21 سبتمبر 2025

تسجيل

ودائع المصريين المصرفية تمول عجز الموازنة

14 ديسمبر 2011

يشير التوزيع النسبي لموارد البنوك المصرية إلى استحواذ الودائع على النصيب الأكبر من تلك الموارد، بنسبة 75 % من الإجمالي تليها حقوق الملكية بنسبة 6 %، والمخصصات 4 % والالتزامات تجاه البنوك بالداخل والخارج 3 % والسندات والاقتراض معا بنسبة 2 %، وذلك بنهاية يونيو الماضي حسب بيانات البنك المركزي المصري. وداخل الودائع البالغ مجموعها 965 مليار جنيه بنهاية يونيو الماضي. توجد ودائع حكومية قيمتها 117 مليار جنيه، وودائع غير حكومية قيمتها 848 مليار جنيه. ويشير التوزيع النسبي لنوعيات الودائع غير الحكومية إلى استحواذ ودائع القطاع العائلي أي الأفراد على نسبة 76 % من إجمالي تلك الودائع، يليها ودائع قطاع الأعمال الخاص بنسبة 19 %، وودائع قطاع الأعمال العام بنسبة 4 %، وودائع قطاع العالم الخارجي أي غير المقيمين بنسبة 1 %. وهكذا تشكل ودائع القطاع العائلي النسبة الأكبر من نوعيات الودائع التي تصل للبنوك، والتي بلغت أرصدتها 641 مليار جنيه بنهاية يونيو الماضي. ومن الطبيعي أن تقوم البنوك بتوظيف مواردها، حتى تعوض ما تدفعه للمودعين من عوائد وحتى تحقق أرباحا تزيد عما تدفعه للمودعين. وحسب بيانات يونيو الماضي تضمن التوزيع النسبي لأصول البنوك، والتي يشكل مجموعها أيضا نفس رقم مواردها. اتجاه نسبة 37 % من أصولها إلى القروض سواء للحكومة أو للقطاع الخاص أو القطاع العام معا. ثم نسبة 19 % للاستثمار في الأوراق المالية، أكثرها سندات ونسبة أقل في الأسهم. ثم نسبة 19 % لشراء أذون الخزانة الحكومية. ثم نسبة 17 % كأرصدة لدى البنوك بالداخل والخارج في صورة ودائع، ونسبة 1 % في صورة نقدية لمقابلة أية مسحوبات فجائية مطلوبة. ومن هنا نجد أن البنوك المصرية قد وجهت 5ر236 مليار جنيه من أصولها لشراء أذون الخزانة، وحوالي 175 مليار جنيه لشراء سندات الخزانة الحكومية، و40 مليار جنيه كقروض للحكومة، أي بإجمالي 452 مليار جنيه، تمثل قيمة ما قامت به البنوك التسعة والثلاثين العاملة بمصر لسد عجز الموازنة. وهذا بالطبع لا يدخل فيه قيمة ما يقوم به البنك المركزي من إقراض الحكومة. وهكذا ومن الناحية العملية فإن ودائع القطاع العائلي قد أسهمت بالجانب الأكبر في عملية سد عجز الموازنة، وسوف تستمر في أداء هذا الدور حيث لا يوجد بديل لها في ظل التوجه الحكومي بالاعتماد على الداخل لسد عجز الموازنة، وتقليل الاعتماد على الخارج في ظل رفض الاقتراض من صندوق النقد الدولي، كما أن ذلك الأسلوب مربح للبنوك ويمثل فرصة إنقاذ لها من مخاطر السوق المحلية العالية الحالية. وإذا كانت تلك هي الصورة داخل البنوك. فما هي الصورة داخل الموازنة الحكومية للعام المالي الحالي 2011/ 2012؟ لقد أشارت بيانات الموازنة الحقيقية، وليس الموازنة المغلوطة التي تم ترويجها إعلاميا، إلى أن الإنفاق المتوقع بالموازنة يصل إلى 594 مليار جنيه، بينما تصل الإيرادات المتوقعة 361 مليار جنيه. لتصل قيمة العجز المتوقع بالموازنة 233 مليار جنيه. ولقد أشارت البيانات التفصيلية التي نشرتها وزارة المالية على موقعها الإلكتروني، أن تمويل ذلك العجز البالغ بالتحديد 233 مليار و174 مليون جنيه، سيكون ما بين تمويل محلى بقيمة 233 مليار و80 مليون جنيه، وتمويل خارجي بقيمة 94 مليون جنيه فقط. كما أوضحت بيانات وزارة المالية تقسيما آخر لكيفية سد ذلك العجز بالموازنة، فذكرت أنه سيتم سداده من خلال إصدار أذون وسندات خزانة بقيمة 8ر218 مليار جنيه، واقتراض من مصادر أخرى بقيمة 14 مليار و280 مليون جنيه.. وهو ما يشير إلى أن اللجوء إلى وسيلة سد العجز من خلال إصدار الأذون والسندات تمثل نسبة 94 % من إجمالي قيمة سد العجز بالموازنة. وقد يرى البعض أن قيمة المطلوب إصداره من الأذون والسندات خلال العام والبالغ 219 مليار جنيه. أقل بكثير من قيمة ما تحوزه البنوك من تلك الأذون والسندات حاليا والبالغ 412 مليار جنيه، وهنا نشير إلى أن البنوك تساهم في سد عجز الموازنة للعام المالي الحالي. وأيضا لتغطية فوائد وأقساط الدين العام المحلى المتراكم الكبير، والتي بلغت أعباؤها بالموازنة الحالية مابين فوائد وأقساط 205 مليارات جنيه. حيث تخطت قيمة الدين العام المحلي التريليون جنيه في شهر يونيو الماضي كآخر أرقام معلنة لحجمه. ويصبح السؤال الأهم لدى جمهور المودعين بالبنوك، هل شراء البنوك لأذون الخزانة وسندات الخزانة لسد عجز الموازنة فيه خطر عليهم؟ والجواب أنه لا يوجد خطر، بل هو توظيف مضمون لأموال البنوك ومرتفع العائد، حيث تصل نسبة الفائدة عليه لحوالي 15 % حاليا، وهي نسبة قابلة للزيادة خلال الشهور القادمة، في ظل تراجع التصنيف الائتماني لمصر أكثر من مرة خلال العام الحالي. وحتى بعد خصم نسبة الضرائب البالغة 20 % على ذلك العائد، تتبقى نسبة 12%، وهي أعلى كثيرا مما يحصل عليه المودعون من فوائد على ودائعهم، وبالطبع هناك أضرار على الاقتصاد العام من ذلك التوجه المصرفي، حيث تعاني الشركات من صعوبة الحصول على التمويل، إلا أنه بالنسبة للمودعين مفيد في ظل ارتفاع العائد على الأوراق المالية الحكومية. ولذلك فقد أعادت الحكومة المصرية النظر في موقفها السابق بالاعتماد على تمويل عجز الموازنة من الداخل أساسا، بالتوجه للحصول على أموال من دول الخليج العربي لتمويل عجز الموازنة، والاستعداد لطرح سندات دولارية في الخارج، بما يتح لها سداد جانب من عجز الموازنة، وفي الوقت نفسه تعويض جانب من التراجع الكبير في أرصدة الاحتياطيات من العملات الأجنبية، في ظل تراجع قيمتها من 36 مليار دولار بنهاية العام الماضي، إلى 1ر20 مليار دولار بنهاية نوفمبر الماضي.