12 سبتمبر 2025
تسجيلرحم الله فضيلة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود، وطيب ثراه، فبعد قرابة نصف قرن من فتواه الشهيرة بجواز الرمي في أوقات متفرقة من اليوم، وبجواز الرمي قبل الزوال، يبحث علماؤنا اليوم النظر بجواز الرمي قبل الزوال، وهو ما ذهب إليه الشيخ عبد الله بن زيد رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته، بعد أن دفعت بعض الفتاوى المتشددة بإزهاق أرواح المئات من الحجاج خلال الأعوام الماضية، في تدافع على رمي الجمرات، وكان آخرها ما شهده حج هذا العام. الإسلام لم يكن يوماً ما ديناً متقوقعاً في أطر محددة، أو منغلقا على نفسه، بل هو الدين الوحيد الذي يمنح المخطىء في اجتهاده الأجر، وهذا دليل على تفتح الإسلام، والدفع بعلمائه نحو التجديد والبحث والاجتهاد، فإذا ما اجتهد العالم وأصاب فله أجران، وإذا ما أخطأ فله أجر، ومن ثم لم يضع الإسلام وصاية على العقل أو الفكر، ولم يوصد أمامه الأبواب، بل جعله طليقاً في مساحات شاسعة في إطار من الشرع، يتوافق مع ضرورات العصر، ومتطلبات الأمة. الإسلام دين يسر، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يسأل في أمر إلا أجازه، إلا أن يكون أمراً مخالفاً للشرع بصورة واضحة، فهل يعقل أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قابلاً بالوضع وببعض الفتاوى الحالية التي تصر على عدم جواز الرمي قبل الزوال، ويرى أرواحاً تزهق، ثم يصر على إبقاء رمي الجمرات خلال فترة محددة؟ إن دم المسلم مقدس ومقدم على أي شيء، فهدم الكعبة أهون عند الله من إراقة دم أمرىء مسلم، كما ورد ذلك في عدد من الأحاديث فيما معناه، فالله عز وجل ليس بحاجة إلى عبادتنا، وما الشعائر والنسك التي نقوم بها سواء في الحج أو في سائر العبادات الأخرى إلا تدليل على الانقياد لوحدانية الله عز وجل. آن الأوان لأن يفكر علماؤنا بالقضايا التي يعيشها المسلم في حياته اليومية، وأن يكونوا جزءاً أساسياً من حراك المجتمعات الإسلامية، بما فيها من قضايا مستحدثة، وأمور مستجدة، وأن يجمعوا الفقه مع العلم، فنحن نريد فقهاء يعرفون حاجات المسلم، وقريبين من المشاكل التي يتعرض لها المسلم، ويعرفون التحديات التي تواجه الإسلام، وتكون فتاواهم مبنية على قضايا العصر، وهذا لن يتأتى إلا من خلال معايشة الواقع، وملامسة آلام وآمال الشعوب، معاناتها الصغيرة قبل الكبيرة. لقد عارض العديد من العلماء فضيلة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود غفر الله له وطيب ثراه، الذي كانت له رؤية مستقبلية، مستنداً إلى أدلة شرعية في جواز الرمي قبل الزوال، واليوم الجميع مدعو للأخذ بهذه الفتوى العظيمة، والتيسير على المسلمين في تأدية مناسك الحج قدر الإمكان.