18 سبتمبر 2025
تسجيلدخل الحصار شهره السابع منذ كذبة سكاي نيوز أبوظبي ونشر تصريحات مفبركة، التي على إثرها اندلعت أزمة خليجية تحولت سريعًا إلى مسألة مقلقة دوليًا. وخلال ما مضى من وقت، قرأنا وشاهدنا وتابعنا صورا متنوعة من التضليل والدجل الإعلامي من جانب معسكر الرباعي المتأزم، الذي يزداد تأزمًا، ولاحظنا توجهاته لتحويل الحصار إلى أمر واقع، أو كما أطلق عليه سعادة وزير الخارجية القطري مصطلح (تطبيع الحصار).. فكيف سنتعامل نحن في قطر، حكومة وشعبًا مع هذا التوجه، الذي يبدو أنه هو الأقرب للواقع، خاصة بعدما تبين إفلاس الأمريكان في هذه الأزمة، وعدم ظهور مؤشرات إيجابية تدل على رغبة واضحة أكيدة، أو استعداد جاد لإنهاء الأزمة وغلق ملفها، ما يفيد أن قناعة أمريكية بصورة وأخرى، قد بدأت فعلها في وجدان أصحاب القرار في واشنطن، تدفعهم إلى إبقاء الحالة الراهنة للوضع بالخليج لفترة أخرى، فربما هي الأنسب لمصالحهم لحين من الدهر، قد يطول أو يقصر. محنة الحصار وإن لم نشعر به كثيرًا، لا نحن المواطنين ولا المقيمين معنا في هذا البلد الطيب، إلا أنها تسببت بدرجة وأخرى في إحداث بعض الآثار النفسية والاجتماعية على كثير من العائلات، جراء الحصار الجوي والبري والبحري المفروض منذ الخامس من يونيو الفارط. وتلك الآثار لا شك أنها مع الوقت ومع سياسة الأمر الواقع التي يريدها الرباعي المتأزم أن تتجذر وتتمكن، ستدفع بالأمور إلى مزيد تعقيد. التعقيدات المتوقع حدوثها وتأثيرها على العلاقات البينية وعلى كافة المستويات، ستكون دون شك دافعة للبدء بالتعامل معها بشكل مختلف، والتفكير في بدائل وحلول متنوعة لمواجهة مسألة العلاقات الاجتماعية مثلًا، التي تضرر منها كثير من العائلات، والبدء كذلك على المستوى السياسي عبر استثمار وجود قوى كبيرة في هذا العالم، والدخول معها على شكل أحلاف ومعاهدات مشتركة، عسكرية أو اقتصادية أو قانونية وغيرها.. والحديث يطول في هذا، لأن حديث اليوم سيقتصر على جانب واحد فقط، هو ما يتعلق بدور السفارات القطرية بالخارج، وكيفية استثمار وجودها بشكل يعود بكثير من النفع على الدولة، خاصة في وقت الأزمات. السفارات هي الواجهات الأولى للدولة في الخارج، وبالتالي لابد أن يكون فريق أي سفارة قطرية على درجة عالية من التأهيل والقدرات، ليكون دعمًا وسندًا للسفير في أداء مهامه على أكمل وجه. ولأننا منذ سبعة أشهر في مواجهة إعلامية وسياسية وقانونية بشكل واضح مع الرباعي المتأزم، ولحاجتنا إلى المزيد من شرح وجهات نظرنا تجاه هذه الأزمة للآخرين، وبيان الحقائق للغير، لابد أن نولي أهمية كبرى نحو إعادة التفكير في دعم سفاراتنا بالخارج بفرق مكونة من كوادر وطنية مؤهلة ومدربة في مجالات متنوعة، كالسياسة والإعلام والثقافة وغيرها من مجالات. إن ملحقًا ثقافيًا نشطًا مثقفًا وذكيًا اجتماعيًا في سفارة من سفاراتنا بالخارج على سبيل المثال، بإمكانه كسب الكثير من الرموز الثقافية، وبناء علاقات وارتباطات ثقافية حضارية مع المؤسسات المشتغلة في الشأن الثقافي، لاسيَّما في الدول المتقدمة التي تكون لتلك المؤسسات والرموز الثقافية شأن واعتبار. وقس على هذا ما يمكن أن يقوم به الملحق الإعلامي وبناء علاقات مع رموز ومؤسسات إعلامية وغيرها من مراكز بحوث ودراسات في مجال الإعلام. لهذا أرى الحاجة قد صارت ماسة لأن يكون في كل سفارة لنا بالخارج، فريق مكون من ملحق عسكري، ومثله ملحق ثقافي، إعلامي، اقتصادي وقانوني، وربما آخرون بحسب الحاجة في كل دولة، يساندهم فريق آخر إداري مدرب على التنسيق بين أعضاء هذا الفريق، للعمل معًا لتجسيد رؤية وتوجهات الدولة، وتكون مهمة الفريق الأساسية هي كسب شعب وحكومة كل دولة بها سفارة لقطر، ويمكن البدء بهذا العمل بشكل متدرج بحيث يتم دعم سفاراتنا في دول عدة من تلك التي تربطنا بها علاقات ومصالح مشتركة نشطة، ثم بعد ذلك ببقية السفارات وفق خطة زمنية محددة. ذلك أن بناء وتعزيز مثل هذه العلاقات مع الدول تُبنى بهدوء ووفق خطة إستراتيجية محكمة، والتي تتضح وتظهر فائدتها وجدواها وقت الأزمات والملمات. اليوم نجد الكثير من الكفاءات وخيرة أبناء الوطن وقد تقاعد الكثير منهم، إما بسبب الوصول للسن القانونية للتقاعد أو أسباب أخرى، وأمثال هؤلاء سيكونون خير من يمثلون وطنهم، كلٌ في تخصصه وبحسب خبراته السابقة. والميزة الجميلة في استثمار قدرات وخبرات المتقاعدين من جديد، هي في عدم الحاجة لكثير من الوقت نقضيها في مسألة التأهيل والإعداد، باعتبار أنهم أهل خبرة وبحاجة لبعض أدوات ومهارات دبلوماسية تتناسب مع وجودهم ضمن فريق دبلوماسي يمثل الوطن بالخارج. وأرجو الله في الختام أن يوفقنا لما فيه الخير والصلاح، فإنه بكل جميل كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.