15 سبتمبر 2025
تسجيلالتريث في إعلان الترشح للانتخابات الرئاسية في مصر عند الراغبين بالوصول إلى مقعد الحكم يخفي في حقيقته سباقا محموما وإن لم يكن منظورا كما أنه يخفي صراعا تعيشه مكونات جبهة 30 يونيو.. ملامح ذلك تجسده حفلات الترويج المبالغ به التي تقودها أوركسترا الإعلام المصري إيذانا بميلاد العهد الجديد. فلا يكاد يمر يوم إلا وتتصدر عناوين الصحف وكتاب الأعمدة ما يقال إنه تسريبات ومعلومات مؤكدة حول ترشح فلان وانسحاب آخر فضلا عن المشير السيسي الذي بات إعلان ترشحه يُحسب بالثانية وليس بالأيام والساعات عند داعميه. وربما الرئيس الروسي فلاديمير بوتن أثلج صدورهم بترحيبه بترشح السيسي خلال زيارة الأخير لموسكو. خلف برامج التوقع والتكهن ونسج الأمنيات التي تملأ الفضائيات المصرية نجد أن كمّا من الخلافات والتباينات بين القوى والأحزاب التي تتشكل منها جبهة 30 يونيو في مصر، الأمر الذي يطرح تساؤلا حول ما إذا كانت هذه الخلافات ستفضي إلى تفكك الجبهة وتفتيت بعض مكوناتها مثل حركة تمرد التي ظهرت خلافاتها الداخلية بقوة مؤخراً؟ حركة تمرد التي رسمت مشهد الثلاثين من يونيو في مصر الذي أدى إلى عزل الرئيس محمد مرسي تتفكك بنفس الطريقة التي تشكلت بها، وحتى بنفس السرعة.. أسباب تفككها لا علاقة له بالإخوان المسلمين أو قوى المعارضة.. الخلاف على هوية من تدعم للرئاسة المصرية هو أساس الخصام بين مكوناتها.. أناس مع حمدين صباحي الذي بدا وكأنه رقم صعب داخل هذه الحركة في الوقت نفسه الذي تدعم أطراف أخرى المشير عبدالفتاح السيسي.. قبل أيام أقرّ حمدين صباحي خلال حوار تلفزيوني على أنه كان أحد داعمي حركة تمرد منذ أن كانت فكرة، في الوقت نفسه الذي كان المستشار مرتضى منصور، العدو اللدود للإخوان، يتهمه بتلقي أموال طائلة من أعضاء في الحزب الوطني للمساعدة في إسقاط حكم الرئيس مرسي. جبهة الثلاثين من يونيو التي أسقطت مرسي كانت تتشكل من جميع الأحزاب المدنية من حزب الدستور برئاسة محمد البرادعي إلى التيار الشعبي وحزب الكرامة بشخص حمدين صباحي والناصريين وصولاً إلى حركة تمرد التي ظهرت للسطح دون أن يعرف أحد كيف نشأت ومن كان يقف خلفها ويدعمها ويمدها بكل وسائل الدعم لتحقيق المشهد المطلوب لإسقاط مرسي.. ربما من المبكر الحديث عن تفكك تمرد وإن كانت المؤشرات تؤكد أنها لم تعد كما كانت من قبل، ثم إن الجبهة نفسها ضرب المرض ذاته.. الخلافات بين أعضائها واضحة، فرئيس مصر القوية عبدالمنعم أبو الفتوح الذي كان أحد أبرز الداعيين إلى انتخابات رئاسية مبكرة لم يعد يرى في المشهد الحالي إلا نكوصاً عن مبادئ ثورة 25 يناير وأن الانتخابات القادمة ليست إلا ديكوراً لتكريس النظام القديم، ذاك النظام الذي خرج عليه المصريون بثورة عارمة.. أما نائب رئيس الجمهورية سابقا محمد البرادعي، على ما يبدو، لم يعد مهتما بالأوضاع السياسية في مصر، وأن التغريدات الخجولة التي كان يبثها على فترات متقطعة تعبيرا عن امتعاضه لما آلت إليه الأمور في مصر لم تعد مناسبة، فقرر الاعتزال السياسي ليحدثنا في الذكرى الثالثة لثورة يناير عن التمييز ضد المرأة في العالم في وقت كان الشارع المصري يغلي بين مندد ما يراه انقلابا وبين محتفل بالمشير السيسي في ميدان التحرير وبين هذا وذاك سقط العشرات قتلى. موقف 6 أبريل المنقسمة على نفسها كان أكثر انسجاما مع طروحاتها، فأغلب رموزها في السجن، ومن هو خارج السجن لا يقف عن الشغب أو النضال.. لم يعد هناك فرق في قاموس الحياة السياسية المصرية بين هذا المسمى وذاك. وربما السؤال الأكثر تراوداً للذهن في هكذا ظرف: هل انتهت صلاحيات حركة تمرد بهذه السرعة؟ وهل الدور القادم هو على جبهة الإنقاذ المترددة بين دعم صباحي أو السيسي لرئاسة الجمهورية؟