20 سبتمبر 2025
تسجيلسقطت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم في معركة مؤتة مع الروم، ثلاث مرات. المرة الأولى رفعها زيد بن حارثة واستشهد، فرفعها جعفر بن أبي طالب وقاتل ما شاء الله له أن يقاتل حتى استشهد، فرفع الراية عبدالله بن رواحة الأنصاري، واستشهد هو كذلك. وما ان وقعت الراية، حتى رفعها على الفور صحابي يدعى ثابت بن أقرم العجلاني، من بعد أن فرغت القيادة فجأة من الذين تم تعيينهم، فنادى في الناس أن يختاروا قائداً للجيش، فقالوا: أنت أميرنا، لكنه رفض، رغم قدراته القتالية، ومشى بالراية إلى سيف الله المسلول، خالد بن الوليد، ولم يمض على إسلامه سوى شهور قليلة، وفي الجيش كثيرون من الصحابة المهاجرين والأنصار، الذين لهم السبق في الإسلام.. رفض خالد بداية الأمر، تسلم الراية والقيادة وقال لثابت: والله لا آخذها منك، وأنت أحق بها. وطلب منه الاحتفاظ بالراية وقيادة الجيش، لكن ثابتاً قال لخالد: والله ما أخذتها إلا لك.. فقد وجده رجلاً عسكرياً قيادياً، ولا يجب أن يتخطاه أحد، وهو يومئذ الأكفأ والأجدر بتولي زمام الجيش وقيادة المسلمين يومها، بغض النظر عن مسألة الأسبقية إلى دخول الإسلام. وفي خضم المعركة واشتداد الأمر على المسلمين في اليوم الثالث العصيب، لم يكن من بد سوى قبول خالد أمر قيادة الجيش، والتصرف السريع قبل أن يهلك الجيش بكامله، فكان ما كان من أمر الانسحاب والقصة المعروفة.. درس عملي في الإدارة. وأهمية أن يتصدر أهل الكفاءة والخبرة للمهام والوظائف العظيمة، سواء طلبوها أم لم يطلبوها. فالمصلحة العامة في مواقف معينة، يجب ألا يُترك القرار للشخص، فالتواضع ورغبة البعد عن الأضواء والشهرة، أمور لا يجب الالتفات إليها في هكذا مواقف، والضرر الذي يمكن أن يحل بالعام أكثر وأكبر من ذاك الذي قد يحصل للخاص أو الشخص نفسه. وحين سأل أعرابي عن معنى قوله صلى الله عليه وسلم " فإذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة ". قال: كيف اضاعتها؟ قال:" إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة".