً كي يكون الحريري الابن العنصر الأبرز في التركيبة السياسية اللبنانية، لكن مجريات الأمور تشير إلى خلاف ذلك. فذروة النفوذ الذي ناله سعد الحريري كانت عقب اغتيال والده، ليبدأ منذ ذلك الحين بالتراجع والضمور، ويصل في الآونة الأخيرة إلى أدنى مستوياته، لاسيَّما بعدما نجح حزب الله ببسط نفوذه على لبنان والإمساك بمفاصله، وإغراق اللبنانيين بوحول الأزمة السورية. بعد مرور عشر سنوات على اغتيال الحريري، يمكن القول إن المشروع الذي بناه الحريري لم يجد من يتابع العمل فيه، وأن الدهاء السياسي الذي كان يتمتع به لم يورثه لأحد، وأن من جاءوا من بعده فرّطوا بكل المكتسبات التي وفرها لهم.في ذكرى الاغتيال، نسمع مواقف فارغة وتصريحات جوفاء وزعامات مصطنعة. يبكون كالنساء فرصة لم يحافظوا عليها مثل الرجال.