30 أكتوبر 2025

تسجيل

دول مجلس التعاون وتفعيل الاتحاد الخليجي والاستراتيجية الأمنية

15 يناير 2017

الهاجس الأمني كان ومازال يشكل عموداً وسطياً وأساسياً في بنية دول الخليجالإسراع بـ "الاتحاد الخليجي" يهدف إلى مواجهة أية تهديدات داخلية أو خارجيةأصبحت المسألة الأمنية من المسائل المهمة التي تشغل بال دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بسبب وجود العديد من التحديات التي تواجهها المنطقة، خاصة خلال العقد الأخير من هذا القرن الذي شابه الكثير من التوجهات للحفاظ على أمن الخليج العربي، من خلال الاعتماد على أنفسنا أولا وأخيرا. ومع قيام منظومة "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" في عام 1981م سعت هذه الدول لأن تكون وحدة خليجية متكاملة، تقوم على عدة أسس منها توحيد المنظومة الأمنية وإنشاء جيش موحد لمواجهة الاعتداءات الخارجية المحتملة وإقامة التدريبات العسكرية على مدار السنة بهدف تقوية جيوشنا ونشر الأمن والاستقرار في المنطقة.حيث تعتبر دول الخليج من أهم مناطق العالم، من حيث موقعها الحيوي والاستراتيجي، ولذلك ينظر إليها العالم على أنها لابد وأن تنعم بالأمن في كل الأوقات، وهو ما يأتي من منظور الأمن الدولي، لكي لا تصبح ميدانا للحروب الدامية التي تشن ضد الإرهاب، مع العمل على اهتمام دولنا بوضع استراتيجية أمنية ودفاعية محكمة ومدروسة لكونها تضم نصف الاحتياطي العالمي للنفط .وتحقيق الأمن لدول مجلس التعاون الخليجي يجب أن ينطلق عبر مواجهة بعض الدول المجاورة، وهو ما يشكل نقطة الانطلاق لمواجهة التحديات الأمنية كما يقول أحد الباحثين:إن تأثير الفجوة الجيوبوليتيكية مع الأطراف الإقليمية الأخرى "العراق – وإيران" على أمنها القومي، الأمر الذي دفع دول مجلس التعاون إلى إيلاء البعد الأمني أهمية بالغة ضمن سياساتها، وهو ما عكسته الاتفاقيات الأمنية بينها وبين الدول الغربية منذ إعلان استقلالها حتى الآن .ويضيف:فمنذ انتهاء حرب الخليج الثانية عام 1991، سعت دول مجلس التعاون الخليجي إلى محاولة بناء أمن إقليمي يعتمد على الدعم الخليجي لهذه الدول، فقد تشكل تحالف جديد بين دول مجلس التعاون الخليجي ومصر وسوريا يقوم على تواجد عسكري سوري ومصري كبير في منطقة الخليج العربي وسمي هذا التحالف باسم "إعلان دمشق"، والذي يعد بمثابة التطور الأمني الرئيسي في الفترة التي أعقبت حرب الخليج، فقد استهدفت دول "إعلان دمشق" توفير مظلة أمنية إقليمية تتمركز حول ائتلاف سعودي مصري وسوري . ويقول أيضا:في العام 2004، انطلقت من أكبر دولتين في الخليج هما إيران والمملكة العربية السعودية الدعوة إلى صياغة ترتيب أمني للمنطقة، حيث تعود الفكرة إلى تسعينيات القرن الماضي، إذ تم طرحها من قبل السعودية وأيدتها إيران بشدّة، غير أنه أعيد طرحها يوم 5 كانون الأول/ديسمبر 2004 حين دعا الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي الراحل إلى صياغة ترتيب أمني خليجي شامل "يتضمن دول مجلس التعاون وإيران واليمن"، ودعا إلى إعادة تنظيم جذري لأمن الخليج، مقترحا إنشاء نظام أمني يجمع إيران ودول مجلس التعاون يقره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، كما دعا إلى مشاركة أكبر لكل من الهند والصين في أمن الخليج. وتعكس هذه النقطة الأخيرة المصلحة المباشرة لكل من الهند والصين في ضمان إمدادات مستقرة من النفط والغاز الخليجي. وقد رغبت دول مجلس التعاون الخليجي في عقد اتفاقيات أمنية مع دول إقليمية أخرى مثل تركيا العضو في حلف شمالي الأطلسي، والتي ترغب في استقرار الخليج نتيجة اتساع أنشطتها التجارية والاقتصادية مع دوله.ويواصل:وقد كانت الدعوة التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز، في اجتماع المجلس الأعلى في دورته الاعتيادية الثانية والثلاثين في سنة 2011 بشأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد بين دول مجلس التعاون الخليجي، تعبيرا عن الرغبة في زيادة الروابط بين دول المجلس في مواجهة التهديدات الداخلية، والتي لا يمكن الاعتماد في مواجهتها على الدور الخارجي. كذلك مثل صعود المجلس من أبرز مستجد إقليمي كشفت عنه الثورات العربية، فقد أكد ذلك نجاح المجلس في جعل نفسه همزة وصل بين مفاصل عمليات التغيير العربية الراهنة، عبر سلسلة من المبادرات الإستراتيجية في الإقليم، وإعطاء الإحساس بأنه النظام الفرعي الوحيد الذي لا تزال وحداته السياسية تتحكم بمفاصل التغيير في الداخل. كذلك قادت التحولات العالمية والحديث عن إمكانية نشوء أقطاب دولية جديدة دول الخليج في العقد الماضي إلى توسيع علاقاتها مع القوى المستقبلية وخاصة دول الاتحاد الأوروبي لتلعب دورا مهما في الترتيبات الأمنية من خلال حلف الناتو لأن وضع إطار متعدد الأطراف لأمن الخليج ممكن وضروري، تشارك فيه أطراف لها مصالح حيوية في الحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة الخليج وحلف الناتو من خلال الشراكة الأطلسية ومن خلال الدور الذي يلعبه في خارج القارة الأوروبية أصبح مؤهلا للعب دور مهم في أمن الخليج .بينما يؤكد خبير آخر على أنه:يتعين أن تنتهج دول المجلس مسارات ثلاثة متوازية وهي : - أولا: بناء القدرات الذاتية ولكن وفق نظرة شاملة لا تقتصر على البعد العسكري، وإعادة التركيز على تهديدات الأمن الوطني ومنها "الخلل في التركيبة السكانية، البطالة، العنف والإرهاب"، بما يؤدي إلى الحفاظ على النسيج الوطني الواحد. - ثانيا: إيجاد صيغة توافقية لمسألة "الاتحاد الخليجي" يكون من شأنها الحفاظ على مجلس التعاون ككيان إقليمي، والحفاظ على سيادة الدول من ناحية أخرى، ويمكن البدء ببعض القضايا المحورية مثل الدفاع باعتباره ضرورة استراتيجية ملحة، بل إن الصيغ المشتركة هي تطوير لكيان المجلس ذاته وفقاً لما نصت عليه ديباجة الميثاق المنشئ للمجلس والمادة الرابعة منه، ولعل ما تردد بشأن اعتماد القمة الخليجية في الكويت للقيادة العسكرية الموحدة لدول المجلس يعد تطوراً مهماً في هذا الشأن، حيث جاء إنشاء مجلس التعاون عام 1981 نتيجة لتحد إقليمي آنذاك متمثلاً في الثورة الإيرانية . - ثالثا: ضرورة إبلاغ دول مجلس التعاون الولايات المتحدة بكل وضوح بمخاوفها بشأن التغيرات المحتملة للسياسة الأمريكية تجاه منطقة الخليج العربي، مع العمل على تفعيل العلاقات الخليجية الآسيوية وبخاصة الدول المحورية منها، لموازنة الأدوار الغربية في منطقة الخليج العربي .** من هنا: يجب الاهتمام بالتعاون العسكري لدول مجلس التعاون من خلال عدة مجالات – كما تقول المصادر - منها: "الاستخبارات العسكرية، المساحة العسكرية، الخدمات الطبية، منظومة السلاح، الاتصالات، القوات الجوية، القوات البحرية، الأمن البيئي، الدفاع ضد الأسلحة الكيماوية، الحرب الإلكترونية، والدفاع ضد الصواريخ الباليستية .. وغيرها". حيث أكدت قمة المنامة في ديسمبر 2016 م على ما وصلت إليه المشاورات بشأن تنفيذ قرار المجلس الأعلى في دورته (36) حول مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، بالانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وتوجيه المجلس الأعلى إلى الاستمرار في مواصلة الجهود للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وتكليفه المجلس الوزاري ورئيس الهيئة المتخصصة باستكمال اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، ورفع ما يتم التوصل إليه إلى المجلس الأعلى في دورته القادمة . ** في الختام: لابد من تفعيل الاتفاقية الأمنية المبرمة بين دول مجلس التعاون الخليجي التي أكدت على مواد قانونية تعالج قضايا التعاون الأمني بين دول المجلس، وأصبحت هذه الاتفاقية سارية المفعول بعد مصادقة معظم الدول الأعضاء عليها، وبموجب قرار أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية في اجتماعهم سنة 2010، تم تحديث وتطوير الاتفاقية الأمنية. ووافق عليها، في صيغتها المعدّلة، وبصورة مبدئية أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية في اجتماعهم التشاوري سنة 2012. ورفعت الاتفاقية الأمنية بصيغتها المعدّلة للقاء التشاوري الرابع عشر لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون "الرياض، مايو 2012" حيث باركها وفوّض أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية للتوقيع عليها، على هامش اجتماعهم الحادي والثلاثين، نوفمبر 2012. ثم أقرّها المجلس الأعلى في دورته الثالثة والثلاثين "المنامة، ديسمبر 2012" .** كلمة أخيرة: نحن بحاجة إلى أجندات واضحة لتأسيس الوحدة الأمنية السليمة لدول مجلس التعاون مع تقريب الرؤى الخليجية في وقت هي بحاجة ماسة للاتفاق دون الاختلاف في ظروف سياسية عصيبة تتطلب الاتحاد في مثل هذه اللحظات مع تفعيل الاتفاقية الأمنية لدول المجلس قبل كل شيء.