15 سبتمبر 2025

تسجيل

الصناعة المصرية .. تواجه المخاطر

15 يناير 2014

الصناعة المصرية تواجه العديد من المخاطر في ظل استمرار الوضع المأساوي للاقتصاد الذي ما زال يعتمد على القروض أو المساعدات، ولسوف يتفاقم الوضع إذا استمر الوضع أكثر من ذلك في الاعتماد على الخارج بعد أن توقفت آلات المصانع وتفرغت القوى الإنتاجية للتظاهر والوقفات الاحتجاجية، خاصة أن التراجع الحاد لقيمة الجنيه المصري أمام الدولار يهدد بكارثة اقتصادية بعد أن تحملت شركات قطاع الأعمال والقطاع الخاص خسائر كبيرة بسبب اختلاف الأسعار وما ترتب عليه من تباين في أسعار شراء الخامات للمصانع وتعاقدات شركات التجارة التي كانت بالدولار، وتتفاقم المشكلة مع استمرار مسلسل الاضطرابات الأمنية وإضراب عمال المصانع والتوتر القائم في الجامعات. ومما يزيد الأحوال الاقتصادية سوءا، ضعف التصدير وتوقف الإنتاج في الكثير من المصانع، وهو ما دعا الكثيرين من مالكي الدولار إلى الاحتفاظ به، مما تسبب في نقص شديد في المعروض، ولذلك ارتفعت قيمته أمام الجنيه الضعيف، حيث توسعت الحكومة في طرح سندات دولارية لتخطي العجز المالي، الذي بلغ في العام الماضي 170 مليار جنيه، أي ما يوازي 27.5 بليون دولار، والمتوقع أن يصل العجز إلى نحو 200 مليار جنيه مصري بنهاية العام المالي الجاري.وتزداد المشكلة تعقيدا أن البنوك تجبر في ظل هذه الظروف الصعبة على استخدام أرصدتها الدولارية في الاستثمار في سندات الخزانة الحكومية، مما يؤثر سلبا على قدرة البنوك على تلبية طلبات معظم المصانع التي تحتاج إلى العملة الصعبة لتوفير مستلزمات الإنتاج من الخارج، في ظل تراجع الاحتياطي الأجنبي - وفق بيانات البنك المركزي المصري - إلى نحو 15 مليار دولار بانخفاض بلغ نحو 448 مليون دولار، بنهاية شهر نوفمبر 2013، ليسجل الاحتياطي 15.035 مليار دولار، انخفاضا من 15.483 مليار دولار، بنهاية شهر أكتوبر الماضي، وهو بذلك يدخل "دائرة الخطر" التي يحددها الخبراء بتغطية 3 أشهر من الواردات السلعية للبلاد، في الوقت الذي تغلي فيه المصانع بغضب العمال وثورتهم ومطالبهم المتزايدة، والفساد القائم نتيجة تخريب المصانع والشركات بالبيع المجحف لبعض المستثمرين والسماسرة - وإن كانت هناك محاولات لاسترداد بعضها إلا أنها تبدو بطيئة أو تتم على استحياء، وفي هذا الإطار فإن الوضع في مصانع وشركات كبرى، مثل شركات الحديد والصلب أصبح مخيفا، مما يهددها بالتوقف، وهو أمر غاية في التعقيد، خاصة في هذه المرحلة الانتقالية التي تتمثل في مطالبة الحكومة بحل جميع مشاكل المرحلة التي سبقت الثورة، بالإضافة إلى المشاكل الظرفية التي نتجت عن الثورة وارتفاع نسبة المطالبة من قبل كافة الشرائح الاجتماعية، مما يصعب من عمليات الإصلاح السريع، حتى في ظل المساعدات الخليجية التي لعبت دور المهدئ المؤقت، وعززت مصر، ولكن يجب ألا يجعلنا ذلك في وضع استاتيكي، ولابد من التحرك السريع للبحث عن المزيد من الاستثمارات من الداخل ومن الخارج، لأن عمليات الدعم الخارجي ليست دائمة، وأننا سوف نحتاج للكثير من الوقت والجهد لتعويض الخسائر التي مني بها الاقتصاد المصري، خاصة أن مصر لديها من الإمكانات ما يجعلها قادرة على تعويض ما فاتها اقتصاديا،شريطة استقرار الأوضاع الداخلية وعودة الحياة إلى طبيعتها، لأن حالة عدم الاستقرار من العوامل الأساسية الطاردة للاستثمارات، خاصة الأجنبية التي تبحث عن بيئة استثمارية آمنة، ولا يمكن أن تظل الأوضاع في القلاع الصناعية المصرية رهنا بمعارضة مثيري الشغب الذين يعبثون بأمن المجتمع لصالح فئة أو فصيل يسعى إلى هدم الاقتصاد المصري وعناصره الأساسية المتمثلة في المصانع التي تعد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد وزيادة الدخل وتشغيل الأيدي العاملة المتعطلة والباحثة عن العمل، ولا يمكن أن تركن الحكومة إلى أنها حكومة مؤقتة، لأن واجبها الأساسي هو عودة الاستقرار وإعداد البلاد لمزيد من العمل حتى تأتي حكومة منتخبة ورئيس جديد.