20 سبتمبر 2025

تسجيل

وإذا استعـنت فاستعـن بالله

14 ديسمبر 2015

الاستعانة بغير الله نتائجها غير سارة، وإن كانت سارة فهي غير مضمونة الاستمرار وتكون غير ذي جدوى بعد حين من الدهر لا يطول.. هذا المفهوم لابد وأن يعمل أحدنا جهده لكي يترسخ في الذهن ويتجذر في النفس، فإن الذي خلقك هو الأدرى بك وبحاجياتك والوحيد القادر على أن يحقق لك ما ترغب إن كان فيه صلاحك. حديث ابن عباس يوضح هذا الأمر، فقد قال رضي الله عنهما: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف.وقد تجسّد المفهوم في مشهد بالغ الوضوح في قصة نبي الله يوسف عليه السلام، حين اطمأن إلى الذي فسر له رؤياه وهما بالسجن، واعتقد للحظات قصيرة بإمكانية نجاته مما هو فيه، ويتولد شعور خفي عنده وإمكانية أن يكون خلاصه على يد ملك مصر في ذاك الزمان، وأن نجاته قد يكون عبر ساقي الملك الذي سيكون قريباً من صاحب القرار، فيذكر له قصته ومظلوميته.حكمة الله اقتضت أن ينسى الساقي صاحبه في السجن، واشتغل والتهى في حياته وعمله بضع سنين.. فيما لبث واستمر نبي الله الكريم يوسف الصديق بالسجن في تلك الفترة، يعاني الظلم وأفعال الظالمين.. حيث يقول المفسرون إن واحدة من مكائد الشيطان ضد يوسف عليه السلام هو دفعه ولو لثوان معدودات، للاستعانة بغير الله في مسألة حياتية مهمة عنده يومذاك.. ونجح الشيطان في مكيدته ليوسف، فكانت النتيجة أن لبث في السجن سنوات أخرى، يعاني فيها القهر والحرمان.لقد أراد الله سبحانه في ذلك المشهد وغيرها من مشاهد سابقة ولاحقة، أن يعلم نبيه الكريم دروساً حياتية له ولكل من يأتي بعده إلى يوم الدين، أن الذي يحقق الحاجات هو الله ولا غيره سبحانه، وهو ما جاء في حديث خير المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم: ".. واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك.". وبهذا المفهوم حين يستقر بالقلب، ستطمئن النفس كثيراً، حيث جُل ما عليك هو الاستعانة به سبحانه في أي أمر دنيوي وأخروي، وكن لحوحاً في طلباتك ودعواتك لله، ولكن لا تكن عجولاً تيأس سريعاً.. هذه حقيقة حياتية تحتاج إلى كثير تدريب لكي تستقر في النفس إلى ما شاء الله لها أن تكون.