22 سبتمبر 2025
تسجيلرفضت بعض دول حوض النيل الاستجابة للرغبة المصرية في إبلاغ تلك الدول لمصر، قبل قيامها بأية مشروعات تؤثر على حصة مصر من مياه النيل، ومن هنا قامت تلك الدول بعقد اتفاقية إطارية فيما بينها، لكن مصر رفضت التوقيع تساندها السودان وبعض دول حوض النيل. وفي ضوء تأجيل حسم الخلاف فيما بين مصر وتلك الدول، تسعى مصر من خلال العمل السياسي والاقتصادي التقارب مع تلك الدول لإثنائها عن تشددها، لكن الزيارات المتبادلة لكبار المسؤولين لم تنجح حتى الآن في حسم الخلاف، ومن هنا تحاول مصر استخدام الوسائل الاقتصادية، من خلال زيادة التبادل التجاري والاستثمار والمعونات الفنية. لكن كل الوسائل الاقتصادية مازالت محدودة الأثر، لوجود منافسة شرسة مع دول كبرى وإقليمية تعمل منذ سنوات بدول حوض النيل، حيث توجد علاقات اقتصادية لدول الحوض مع الولايات المتحدة والصين واليابان والهند وفرنسا وإنجلترا، ودخلت دول مثل تركيا وإيران والسعودية على الخط، ففي مجال المعونات بلغ حجم المعونات التي تلقتها إثيوبيا عام 2009 من دول العالم 8ر3 مليار دولار، وتنزانيا 9ر2 مليار دولار والسودان 3ر2 مليار دولار، وأوغندا 8ر1 مليار دولار ونفس القدر من المعونات تلقته كينيا بنفس العام، في حين أن إجمالي المعونات التي تقدمها مصر لكل دول القارة تبلغ 16 مليون دولار. وفيما يخص مجال التجارة السلعية فإن حجم تجارة تلك الدول منخفضة أصلا، في ظل انخفاض مستوى المعيشة وتدني نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ففي عام 2010 بلغ حجم واردات إثيوبيا التي يزيد عدد سكانها عن التسعين مليون نسمة 5ر7 مليار دولار، وواردات الكونغو الديمقراطية التي يزيد عدد سكانها عن السبعين مليونا نحو 3ر5 مليار دولار، وأوغندا التي يزيد سكانها عن الخمسة وثلاثين مليونا نحو 5ر4 مليار دولار. وهكذا تتجمع عوامل المنافسة ورخص المنتجات الصينية، وتدني مستوى المعيشة بسبب كثرة أعداد الفقراء وتزايد نسب البطالة وارتفاع تكلفة النقل، ومشاكل السداد في إعاقة تزايد حجم التجارة مع تلك الدول. حيث بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي بالعام الأسبق بالكونغو الديمقراطية 180 دولارا بالعام، وفي إريتريا 340 دولارا وبإثيوبيا 380 دولارا وبأوغندا 490 دولارا وبتنزانيا 530 دولارا وبرواندا 540 دولارا. وفيما يخص صادرات دول حوض النيل فإنها متدنية هي الأخرى، حيث بلغت قيمة صادرات كينيا خلال العام الأسبق 1ر5 مليار دولار، والكونغو الديمقراطية 8ر3 مليار دولار، وأوغندا 9ر2 مليار دولار وإثيوبيا 7ر1 مليار دولار، كما تحول العوامل الجغرافية المتمثلة في كون بعض تلك الدول دولا برية،مثل أوغندا وإثيوبيا وبورندي ورواندا في صعوبة نقل البضائع منها وإليها. ومن هنا لجأت مصر إلى الاستثمار ببعض تلك الدول لإيجاد مصالح مشتركة من خلال تشغيل جانبا من العمالة المحلية، وتوفير منتجات سلعية، ومن ذلك تأسيس شركة للاستثمار الزراعي بالسودان، وشركة أخرى خاصة للكابلات وثالثة خاصة للمواسير، كما قامت شركة المقاولون العرب المصرية بتنفيذ مشروعات طرق وإنشاءات ببعض تلك الدول، كذلك أسست شركة للاستثمار وصندوقا للاستثمار يبلغ رأسماله 150 مليون دولار. وكانت شركات قطاع الأعمال المصرية لها فروعا في بعض تلك الدول منذ الستينات إلا أن نشاطها تقلص في ظل المنافسة الضارية مع الشركات الدولية، ولهذا تحتاج إلى إعادة تأهيل كما افتتح أحد البنوك المصرية مكتبا للتمثيل بأوغندا. وبصفة عامة تشير إحصاءات منظمة الأونكتاد إلى تدني معدلات الاستثمار بدول حوض النيل، ففي العام الأسبق بلغت قيمة الاستثمارات الواردة إلى إثيوبيا خلال العام 184 مليون دولار، وإلى كينيا 133 مليون وإلى اريتريا 56 مليون دولار، وبلغت الاستثمارات أقصاها في الكونغو الديمقراطية بنحو 9ر2 مليار دولار وأوغندا 848 مليون دولار وتنزانيا 700 مليون دولار. وعلى الجانب الآخر تتدنى معدلات الاستثمار الخارج من تلك الدول للاستثمار بدول العالم، ففي العام الأسبق بلغت قيمة الاستثمارات الخارجة من السودان 51 مليون دولار، ومن كينيا 18 مليون دولار ومن الكونغو الديمقراطية سبعة ملايين دولار. ورغم الدعوة المصرية مؤخرا بالتوجه للاستثمار بدول الحوض، إلا أن حالة الاضطراب التي أعقبت الثورة المصرية قد أثرت على أداء الاستثمار المصري خاصة بالنسبة للبنوك المصرية ومعدلات تمويلها، في ضوء زيادة المخاطر للاستثمار في إفريقيا عموما. ويبقى المخرج لمصر لزيادة دورها الاقتصادي في دول حوض النيل، التعاون مع بعض الدول الخليجية مثل السعودية والإمارات التي تربطها علاقات تجارية جيده ببعضها في ضوء إمداد الدولتين بالبترول لعدد من دول حوض النيل، وكذلك المشروعات العربية المشتركة هناك، أيضا التنسيق مع تركيا وإيران بما لهما من دور تجاري متزايد خلال السنوات الأخيرة بتلك الدول في إطار سعيهما للعب دور الدولة الإقليمية.